هل يتحدث أهل الجنة وهم فيها إلى أهل النار وهم فيها ؟
السؤال: 148143
الذي أفهمه أن أصحاب الجنة يتحدثون مع بعضهم البعض ، كذلك أصحاب النار يتحدث بعضهم إلى بعض ، لكن السؤال هو : ماذا لو أن شخصاً من أهل الجنة أراد التحدث إلى قريب له أو صديق كافر من أهل النار ؛ فهل هذا ممكن ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
كما يتحدث أهل الجنة إلى بعضهم ، ويتحدث أهل النار إلى بعضهم ، كذلك يتحدث أهل
الجنة إلى أهل النار ، وأهل النار إلى أهل الجنة ؛ فيزداد أهل الجنة فرحا بنعمة
الله عليهم بدخولهم الجنة ونجاتهم من النار ، ويزداد أهل النار ندامة وحسرة ؛ لفوات
الفضل وحصول العذاب .
قال تعالى : ( وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ
وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ
حَقًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى
الظَّالِمِينَ ) الأعراف / 44
وقال تعالى : ( وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا
عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ
حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ ) الأعراف / 50
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ” ينادي الرجلُ أخاه أو أباه ، فيقول : قد احترقت
، أفض عليَّ من الماء ! ، فيقال لهم : أجيبوهم ! فيقولون : ( إن الله حرمهما على
الكافرين )
وقال سعيد بن جبير : ” ينادي الرجل أخاه : يا أخي ، قد احترقتُ فأغثني ! فيقول : (
إن الله حرمهما على الكافرين ) .
“تفسير الطبري” (12 / 473-474)
وقال القرطبي رحمه الله :
” قيل : إذا صار أهل الأعراف إلى الجنة طمع أهل النار ، فقالوا : يا ربنا إن لنا
قرابات في الجنة ، فأْذَن لنا حتى نراهم ونكلمهم . وأهل الجنة لا يعرفونهم لسواد
وجوههم ، فيقولون :
( أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ
اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ ) “
“الجامع لأحكام القرآن” (7 / 215)
وقال تعالى : ( فَأَقْبَلَ
بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ . قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي
قَرِينٌ . يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ . أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا
تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ . قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ .
فَاطَّلَعَ فَرَآَهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ . قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ
لَتُرْدِينِ . وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ . أَفَمَا
نَحْنُ بِمَيِّتِينَ . إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ .
إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ . لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ
الْعَامِلُونَ ) الصافات/ 50 – 61 .
وروى أحمد في “الزهد” (ص 369) وابن المبارك في “الزهد” (64) وأبو نعيم في “الحلية”
(4 / 312) بسند صحيح عن الشعبي قال : ” يشرف أهل الجنة في الجنة على قوم في النار
فيقولون : ما لكم في النار ؟ وإنما كنا نعمل بما تعلمونا ! فيقولون : إنا كنا
نعلمكم ولا نعمل به ” .
وهذا من تمام نعمة الله على
أهل الجنة ، حيث يتعرفون على فضل الله العظيم عليهم ، وكرامته لهم ، بالفوز بالجنة
وما فيها من النعيم المقيم ، والنجاة من النار وما فيها من العذاب الأليم .
ومن تمام عذاب الكافرين وحسرتهم حيث يرون أهل الجنة يتنعمون ، وهم في العذاب
مشتركون .
فيقول أهل الجنة : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا
الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ )
الزمر / 74
( وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالُوا إِنَّا كُنَّا
قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ
السَّمُومِ ) الطور / 25 – 27
ويقول أهل النار : ( يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا
وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) الأنعام / 27]
وروى الطبري عن ابن عباس رضي الله عنه قال : ” نادى أصحاب الجنة أصحابَ النار أنْ
قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقًّا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقًّا ؟ قالوا : نعم . يقول :
من الخزي والهوان والعذاب . قال أهل الجنة : فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقًّا من
النعيم والكرامة “
“تفسير الطبري” (12 / 446)
وقال ابن عباس أيضا : ” السور بين أهل الجنة والنار ، فيفتح لأهل الجنة أبواب ،
فينظرون وهم على السُّرر إلى أهل النار كيف يعذّبون ، فيضحكون منهم ، ويكون ذلك مما
أقرّ الله به أعينهم ، كيف ينتقم الله منهم ” .
“تفسير الطبري” (24 / 304) .
ولتعلم أن هذا لا يورث أهل
الجنة حزنا على من كانوا أصدقاء وأقرباء لهم في الدنيا ، فكل الوصلات والعلاقات
والصداقات تنقطع يوم القيامة ، ولا يبقى إلا وصلة التقوى والعمل الصالح . قال الله
تعالى : ( الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا
الْمُتَّقِينَ ) الزخرف/67 .
وينظر: جواب السؤال رقم : (115480)
.
والله تعالى أعلم .
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
![answer](/_next/image?url=%2F_next%2Fstatic%2Fmedia%2Fanswer.91a384f1.png&w=64&q=75)
موضوعات ذات صلة