0 / 0

زوجته تريد منه العودة للعيش في أوربا حيث تسكن عائلتها

السؤال: 148290

أنا شاب متزوج و الحمد لله ، بعد الزواج بسنة انتقلت للعيش في بلد أوروبية ، وبعد 5 أشهر انتابني الشعور بالخوف من الموت ، وأصبحت أبكي في النهار والليل من شدة خوفي من الله ، ومن الموت .
لا أستطيع النوم ، وتحولت حياتي إلى جحيم ، الخوف امتلكني ، وأصبحت أخشى من كل يوم وليلة تمرّ عليّ ، وأصبحت حياتي الزوجية مهددة ، زوجتي أصبحت تخاف مني ، وأصبحت أهمل في واجباتي الزوجية مع زوجتي .
إلى أن رجعت أنا وزوجتي إلى بلدي ، وأصبحت والحمد لله في حال أحسن ، ولكن زوجتي لم يعجبها حياتنا في بلدي ، مع أنها عربية مسلمة ، و أصرت على العودة إلى أوروبا حيث تسكن عائلتها .
ووافقت على ذلك ، وأنا الآن سوف أعود إلى أوروبا ، ولكن أخشى أن يحدث ما حدث معي مرة أخرى .
أرجوكم أجيبوني في أقرب وقت ، قبل أن أذهب إلى أوروبا .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:
من المهم للمسلم في حياته أن يظل متذكرا للموت ، ليقطعه عن الانشغال بالحياة الدنيا وزينتها ، ويردّه إلى الآخرة وأعمالها ؛ ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ ) . يَعْنِي : الْمَوْتَ .
رواه الترمذي (2229) وقال : حديث حسن .
لكن ذكر الموت المطلوب ، والمرغوب فيه من الشرع ، هو كما قلنا نوع من الذكر الإيجابي ، يدفع إلى العمل للآخرة ، ويقطع عن معصية الله ، ويزعج صاحبه عن الركون إلى الدنيا وزينتها ، لكنه مع ذلك يعيش حياة متوازنة ، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يحياها ، وهو سيد الخائفن ، وسيد الذاكرين والطائعين ، وكما كان أصحابه معه ، ومن بعده يفعلون .
وحين رأى النبي صلى الله عليه وسلم من بعض أصحابه خللا في ذلك التوازن المطلوب في حياة المسلم ، غضب غضبا شديدا ، وعلمهم أن ذلك الانحراف عن التوازن المطلوب ، سوف يأخذ صاحبه بعيدا عن طريق النبي صلى الله عليه وسلم :
عن أَنَس بْن مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا ، فَقَالُوا : وَأَيْنَ نَحْنُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ ؟!!
قَالَ أَحَدُهُمْ : أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا ، وَقَالَ آخَرُ : أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلَا أُفْطِرُ ، وَقَالَ آخَرُ : أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا !!
فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ : أَنْتُمْ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا ؟!
أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ ، وَأَتْقَاكُمْ لَهُ ؛ لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ ؛ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي .
رواه البخاري (4675) ومسلم (2487) .
فهؤلاء الجماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لم ينتبهوا إلى مبدأ التوازن الذي يحكم حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، فتقالوا عبادته ؛ أي : اعتبروها قليلة ، واعتبروا هذه القلة مناسبة لحال النبي صلى الله عليه وسلم ، الذي غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر !!
لكن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرهم أن ذلك فهم خاطئ ؛ فالسبب فيما رأوه من حال النبي صلى الله عليه وسلم ، ليس هو مغفرة ما تقدم من نبه وما تأخر ؛ لأن هذه المغفرة ـ في حقيقة الأمر ـ تحتاج عبادة كاملة ، تأدية لواجب الشكر للغفور الرحيم ، وهو ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم فعلا ؛ لكن هذه العبادة التي رأوها من حال النبي صلى الله عليه وسلم ، هي المناسبة لحال التوازن في حياة المسلم ، بما يمنكه من أداء ما عليه من وواجبات ، وإعطاء كل ذي حقه .

ثانياً:
إذا تبين ذلك ، علمت أن الحالة التي أصابتك في هذه البلاد ، هي حالة مرضية ، من غير شك ، ولذلك أفسدت عليك عيشك ، وأضعفتك عن القيام بحقوقك تجاه الآخرين ، ومنهم زوجتك . وربما كان السبب في هذه الحالة التي انتابتك في البلاد التي كنت فيها ، ما تراه في هذا البلاد من الانحراف العظيم عن منهج والله وطريق الآخرة ، وما هم عليهم من الانهماك في الشهوات والملذات . ولذلك فقد أحسنت صنعا برجوعك إلى بلادك ، والحمد لله أن من عليك بالشفاء والعافية فيها .

ثالثاً:
الذي نراه لك أن تقنع زوجتك بصرف النظر عن الإقامة في هذه البلاد نهائياً  .
ثم إنك ـ كما هو مفهوم من سؤالك ـ لم تتزوجها هناك ، بل تزوجتها في بلدك ، والأصل بقاؤك في هذه البلد ، وليس من حقها أن تلزمك بالانتقال عنها إلى بلد أخرى ، لم تشترطها عليك ؛ فكيف إذا كان هناك ضرر عليك من الإقامة في هذه البلاد .

وأما أهلها فبإمكانها أن تتواصل معهم دائما ، وما أسهل وأكثر طرق التواصل اليوم .
ثم إنه بالإمكان أن تجلس معهم فترة إجازاتهم إذا كانوا يقضونها في بلدكم ؛ ثم لا بأس ـ إرضاء لزوجتك أيضا ـ أن تدع فرصة لك ولها لزيارة أهلها في هذه البلاد ، كلما سمحت لك ظروفك بذلك ، من غير ضرر عليك ؛ على أن يكون أصل الإقامة في بلادك التي تعيش فيها الآن ، وتستريح فيها ، ويمكنك أن تمارس حياتك ، وتؤدي واجباتك الدينية والدنيوية ، من غير بأس ولا ضرر .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android