0 / 0
11,47811/06/2010

أوقف مزرعةً ولم يحدد جهة صرفها قبل موته

السؤال: 148721

أوقف جدي رحمه الله مزرعة تزرع بطيخ ” حبحب ” على نزول الأمطار ، هل يحق لي الأكل من الإنتاج والتصدق والإهداء ؟ وماذا أفعل بالربح من بيع ” الحبحب ” ؟ وهل يحق لي أخذ مبلغ مقابل تعبي ؟ وكم نسبته إن كان يحق لي ؟ .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:
الناظر على الوقف له أن يأخذ أجرة مقابل عمله ورعايته للوقف .
فإذا كان الواقف قد نص على شيء معين له فهو له ، وإن لم يحدد له أجرة فالمرجع في تحديدها إلى القاضي الشرعي ، فإن تعذر وجود قضاء شرعي في البلد ، فعلى الناظر أن يتحرى العدل بقدر الإمكان ، وينبغي أن يستشير العقلاء وأهل العلم والخبرة حتى يكون أقرب إلى العدل ، وأبعد عن الظلم وأكل المال الحرام .

وقد جاءت السنة بجواز أخذ الواقف أجرة على عمله .
فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : (لاَ يَقْتَسِمُ وَرَثَتِى دِينَارًا ، مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِى وَمُؤْنَةِ عَامِلِى فَهْوَ صَدَقَةٌ) رواه البخاري (2624) – وبوَّب عليه : باب نفقة القيِّم للوقف – ومسلم (1760) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
“وهو دال على مشروعية أجرة العامل على الوقف ، والمراد بالعامل في هذا الحديث : القيم على الأرض ، والأجير ، ونحوهما” انتهى من “فتح الباري” (5/406) .

وجاء في “الموسوعة الفقهية” (44/210) :
“ذهب الفقهاء على أن الناظر على الوقف يستحق أجرة نظير قيامه بإدارة الوقف والعناية بمصالحه” انتهى .
وفيها أيضاً (44/211) :
“أجرة الناظر إما أن تكون مشروطة من قبل الواقف ، أو مقدرة من قبل القاضي .
فإن كانت الأجرة مشروطة من قبل الواقف : فإن الناظر يأخذ ما شرطه له الواقف ولو كان أكثر من أجر مثله ، وهذا ما ذهب إليه الحنفية والشافعية والحنابلة .
ونص الحنفية على أنه لو عين له الواقف أقل من أجر المثل فللقاضي أن يكمل له أجر مثله بطلبه” انتهى .

ثانياً:
يجوز للناظر أن يأكل من غلة الوقف بالمعروف ، وذلك بالقدر الذي جرت به العادة ، ويجوز له إطعام صديقه وضيفه منها ، ولا يجوز له أن يتمول من تلك الغلَّة لا لنفسه ولا لضيفه ولا لصديقه ، ومعنى التمول : التجميع والتخزين ، أو البيع وكسب المال من الغلة .
فعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : أَصَابَ عُمَرُ بِخَيْبَرَ أَرْضًا فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : أَصَبْتُ أَرْضًا لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ أَنْفَسَ مِنْهُ فَكَيْفَ تَأْمُرُنِي بِهِ؟ قَالَ : (إِنْ شِئْتَ حَبَّسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا) فَتَصَدَّقَ عُمَرُ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ أَصْلُهَا وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ ، فِي الْفُقَرَاءِ وَالْقُرْبَى وَالرِّقَابِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالضَّيْفِ وَابْنِ السَّبِيلِ ، لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ أَوْ يُطْعِمَ صَدِيقًا غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهِ . رواه البخاري (2620) ومسلم (1632) .

قال أبو العباس القرطبي رحمه الله :
“وقوله : (لا جناح على من ولِيها أن يأكل منها بالمعروف) هذا رفع للحرج عن الوالي عليها ، والعامل في تلك الصَّدقة في الأكل منها ، على ما جرت عادة العمَّال في الحيطان من أكلهم من ثمرها حالة عملهم فيها ، فإن المنع من ذلك نادر ، وامتناع العامل من ذلك أندر ، حتى إنه لو اشترط رب الحائط على العامل فيه ألا يأكل لاستُقْبِح ذلك عادةً وشرعاً .
وعلى ذلك : فيكون المراد بالمعروف : القدْر الذي يدفع الحاجة ، ويردُّ الشَّهوة ، غير أكل بسرفٍ ، ولا نَهْمةٍ ، ولا متخذًا خيانة ولا خُبْنَة” انتهى .
“المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم” (4/602 ، 603) .
الحيطان : البساتين .
الخبنة : ما يُحمل في الحِضن أو تحت الإبط .
وقال المباركفوري رحمه الله :
(غير متمول فيه) أي مدخر .
“تحفة الأحوذي” (4/521) .
وقال الصنعاني رحمه الله :
ولا يأخذ من غلَّتها ما يشتري بدله ملكاً ، بل ليس له إلا ما ينفقه .
” سبل السلام ” ( 3 / 88 ) .

ثالثاً:
إذا لم يحدد الواقف جهة لصرف الوقف ، فوقفه صحيح عند جمهور العلماء ، خلافاً للشافعية الذين قالوا ببطلانه ، وقد اختلف المصححون له في أوجه صرفه :
فأبو يوسف – من الحنفية – يقول : بأنه يُصرف إلى الفقراء .
وعند المالكية : يُصرف الوقف بحسب غالب الوقف في بلاد الواقف ، فإن لم يوجد غالب فيُصرف للفقراء .
وعند الحنابلة يُصرف الوقف إلى ورثة الواقف نسباً على قدر إرثهم ، ويكون وقفاً عليهم فلا يملكون نقل الملك في رقبته ، فإن عُدموا : فيُصرف للفقراء والمساكين وقفاً عليهم .
واختار ابن قدامة رحمه الله أنه يصرف إلى الفقراء ، فإن كان في أقارب الواقف فقراء فهم أحق به .
انظر : “الموسوعة الفقهية” (44/149 ، 150) ، و “أبحاث هيئة كبار العلماء” (5/95) .

وعلى هذا ، فهذا الوقف يصرف إلى أقارب الواقف الفقراء ، فإن فضل عنهم أو لم يكن أحد من أقاربه فقراء صرف إلى غيرهم من فقراء المسلمين ، وذلك لأن الفقراء هم مصرف الصدقات .
والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android