هل يسن للمسافر قبل أن يخرج من بيته للسفر أن يصلي ركعتين تسمى بسنة السفر؟
هل يسن للمسافر أن يصلي ركعتين في بيته قبل أن يخرج؟
السؤال: 149125
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
جاءت بعض الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بمشروعية هذه الصلاة ، إلا أنها لا تسلم من شيء من الضعف .
روى ابن أبي شيبة في “المصنف” (4912) ط الرشد :
عَنِ الْمُطْعِمِ بْنِ الْمِقْدَامٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ( مَا خَلَفَ عَبْدٌ عَلَى أَهْلِهِ أَفْضَلَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ يَرْكَعُهُمَا عِنْدَهُمْ حِينَ يُرِيدُ سَفَرًا) .
وهذا الحديث ضعيف لإرساله ، قال ابن مفلح رحمه الله ـ الفروع (2/408) : ” منقطع ” انتهى ـ وقد ضعفه الشيخ الألباني رحمه الله في “الضعيفة” (372) .
وجاء في “الموسوعة الفقهية” (42 / 373) :
” يُسْتَحَبُّ لِلشَّخْصِ عِنْدَ إِرَادَتِهِ الْخُرُوجَ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ لِمَا رَوَى أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن النبي صلى الله عليه وسلم قَال : (مَا اسْتَخْلَفَ عَبْدٌ فِي أَهْلِهِ مِنْ خَلِيفَةٍ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ يُصَلِّيهِنَّ فِي بَيْتِهِ إِذَا شَدَّ عَلَيْهِ ثِيَابَ سَفَرِهِ)” انتهى باختصار .
وهذا الحديث ضعيف أيضاً .
ضعفه العراقي في “تخريج الإحياء” (5/129) ، وقال الألباني في “الضعيفة” (5840) : ” ضعيف جدا ” .
وروى البزار في “مسنده” (8567) والبيهقي في “الشعب” (3078) والسمعاني في “الأنساب” (3 / 479) من طريق يحيى بن أيوب عن بكر بن عَمْرو عن صفوان بن سليم – قال بكر : حسبته عَن أبي سلمة ، عَن أبي هُرَيرة ، عَن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا خرجت من منزلك فصل ركعتين تمنعانك مخرج السوء ، وإذا دخلت منزلك فصل ركعتين تمنعانك مدخل السوء ) .
وهذا حديث مختلف فيه ، قال البزار عقبه :
” وهذا الحديث لاَ نعلمُهُ يُرْوَى عَن أبي هُرَيرة إلاَّ من هذا الوجه ” انتهى .
وقال المناوي :
” قال ابن حجر : حديث حسن ، ولولا شك بكر لكان على شرط الصحيح . وقال الهيتمي : رجاله موثقون” انتهى .
“فيض القدير” (1 / 430) .
وحسنه الألباني في “صحيح الجامع” (505) .
والأقرب – والله أعلم – أن الحديث لا يصح ؛ وذلك لثلاث علل فيه :
1 – بكر بن عمر لم يوثق توثيقا معتبرا ، قال أبو حاتم شيخ . وقال الحاكم سألت الدارقطني عنه فقال ينظر في أمره . وقال ابن القطان : لا نعلم عدالته . وذكره ابن حبان في الثقات .
“تهذيب التهذيب” (1 / 426)
2 – ويحيى بن أيوب تكلم فيه غير واحد من أهل العلم : منهم الإمام أحمد والنسائي والساجي وأبو أحمد الحاكم والدارقطني وغيرهم . وقال ابن سعد منكر الحديث .
“تهذيب التهذيب” (11 / 164)
3 – شك بكر بن عمرو فيه – مع ما فيه من الكلام – حيث قال : ” حسبته عَن أبي سلمة ، عَن أبي هُرَيرة ، عَن النبي صلى الله عليه وسلم ” .
وقد تعقب العلامة الشيخ عبد الرحمن المعلمي رحمه الله تحسين الحافظ ابن حجر لهذا الحديث ، فقال :
” بكر لم يوثقه أحد ، وليس له في البخاري إلا حديث واحد ( متابعة، وقد أخرجه البخاري من طريق أخرى ) كذا قال ابن حجر نفسه في مقدمة الفتح ص (391) وليس له عند مسلم إلا حديث واحد … ، ثم أخرجه مسلم من وجه آخر، فروايته عن بكر في معنى المتابعة ، وليس له عند مسلم غيره ، كما يعلم من الجمع بين رجال الصحيحين ، ففي تحسين حديثه نظر، كيف وقد شك فيه ؟ مع أن الراوي عنه يحيى بن أيوب ، هو الغافقي . راجع ترجمته في مقدمة الفتح ” انتهى من “تحقيق الفوائد المجموعة” (56-57) .
ومع ضعف الأحاديث الواردة في شأن هذه الصلاة ، إلا أن كثيراً من العلماء قالوا بمشروعيتها ، ولعل سبب ذلك ، تعدد الأحاديث الواردة فيها ، مع ورود ذلك أيضاً عن بعض الصحابة رضي الله عنهم .
وقد بوب ابن أبي شيبة في “مصنفه” (2 / 81) :
” الرجل يريد السَّفَرَ ، مَنْ كَانَ يسْتَحبُّ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ قَبْلَ خُرُوجِهِ ” .
وروى فيه حديث المطعم بن مقدام السابق . ثم روى هذه الصلاة عن علي وابن عمر والحارث بن أبي ربيعة رضي الله عنهم ، وذكر أن الحارث صلى هذه الصلاة ، وصلى معه نفر منهم الأسود بن يزيد .
وقد ذكر استحباب هذه الصلاة غير واحد من أهل العلم ، من المذاهب الأربعة .
جاء في”حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح” ـ من كتب الأحناف ـ (401) ـ في ذكر الصلوات المستحبة :
“من المندوب … الصلاة إذا نزل منزلا ، فيستحب أن لا يقعد حتى يصلي ركعتين كما في السير الكبير ، وكذا إذا أراد سفرا أو رجع ” انتهى .
وجاء في كتاب ” الفواكه الدواني” ـ من كتب المالكية ـ (1/375) :
” يُسْتَحَبُّ إذَا خَرَجَ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ لِمَا فِي الطَّبَرَانِيِّ … ” .
وجاء في ” المجموع شرح المهذب” للنووي ـ من كتب الشافعية ـ (4/387) :
” يُسْتَحَبُّ إذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْ مَنْزِلِهِ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ” انتهى . ونحوه في “الأذكار” له (278) ، وينظر :”إحياء علوم الدين” (1/205-206) .
وجاء في “الفروع” لابن مفلح ـ من كتب الحنابلة ـ :
” وَلَمْ يَذْكُرْ أَكْثَرُهُمْ صَلَاة مَنْ أَرَادَ سَفَرًا وَيَأْتِي فِي أَوَّلِ الْحَجِّ . وَعَنْ مُطْعِمِ بْنِ الْمِقْدَامِ (مَا خَلَّفَ عَبْدٌ عَلَى أَهْلِهِ أَفْضَلَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ يَرْكَعُهُمَا عِنْدَهُمْ حِينَ يُرِيدُ سَفَرًا) مُنْقَطِعٌ . “وَعَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ (إذَا خَرَجْت فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ) رَوَى ذَلِكَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ ” “الفروع” (2/408) .
وقال في الموضع المحال عليه في الحج :
” وَيُصَلِّي فِي مَنْزِلِهِ رَكْعَتَيْنِ ” انتهى (5/298) .
راجع لمعرفة آداب السفر جواب السؤال رقم : (41734) .
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة