أنا شاب أعزب ملتزم والحمد لله بالسنة أحفظ القرآن على يد شيخ متقن للقراءات من أهل السنة أحفظ الآن 6 أجزاء . إمام المسجد في حينا يتغيب أحيانا ويوكلني في الصلاة بدلا منه ولكن أهل المسجد لا يعجبهم ذلك ويقولون إنه لا تصح إمامتي لهم لأني غير متزوج ويقولون إن الزواج نصف الدين فبهذا أكون بنصف دين (كما يقولون) . ويقولون إنهم كارهون لإمامتي لهم . فهل بهذا ينطبق علي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم : (ثلاثة لا نجاوز صلاتهم رؤوسهم)؟ وهل يشترط أن يكون الإمام متزوجا كما يقولون ؟
هل من شروط الإمام أن يكون متزوجاً؟
السؤال: 149501
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
لا حرج عليك في الإمامة وإن لم تكن متزوجا ؛ فالزواج ليس شرطا في صحة الإمامة .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
بصفتي أنا إمام المسجد بإحدى القرى المغربية ، وأريد منكم معشر السادة العلماء بتعريف عام عن الإمامة ؟ لأنني غير متزوج ، هل إمامتي هذه ناقصة أم لا ؟ وهل يجوز لي أن أؤم بالناس في صلاة الجمعة ؟
فأجابوا :
"تجوز إمامة الأعزب غير المتزوج ، وليست صلاته ناقصة ، وكذلك تجوز إمامته للجمعة وخطبته لها ؛ لما روى أبي مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله تعالى ، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة ، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة ، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلما – أي : إسلاما) وفي رواية : (سنا) الحديث رواه مسلم (673)" انتهى .
ثانيا :
حيث وكلك الإمام الراتب بالإمامة في حالة غيابه ، وكنت جديرا بها : فلا يجوز لأحد أن يمنعك منها ؛ لأنك حينئذ تقوم مقام الإمام .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
ما حكم من وكله الإمام بالمسجد للصلاة بهم ، وعندما حضر الوكيل للصلاة منعه المؤذن للصلاة ، وأقام رجلاً آخر ، وعلة المؤذن في ذلك قلة علم الموكَّل ؟
فأجاب :
"هذه في الواقع جناية من المؤذن ، المؤذن ليس له دخل في الإمامة إطلاقاً ، الإمامة أمرها إلى الإمام ، وليس أحد من الناس يعجز عن أن يؤم الناس ، القراءة الفاتحة وما تيسر ، كل يقرؤها الحمد لله .
فأرى أن هذا المؤذن – هداه الله عما يستقبل ، وعفا عما سلف – أنه أخطأ ، وتجرأ على حق الإمام ، وليس له الحق أن يقيم الآخر .
وعلى رأي بعض العلماء تكون صلاتهم باطلة ، وصلاة الذي أمهم باطلة ؛ لأنه ليس إماماً راتباً ، ولا نائباً عن الإمام الراتب ، لكن نرى أن الإمامة صحيحة إن شاء الله ، قصدي أن الصلاة صحيحة ، وأن الفعل محرم .
ثم هذا الذي أقامه المؤذن كان يجب عليه أن يقول : لا ، لا أصلي ووكيل الإمام موجود ؛ لأن وكيل الإمام قائمٌ مقام الإمام ، فبلِّغ هذا المؤذن أن يتوب إلى الله ويستغفر الله ، وألا يعود لمثلها " انتهى .
"لقاء الباب المفتوح" (139 / 32)
ثالثا :
كراهتهم لإمامتك لا عبرة بها ؛ حيث كانت بسبب غير شرعي .
روى الترمذي (360) وحسنه عن أبي أُمَامَةَ رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (ثَلَاثَةٌ لَا تُجَاوِزُ صَلَاتُهُمْ آذَانَهُمْ : الْعَبْدُ الْآبِقُ حَتَّى يَرْجِعَ ، وَامْرَأَةٌ بَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَلَيْهَا سَاخِطٌ ، وَإِمَامُ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ) وحسنه الألباني في "صحيح الترمذي" .
قَالَ الْخَطَّابِيّ : " يُشْبِه أَنْ يَكُون الْوَعِيد فِي الرَّجُل لَيْسَ مِنْ أَهْل الْإِمَامَة فَيَقْتَحِم فِيهَا وَيَتَغَلَّب عَلَيْهَا حَتَّى يَكْرَه النَّاس إِمَامَته , فَأَمَّا إِنْ كَانَ مُسْتَحِقًّا لِلْإِمَامَةِ فَاللَّوْم عَلَى مَنْ كَرِهَهُ دُونه "
انتهى من "عون المعبود" (2/213) .
وقال ابن قدامة في "المغني" (2/32) :
" إِنْ كَانَ ذَا دِينٍ وَسُنَّةٍ فَكَرِهَهُ الْقَوْمُ لِذَلِكَ , لَمْ تُكْرَهْ إمَامَتُهُ . قَالَ مَنْصُورٌ : أَمَا إنَّا سَأَلْنَا أَمْرَ الْإِمَامَةِ , فَقِيلَ لَنَا : إنَّمَا عَنَى بِهَذَا الظَّلَمَةَ فَأَمَّا مَنْ أَقَامَ السُّنَّةَ فَإِنَّمَا الْإِثْمُ عَلَى مَنْ كَرِهَهُ "
انتهى .
وقال الشوكاني رحمه الله :
" قيد ذلك جماعة من أهل العلم بالكراهة الدينية لسبب شرعي ، فأما الكراهة لغير الدين فلا عبرة بها " انتهى .
"نيل الأوطار" (3 / 216).
رابعا : قولهم : " الزواج نصف الدين " له شاهد في الشرع :
فروى الحاكم (2681) عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه ، فليتق الله في الشطر الثاني )
وحسنه الألباني في "صحيح الترغيب" (1916)
وقال المناوي رحمه الله :
" وذلك لأن أعظم البلاء الفادح في الدين شهوة البطن وشهوة الفرج ، وبالمرأة الصالحة تحصل العفة عن الزنا وهو الشطر الأول ، فيبقى الشطر الثاني وهو شهوة البطن ، فأوصاه بالتقوى فيه لتكمل ديانته وتحصل استقامته " انتهى .
"فيض القدير" (6 / 177).
ولكن ذلك لا يعني كراهة إمامة الأعزب ولا يعني أن غير المتزوج ليس بكامل الدين ، وخاصة إذا كان غير قادر على الزواج .
فإذا كان الرجل عفيفاً فلا يضره عدم الزواج .
والله تعالى أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب