سؤالي عن الصدقة الجارية: هل إذا كان والدي -رحمه الله و موتى المسلمين- يدفع زكاة ماله لبعض الفقراء و أنا أعلمهم ، هل يجوز لي أن أعطيهم أنا نفس المبلغ بنية أن يكون صدقة جارية يصل بإذن الله ثوابها له على أن يكون هذا المبلغ من زكاة مالي أيضاً؟
هل يجوز أن تخرج المال بنية الزكاة عنها والصدقة الجارية عن والدها
السؤال: 149910
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
تجوز الصدقة عن الغير ، سواء كانت صدقة جارية أو منقطعة ، والصدقة الجارية هي الوقف ، وهي ما يبقى أصله ، ويُنتفع بغلته وثمرته ، كأن يقف الإنسان بيتا يسكنها الفقراء ، أو يستفيدون من أجرتها ، أو يقف مصاحف وكتبا للعلم ، أو يبني مسجدا ، أو يحفر بئرا يشرب منها الناس ، فهذه هي الصدقة الجارية .
وأما إعطاء طعام أو نقود للفقير ، فهذه صدقة منقطعة وليست جارية ، وفي كلٍّ خيرٌ .
وقد روى مسلم (1630) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ أَبِي مَاتَ وَتَرَكَ مَالا وَلَمْ يُوصِ ، فَهَلْ يُكَفِّرُ عَنْهُ أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ .
وروى مسلم أيضاً (1004) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أَنَّ رَجُلا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ أُمِّيَ افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا ( أي : ماتت فجأة ) ، وَإِنِّي أَظُنُّهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ ، فَلِي أَجْرٌ أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهَا ؟ قَالَ : نَعَمْ .
قال النووي رحمه الله :" وَفِي هَذَا الْحَدِيث جَوَاز الصَّدَقَة عَنْ الْمَيِّت وَاسْتِحْبَابهَا ، وَأَنَّ ثَوَابهَا يَصِلهُ وَيَنْفَعهُ ، وَيَنْفَع الْمُتَصَدِّق أَيْضًا ، وَهَذَا كُلّه أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ " انتهى .
وينظر جواب سؤال رقم : (122361) .
وعليه ، فلا حرج عليك أن تتصدقي بشي من مالك عن أبيك ، سواء كان صدقة جارية أو منقطعة ، لكن لا يغني ذلك عن زكاتك ، ولا يصح الجمع بينهما ، لأن الزكاة فريضة لابد منها ، وهي فريضة عن الإنسان لا تصح أن تكون عنه وعن غيره ، وأما الصدقة فتطوع ، ويجوز أن يجعل الإنسان ثوابها مشتركا بينه وبين غيره ، كأن يكون له نصف ثوابها ، ولغيره النصف ، كما نص عليه الإمام أحمد رحمه الله . قال ابن القيم رحمه الله : " ووجه هذا : أن الثواب ملك له فله أن يهديه جميعه ، وله أن يهدى بعضه . يوضحه أنه لو أهداه إلى أربعة مثلا يحصل لكل منهم ربعه ، فإذا أهدى الربع وأبقى لنفسه الباقي جاز كما لو أهداه إلى غيره " انتهى من "الروح" ص 132 .
والحاصل : أنه تجب عليك الزكاة في مالك ، وتعطيها المستحقين ، بنية الزكاة ، لا بنية الصدقة عنك ولا عن والدك .
ثم يستحب أن تتصدقي بشيء من مالك عن أبيك .
وإعطاؤك الزكاة لمن كان يزكي عليهم والدك ، أمر حسن محمود ، لما فيه من صلة من كان يصلهم الوالد ، فلا يشعرون بفقده ، ويستمرون في الدعاء له ولك ، وكذلك إن جعلت الصدقة فيهم .
ونسأل الله أن يعينك ويوفقك للبر والإحسان والخير .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة