0 / 0

حديث مكذوب في كتب الشيعة أن حلاوة العسل إنما تخلق من الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم وآله

السؤال: 152138

أحب أن أعرف مدى صحة ذلك الحديث ، مع الرد بالتفصيل ، وجزاكم الله خيرا:
( خرج النبي محمد صلى الله عليه يوما في الطريق للجهاد ، وبعد اختيار موقع المعركة قال لأصحابه : كلوا مما تريدون . وما إن بدؤوا في تناول طعامهم حتى قال أحد الصحابة : يا رسول الله ! ليس هناك شيء نأكله مع الخبز . ثم رأى الصحابي نحلة تحوم محدثة جلبة بالقرب ، فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم : لماذا تحدث النحلة هذا الصوت ؟ فأجاب النبي صلى الله عليه وسلم : إنها تقول : إن رفقاءها من النحل منزعجون ، لأن الصحابة لا يجدون ما يأكلونه مع الخبز ، وأن لديهم منحل عسل قريب في الكهف ، لكنهم لا يستطيعون حمله للصحابة .
فأشار النبي صلى الله عليه وسلم : يا علي ! اتبع تلك النحلة واجلب لنا العسل .
فتبعها علي ، وأحضر وعاء من العسل ، وبمجرد أن انتهى الصحابة من الأكل ، جاءت النحلة وطافت محدثة جلبة مرة أخرى .
فسأل أحد الصحابة : يا رسول الله ! لماذا هذا ؟ فأجاب النبي صلى الله عليه وسلم : لقد سألتُ النحلة عن طعامها ، فكان جوابها أن طعامها من الأزهار في التلال والغابات ، فعدت وسألتها : أيتها النحلة ! إن كان طعامك من الأزهار والورود وهو مر ، فكيف يتحول إلى عسل حلو ؟
قالت : يا رسول الله ! لأن من بيننا ملكة غنية تصلي وتسلم عليك ، وكل النحل الباقي يصلي ويسلم عليك فيتحول الحامض والمذاق الغير حلو والمر من رحيق الأزهار إلى شراب حلو بسبب أجر الله من الدعاء ، حتى يتحول هذا الشراب إلى عسل يعالج كل الأمراض عدا الموت )

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

لا أصل لهذا الحديث في كتب السنة والآثار ، ولم يذكره أحد من أهل العلم ، لا مُقرا ولا آثرا ، وإنما تتناقله بعض كتب الرافضة التي ينتشر فيها الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ككتاب ” خزينة الجواهر ” (ص/586) لعلي أكبر نهاوندي ، وهو كتاب مليء بالخرافات والأقاصيص التي لا سند لها ولا زمام ، وإنما يبدو أنها من وضع عوام الشيعة ، فيثبتها علماؤهم في كتبهم ، فهم يستحلون الكذب في مثل هذه الأحاديث ، ولا يرعوون عن ذكرها والاستشهاد بها.

وأما أهل السنة فهم حريصون كل الحرص على نقاء الكتب من الأحاديث التي لا أصل لها ، وأقاموا لذلك علوما عظيمة أُنفقت فيها الأعمار والأموال على مدى أربعة عشر قرنا من الزمان ، فلا يروج على علمائنا أمثال هذه الأحاديث ، وإن كنا نؤمن أن الصلاة والسلام على النبي وآله من أفضل الأعمال عند الله ، ولها فضائل ثابتة كثيرة ، يمكن مراجعتها في كتاب ” جلاء الأفهام ” للعلامة ابن قيم الجوزية ، ولكنا نقف عند حدود الله ، ولا نفتري الكذب عن فضائل الأعمال التي لم ترد بها الأدلة الصحيحة .

يقول ابن حجر الهيتمي رحمه الله :

” فإن زعم هؤلاء الجهلة الكذبة على الله ورسوله وعلى أئمة الإسلام ومصابيح الظلام أن هذه الأحاديث صحت عندهم ؟

قلنا لهم : هذا محال في العادة ، إذ كيف تتفردون بعلم صحة تلك ، مع أنكم لم تتصفوا قط برواية ، ولا صحبة محدث ، ويجهل ذلك – يعني الحديث المكذوب المذكور في كتبكم – مهرة الحديث وسبَّاقه الذين أفنوا أعمارهم في الأسفار البعيدة لتحصيله ، وبذلوا جهدهم في طلبه ، وفي السعي إلى كل من ظنوا عنده شيئا منه ، حتى جمعوا الأحاديث ، ونقبوا عنها ، وعلموا صحيحها من سقيمها ، ودوَّنُوها في كتبهم على غاية من الاستيعاب ، ونهاية من التحرير .

وكيف والأحاديث الموضوعة جاوزت مئات الألوف ، وهم مع ذلك يعرفون واضع كل حديث منها ، وسبب وضعه الحامل لواضعه على الكذب والافتراء على نبيه ، فجزاهم الله خير الجزاء وأكمله ، إذ لولا حسن صنيعهم هذا لاستولى المبطلون والمتمردة المفسدون على الدين ، وغيروا معالمه ، وخلطوا الحق بكذبهم حتى لم يتميز عنه ، فضلُّوا وأضلُّوا ضلالا مبينا .

لكن لما حفظ الله على نبيه شريعته من الزيغ والتبديل ، بل والتحريف ، وجعل من أكابر أمته في كل عصر طائفة على الحق ، لا يضرهم من خذلهم ، لم يبال الدين بهؤلاء الكذبة المبطلة الجهلة ، ومن ثم قال : ( تركتكم على الواضحة البيضاء ، ليلها كنهارها ، ونهارها كليلها ، لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك )

ومن عجيب أمر هؤلاء الجهلة : أنا إذا استدللنا عليهم بالأحاديث الصحيحة…أتوا بأخبار باطلة كاذبة متيقنة البطلان ، واضحة الوضع والبهتان ، لا تصل إلى درجة الأحاديث الضعيفة التي هي أدنى مراتب الآحاد ، فتأمل هذا التناقض الصريح ، والجهل القبيح ، لكنهم لفرط جهلهم وعنادهم وميلهم عن الحق يزعمون التواتر فيما يوافق مذهبهم الفاسد وإن أجمع أهل الحديث والأثر على أنه كذب موضوع مختلق ، ويزعمون فيما يخالف مذهبهم أنه آحاد وإن اتفق أولئك على صحته ، وتواتر رواته ، تحكما وعنادا ، وزيغا عن الحق ، فقاتلهم الله ما أجهلهم وأحمقهم ” انتهى باختصار.

” الصواعق المحرقة ” (1/124)

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android