0 / 0

هل يصح نسبة ” قبر هابيل ” في ” دمشق ” لصاحبه ؟

السؤال: 152368

قمتُ مرة بزيارة الدولة الحبيبة ” سوريا ” ، ومما أذهلني أني رأيت قبر ” هابيل ” ، كيف ظلَّ القبر بعد الطوفان ؟ وما الذي أعلَم الناس بهذا ؟ .
وأسأل الله أن يوفقكم .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

كثر الكذب وانتشرت الخرافات في كثير من أقطار الدنيا بوجود قبر نبي أو ولي في بقعة معينة ، وبُني على ذلك ما نراه من بناء القباب عليها ، والطواف حولها ، والذبح عندها ، والنذر لها ، وكل ذلك مصادم للتوحيد ، يوقع فاعله في البدعة والضلالة والشرك الأكبر .
ولا يستطيع أحد الجزم بكثير من تلك القبور القديمة – بل أكثرها – أنها بعينها لأصحابها ، ولما كانت تلك القبور من أعظم مصادر الدخل للسدنة وشيوخ الطرق والطوائف والبطالين : فقد كثر الزعم بوجود نبي أو ولي في تلك البقعة المعينة ، ونُسجت القصص والحكايات والخرافات حول ما يكتسبه الزائر والناذر لها ، والذابح عندها ؛ حتى يعود ذلك بالنفع على أولئك السدنة الكذبة ، ولذلك فلا نعجب عندما نعلم ادعاء أكثر من قبر في أكثر من بلد للشخص نفسه ! كمكان أهل الكهف وما فيه من قبور ، ومكان رأس الحسين ، وقبر هود عليه السلام ، ومنه أيضاً ما جاء في السؤال من مكان دفن هابيل ، فقد زُعم أنه في ” الأردن ” وفي ” سوريا ” وفي ” كردستان العراق ” ! وهذا مما يدل على كذب تلك المزاعم ، وأنها ما نسبت تلك البقعة لقبر هابيل إلا من أجل النفع المادي ؛ فإنه يستحيل على أحد الجزم بأن ما يزعمه من تلك البقعة أنها مكان دفن هابيل أو غيره ممن مات من آلاف السنين ولم يُعرف أين مات أصلاً ، ولو عرف البلد الذي مات فيه فلا تُعرف البقعة التي دفن فيها ، ولو عرفت البقعة لما جاز ما يحصل عندها من الشرك والضلال .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – :
“وقد نعلم من حيث الجملة أن الميت : قد توفي بأرض ولكن لا يتعين أن تلك البقعة مكان قبره : كقبر ” بلال ” ونحوه بظاهر دمشق ، وكقبر ” فاطمة ” بالمدينة ، وأمثال ذلك ، وعامة من يصدِّق بذلك يكون علم به : إما مناماً ، وإما نقلاً لا يوثق به ، وإما غير ذلك ، ومن هذه القبور ما قد يتيقن ، لكن لا يترتب على ذلك شيء من هذه الأحكام المبتدعة” .انتهى من ” مجموع الفتاوى ” ( 27 / 170 ) .

وهابيل لا يُعرف البلد الذي مات فيه أصلا ، فضلاً عن معرفة البقعة التي دفن فيها ، وإحياء هذه القبور والمشاهد المختلَقة إنما هو لتسويق الشرك والبدع المغلَّظة والانتفاع المادي من القائمين عليها ، وكان الذي بدأ بتسويق هذا الشرك ونشره بين المسلمين : الباطنية والرافضة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – :
“ولم يكن في العصور المفضلة ” مشاهد ” على القبور ، وإنما ظهر ذلك وكثر في دولة ” بني بويه ” لما ظهرت القرامطة بأرض المشرق والمغرب ، كان بها زنادقة كفار مقصودهم تبديل دين الإسلام ، وكان في ” بني بويه ” من الموافقة لهم على بعض ذلك ، ومن بدع الجهمية والمعتزلة والرافضة ما هو معروف لأهل العلم ، فبنوا المشاهد المكذوبة ” كمشهد علي ” – رضي الله عنه – وأمثاله ، وصنف أهل الفرية الأحاديث في زيارة المشاهد والصلاة عندها والدعاء عندها وما يشبه ذلك ، فصار هؤلاء الزنادقة وأهل البدع المتبعون لهم يعظمون المشاهد ويهينون المساجد ، وذلك : ضد دين المسلمين ، ويستترون بالتشيع ، ففي الأحاديث المتقدمة المتواترة عنه من تعظيم الصدِّيق ، ومن النهي عن اتخاذ القبور مساجد ، ما فيه رد لهاتين البدعتين – أي : التشيع وتعظيم القبور – اللتين هما أصل الشرك وتبديل الإسلام” .
انتهى من ” مجموع الفتاوى ” ( 27 / 167 ، 168 )

ولذا لا نشك للحظة أن هذا القبر مكذوب مختلق ؛ وأنه إنما أُظهر لنشر الشرك بين الناس ، وللانتفاع من ورائه بالمال ، ونقطع أنه لم يكن يُعرف في زمان الصحابة والتابعين ، وقد فتح المسلمون ” دمشق ” وحكَّموا الإسلام فيها ، ولم يكن لذلك القبر المزعوم وجود فيها البتَّة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – :
“عامَّة أمر هذه القبور والمشاهد مضطرب مختلق لا يكاد يوقَف منه على العلم إلا في قليل منها بعد بحث شديد ؛ وهذا لأن معرفتها وبناء المساجد عليها ليس من شريعة الإسلام ، ولا ذلك من حكم الذِّكر الذي تكفل الله بحفظه حيث قال : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) ، بل قد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عما يفعله المبتدعون عندها ، مثل قوله الذي رواه مسلم في صحيحه عن جندب بن عبد الله قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس وهو يقول : ( إنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُم كَانُوا يَتَّخِذُون القُبورَ مَسَاجِدَ أَلاَ فَلاَ تَتَّخِذُوا القُبُورَ مَسَاجِدَ فَإِنِّي أَنْهَاكُم عَن ذَلك ) ، وقال : ( لَعَنَ الله اليَهُودَ والنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِم مَسَاجِدَ ) – متفق عليه – .
وقد اتفق أئمَّة الإسلام على أنه لا يشرع بناء هذه المشاهد على القبور ، ولا يشرع اتخاذها مساجد ، ولا يشرع الصلاة عندها ، ولا يشرع قصدها لأجل التعبد عندها بصلاة أو اعتكاف أو استغاثة أو ابتهال أو نحو ذلك ، وكرهوا الصلاة عندها ، ثم إن كثيراً منهم قال : إن الصلاة عندها باطلة لأجل نهي النبي صلى الله عليه وسلم عنها” . انتهى من” مجموع الفتاوى ” ( 27 / 447 ، 448 ) .
وانظر جوابي السؤالين ( 131781 ) و ( 119178 ) .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android