0 / 0

معاناة زوجة نصرانية من زوجها (المسلم) ! الظالم لها المسيء لعشرتها

السؤال: 152584

أنا سيدة مسيحية ، ولاتقولوا إن المسيحيين كفار لأني أنا أحس نفسي أفضل من آلاف من المسلمين الذين يتنصبون بالدين الإسلامي ويعلقون أغلب أغلاطهم ومتحججين بالدِّين !
علماً أن زوجي مسلم ولي أربعة أولاد مسلمين ربَّيتهم على الفضيلة وخوف رب العالمين منهم بنتان شابتان ومحجبتان ، ولي ولدان أصغر منهما أتقياء يحترمون كل الشعائر والطقوس الدينيه للمسلم والمسيحي ! علما أن لي زوجاً لا يخاف الله ، يسب ويشتم كل الأنبياء والأديان ، عيشتي معه جحيم ، له زوجة – ابنة خالته – تعمل السحر ، وخربت بيتي ، وتؤمن بالشر والتعويذه ، وتُهجِّم على بيتي بسببها ، وليس عندها ذرية ، تشبهه في جميع النواحي : من الكذب والرياء ، منافقة وتدعي بالدين لكن لا تملك أي نقطة في بحر الدين من مودة ورحمة ، جاءت إلى أوربا ، أمرها أن تنزع الحجاب لغرض أن يدخلها على الملاهي والأماكن الجنسية ، كرهتُها وكرهت كل مسلم متلون ، الآن أنا في مشاكل مع زوجي باستمرار ، ورمى عليَّ يمين الطلاق ، وهو لايريدني ، لكن أريد أن يحررني ، فهو محتفظ بي لغرض الخدمة وتربية أطفالي .
السؤال هو : 20 مرة رمى يمين الطلاق عليَّ هل أنا محرَّمه عليه ؟ وهو مقاطعني فترة 5 أشهر ، بعيد عني بالفراش والمأكل والمعيشة ، ماذا أفعل ؟ أغيثوني الله يرضى عليكم ، علماً أني على ديني ، وهو على مذهب الحنفي ! .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

نحن نقدِّر ما تعانين منه من ذلك الزوج الظالم لك المقصِّر في أداء حقوقه تجاهك ، وفي الوقت نفسه نود تنبيهك على بعض التنبيهات – وفيها الإجابة على أسئلتك – :
1. قولك لنا ” لا تقولوا إن المسيحيين كفار ” : هذا أمره ليس لنا ، ولسنا نحن الذين كفَّرنا اليهود والنصارى والمجوس والصابئة ، بل الله تعالى هو الذي حكم بكفر أولئك ، وهو الذي أخبر بأنه لا يقبل غير الإسلام ديناً بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه رسول إلى أهل الأرض جميعاً ، قال تعالى ( وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) آل عمران/ 85 ، وقال تعالى ( لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ . أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ . مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ) المائدة/ 73 – 75 .
واعذرينا ـ يا أمة الله ـ إذا كنا قلنا كلاما لا تحبين سماعه ، ونؤكد لك أنه لم يكن من شأننا وأنت تسألينا وتبثين لنا شكواك أن نقول لك : إنك كافرة ، أو غير ذلك ؛ فإن هذا لا علاقة له بالحكم بين الخصوم ، ولا بيان حكم الله فيما سألت عنه ؛ قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) المائدة/8 .
2. نحن لا ننكر أن يوجد من غير المسلمين من هو أحسن خلقاً من كثير المسلمين ، لكن لن يكون خيراً منهم ديناً ! ونحن كما ندعو المسلمين أصحاب الظلم والشرور أن يحسِّنوا أخلاقهم لينفذوا ما أمرهم الله تعالى به : ندعو كذلك أصحاب الأخلاق الحسنة أن يكمِّلوا ذلك بتحسين دينهم .
واعلمي أن أصحاب الأخلاق الجميلة من أولئك الناس غير المسلمين للأسف لم تكن أخلاقهم كذلك مع رب النَّاس ! لأنهم يسبُّون الله تعالى في الحقيقة حينما يدَّعون له الولد ! أو أنه ثمة إله معه تعالى عما يقولون علوّاً كبيراً ، فمن قال إن عيسى هو الله أو ابن الله فهو ساب وشاتم لله تعالى أعظم السب والشتم ، وماذا تنفعه أخلاقه الجميلة مع الخلق في الوقت الذي يسيء إلى رب الخلق جميعاً ؟! .
لذا فإننا ندعوكِ – صادقين – أن تعيدي النظر في عقيدتك وأن تعلني التوحيد والشهادة لله تعالى وحده بأنه الرب الإله لا إله ولا رب سواه ، والشهادة لمحمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة ، وبذلك تكونين جمعتِ بين الخيرين .
3. ما تعانين منه من ظلم زوجك له ليس لأنه مسلم ! لأن الإسلام يأمر المسلمين بإحسان العشرة لزوجاتهم ، وليس لأنك غير مسلمة لأن الإسلام لم يفرِّق في ذلك الإحسان الواجب في عشرة الزوجة بين المسلمة والكتابية ، بل لعلَّ الإحسان للكتابية أن يكون الحث عليه أولى ؛ لبيان أخلاق الإسلام لهنَّ فلعلَّ الله تعالى أن ينقذها من النار بسببه .
فما تعانين منه إنما سببه بُعد زوجك عن دينه ، فالرجل متى كان متمسكاً بدينه ، حسنت أخلاقه وأعطى كل ذي حقٍّ حقَّه ، فليته كان مطبِّقاً لإسلامه إذن لرأيتِ ما يسرك من حسن المعاملة ومن الرحمة والمودة .
4. ما تعانين منه من زوجك من ظلم وبؤس تعاني منه زوجات مسلمات أيضاً من أزواجهم المسلمين! وتعاني منه زوجات نصرانيات ، أو من أية ملة كُنَّ ، من أزواج يوافقونهن في نفس الدين ؛ فالقضية إذا ليست في أن أخلاق المسلمين هكذا ، ولا في أن الإسلام يقبل مثل ذلك الظلم والعدوان ، بل هي في الخلل في إسلام ذلك الشخص ، والتزامه بدينه ، وربما كان ذلك الخلل ضاربا بجذوره عند الرجل ، حتى كان خللا في أصل إيمانه ، نسأل الله العافية .
5. إذا ثبت سبُّ زوجكِ للأنبياء وسبِّه لدين الإسلام : فهو مرتد ، وهذا الذي قلناه لك من أن كثيرا من الناس يكون الخلل في أصل إيمانه ، ودخوله في نطاق المسلمين ، نسأل الله السلامة ؛ وحينئذ يكون نكاحه مفسوخا ، بغض النظر عن أيمان الطلاق التي أوقعها عليك ؛ فإن وقوعه في الردة يوجب فسخ نكاحه ، سواء كانت زوجته مسلمة أو كتابية ، وليقرأ ما قاله علماء الحنفية الذين ينتسب لمذهبهم كذباً وزوراً .
قال الإمام السرخسي الحنفي رحمه الله :
” وإذا ارتدَّ المسلم : بانت منه امرأته ، مسلمة كانت أو كتابية ، دخل بها أو لم يدخل بها ، عندنا ” انتهى من “المبسوط” (5/49) .
ولا يحتاج هذا الحكم – في الأصل – لقضاء ، وتستحقين مهركِ كاملاً .
وفي ” الموسوعة الفقهية ” ( 22 / 198 ) :
” قال الحنفية : إذا ارتد أحد الزوجين المسلمين : بانت منه امرأته ، مسلمة كانت أو كتابية ، دخل بها أو لم يدخل ؛ لأن الردة تنافي النكاح ، ويكون ذلك فسخاً عاجلاً لا طلاقاً ، ولا يتوقف على قضاء .
وإن كان – أي : الردة – بعد الدخول : فلها المهر كله ” انتهى مختصراً .

6. وأما إذا كان الحال كما ذكرت من أنه طلقك عشرين مرة ، فهذا دليل آخر على أن هذا الرجل لا يبالي بدينه شيئا ، ولا حرمة لأحكام إسلامه عنده ، فقد كان يكفيه ثلاث مرات ، لتكوني محرمة عليه ، وبقاؤك معه بعد ذلك ، بل قبل ذلك ، بمجرد ردته ، أو طلاقه لك ثلاثا ، محرم عليكما ، فعليك تخليص نفسك بما تستطيعنه من طرق ، إما برفع أمره لقاض شرعي ، أو مركز إسلامي ، أو غير ذلك من الهيئات الإسلامية ، فإن لم يتيسر ذلك فافعلي ذلك أمام المحاكم القانونية .
والمهم أن تعلمي أن الإسلام ليس هو السبب في سوء معاملته لك ، وأن الإسلام قد أنصفكِ ، وها هو يحكم عليه بالردة ، ويوجب فسخ نكاحك ويفك قيدك ، وها هو يوجب عليه المهر كاملاً يدفعه لك .
وتأملي ـ يا أمة الله ـ هذا الموقف الذي نقصه عليك :
لقد كان بين نبي الله صلى الله عليه وسلم ويهود خيبر معاملة ، يحق له ـ بموجبها ـ نصف غلة الزرع وما يخرج من أرض خيبر ؛ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ ـ أحد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ـ يَأْتِيهِمْ فِى كُلِّ عَامٍ فَيَخْرُصُهَا عَلَيْهِمْ ـ يعني : يقدر كمية الزروع والثمار التي تحصلت لهم ـ ثُمَّ يُضَمِّنُهُمُ الشَّطْرَ ـ يعني : يلزمهم ، ويحكم عليهم به ـ فَشَكَوْا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِى عَامٍ شِدَّةَ خَرْصِهِ ، وَأَرَادُوا أَنْ يَرْشُوهُ !!
فَقَالَ عبد الله بن رواحة : يَا أَعْدَاءَ اللَّهِ ؛ تُطْعِمُونِى السُّحْتَ ؟! وَلَقَدْ جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَىَّ ـ يعني : النبي صلى الله عليه وسلم ـ ، وَلأَنْتُمْ أَبْغَضُ إِلَىَّ مِنْ عِدَّتِكُمْ مِنَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ ؛ وَلاَ يَحْمِلُنِى بَغُضِى إِيَّاكُمْ ، وَحُبِّى إِيَّاهُ ، عَلَى أَنْ لاَ أَعْدِلَ عَلَيْكُمْ !!
فَقَالُوا : بِهَذَا قَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ !!
رواه ابن حبان (11/607) والبيهقي (6/114) وإسناده صحيح .
نسأل الله أن يهدي قلبك لما يحبه ويرضاه ، ويشرح صدرك بنور الإسلام ، ويفرج كربك ، ويذهب عنك الأذى .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android