هل يجوز أن اصلي لسترة رجل أمامي وهو مقبل بوجهه وجسده إلي فهل يجب أن أضع سترة بيني وبينه حتى لا تكون صلاتي وسجودي كأنه له أم أنه لا يؤثر ذلك مع الدليل وشكرا.
كراهية الصلاة إلى إنسان يستقبله بوجهه
السؤال: 153757
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
ينبغي أن لا يصلى المسلم بمكان وأمامه ما يشغله ؛ لما رواه البخاري (752) ومسلم (556) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي خَمِيصَةٍ لَهَا أَعْلَامٌ فَقَالَ : (شَغَلَتْنِي أَعْلَامُ هَذِهِ) .
قال ابن حجر رحمه الله :
” يُسْتَنْبَط مِنْهُ كَرَاهِيَة كُلّ مَا يَشْغَل عَنْ الصَّلَاة مِنْ الْأَصْبَاغ وَالنُّقُوش وَنَحْوهَا ” انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” يستفاد من هذا الحديث أن كل شيء يلهي المصلى من تمام صلاته ويشغله فإنه ينبغي اجتنابه ” انتهى .
“فتاوى نور على الدرب” – لابن عثيمين (129 /37) .
فإذا صلى وأمامه إنسان جالس : فإن كان جالسا موليه ظهره فلا بأس من اتخاذه سترة ، إذا كان لا يشوش عليه بصوت أو حركة .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
” لو صلى إنسان إلى إنسان قدامه جالس أو مضطجع لم يضره ذلك ” انتهى .
“مجموع فتاوى ابن باز” (29 /330) .
أما إذا كان مستقبل وجهه فيكره له الصلاة إليه ، ويستحب له اتخاذ سترة أخرى بعيدة عنه .
قال ابن قدامة رحمه الله في “المغني” (2/39) :
” َيُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ مُسْتَقْبِلًا وَجْهَ إنْسَانٍ ; لِأَنَّ عُمَرَ أَدَّبَ عَلَى ذَلِكَ . وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ ( أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي حِذَاءَ وَسَطِ السَّرِيرِ , وَأَنَا مُضْطَجِعَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ , تَكُونُ لِي الْحَاجَةُ فَأَكْرَهُ أَنْ أَقُومَ فَأَسْتَقْبِلَهُ , فَأَنْسَلَّ انْسِلَالًا ) . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . وَلِأَنَّهُ شِبْهُ السُّجُودِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ ” انتهى .
وفي لفظ عند أحمد (23633) : ( رُبَّمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ وَأَنَا عَلَى السَّرِيرِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ فَتَكُونُ لِي الْحَاجَةُ فَأَنْسَلُّ مِنْ قِبَلِ رِجْلِ السَّرِيرِ كَرَاهِيَةَ أَنْ أَسْتَقْبِلَهُ بِوَجْهِي ) .
قال ابن رجب رحمه الله :
” وهذا يدل على أنها كانت تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكره أن يستقبله أحد بوجهه وهو يصلي ، وكان ذلك ليلا ، ولم يكن في البيوت مصابيح ، كما صرحت به عائشة في حديثها الآخر ، فدل على كراهة استقبال المصلي وجه إنسان ” انتهى .
“فتح الباري” ـ لابن رجب (2 /689) .
وروى ابن أبي شيبة (2895) بسند حسن عَنْ نَافِعٍ قَالَ : ( كَانَ ابْنُ عُمَرَ إذَا لَمْ يَجِدْ سَبِيلاً إلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ ، قَالَ لِي : وَلِّنِي ظَهْرَك ) .
وقال ابن بطال رحمه الله :
” ذهبت طائفة من العلماء إلى أن الرجل يستر الرجل إذا صلى ، إلا أن أكثرهم كره أن يستقبله بوجهه ” انتهى .
“شرح صحيح البخارى” (2 /139) .
وجاء في “الموسوعة الفقهية” (24 /178-179) :
” ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ : الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّة وَالْحَنَابِلَةُ ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى صِحَّةِ الاِسْتِتَارِ بِالآْدَمِيِّ فِي الصَّلاَةِ ، وَذَلِكَ فِي الْجُمْلَةِ ، لَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي التَّفَاصِيل :
……….. وَأَمَّا الصَّلاَةُ إِلَى وَجْهِ الإِْنْسَانِ فَتُكْرَهُ عِنْدَ الْجَمِيعِ” انتهى .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب