أنا – والحمد لله – متمسكة ومواظبة على الأذكار ، إلى أن جاءتني صديقتي وقالت لي : إن بعض الأذكار ضعيفة الإسناد ، وأشارت إليها ، فوجدت أن أذكاري قد تقلصت ، ولزمني الشك .
طلبي هو أن أزيل الشك , ما هي الأذكار أكيدة الإسناد ؟
أصابها الشك في أذكار الصباح والمساء بسبب ما سمعته من عدم ثبوت بعضها
السؤال: 153792
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
من نعم الله على العبد أن يوفقه لطاعته ، وييسر له أمر عبادته ، ويجعل قلبه معلقا بذكره ، في صباحه ومسائه ، وقيامه وقعوده ، ونومه ويقظته ، وفي جميع شأنه ، والعبد الذي وفقه الله لهذه الطاعة حري به أن يشكر هذه النعمة ، ويستحضر أن الله أكرمه بها وغيره محروم ، وأنه عز وجل يذكره في الملأ الأعلى وغيره لا تفتح له أبواب السماء كما قال سبحانه : ( فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ ) البقرة/152
فالحذر كل الحذر من تثبيط الشيطان ، وقعوده للعبد الذاكر كلَّ مرصد ، فيوسوس له ترك الأذكار التي حافظ عليها بحجة تضعيف بعض المحدثين لها ، فنحن لا نرى هذا إلا من تلبيس إبليس على العباد ، يريد أن يضلهم سواء السبيل ، ويسكت ألسنتهم عن ذكر الله عز وجل .
ويكفي أن يعلم الذاكر أن المسلم لا يطالب – كي يحقق عبادة الذكر – أن يبلغ درجة الاجتهاد في علم الحديث الشريف ، فيحقق السنة ، ويميز الصحيح فيها من الضعيف ، فذلك أمر شاق لا يجب على الأعيان ، وإنما يجب على الكفاية ، وإنما فرض المسلم العامي هو الحرص على الالتزام بالأوراد التي يصححها بعض أهل العلم وإن ضعفها آخرون ، فإذا تحرى كتب السنة والأذكار المحققة فقد أدى ما عليه ، ورفع الحرج عن نفسه ، وامتثل قول الله عز وجل : (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) النحل/43.
فضلا عن أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقرر – في أكثر من موضع من كتبه – أنه يجوز العمل بالحديث الضعيف رجاء ما ورد فيه من الأجر ، طمعا بكرم الله وسعة جوده ، بشرطين اثنين :
أن تكون العبادة الواردة في الحديث مستحبة أصلا بأدلة ثابتة في الشرع ، ولا تشتمل على
تفاصيل غير واردة في السنة الصحيحة .
ألا يكون الحديث موضوعا أو مكذوبا .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” إذا ثبت أن العمل مستحب بدليل شرعي ، وروي له فضائل بأسانيد ضعيفة : جاز أن تروى إذا لم يعلم أنها كذب .
وذلك أن مقادير الثواب غير معلومة ، فإذا روي في مقدار الثواب حديث لا يعرف أنه كذب ؛ لم يجز أن يُكذِّب به ، وهذا هو الذي كان الإمام أحمد بن حنبل وغيره يرخصون فيه وفي روايات أحاديث الفضائل ، وأما أن يثبتوا أن هذا عمل مستحب مشروع بحديث ضعيف ، فحاشا لله ” انتهى.
” مجموع الفتاوى ” (10/408) ، وينظر أيضا : “مجموع الفتاوى” (18/67) .
والخلاصة :
أننا نحذرك من التقصير فيما اعتدت عليه من الأذكار الشرعية بسبب توهم الضعف في بعضها لأسباب عدة :
أنه يكفي الوقوف على تصحيح بعض أهل العلم لهذه الأذكار ، كما يكفي أخذها من كتب
الحديث المعتبرة المحققة كي يشرع للمسلم العمل بها ، ونحن نحيلك هنا إلى قسم
“الأذكار الشرعية” لتجدي فيه الكثير من الأذكار الصحيحة إن شاء الله تعالى .
وبإمكانك أيضا أن تعتمدي على كتاب ” حصن المسلم ” وهو من أوسع كتب الأذكار
انتشارا ، أو ” صحيح الكلم الطيب ” للشيخ الألباني رحمه الله .
ثم إنه على فرض ضعفها – ولم تبلغ درجة الوضع ، أو الضعف الشديد – فإنه يجوز
للمسلم العمل بها ؛ لأنها – في أغلبها – ليس فيها استحداث عبادة غير مشروعة ، وإنما
تشتمل على أجور خاصة لأذكار مشروعة ، فلا حرج على المسلم أن يأتي بهذه الأذكار ،
ما دام أصلها ثابتا .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب