0 / 0

حديث لا أصل له أن عمر بن الخطاب قتل الرجل الذي وجد مع امرأته رجلاً آخر

السؤال: 155111

أهمني حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، في معناه : أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره أنه وجد امرأته تزني ، فطلب منه النبي صلى الله عليه وسلم إعادة النظر ، وتكرر الأمر ثلاثاً ، وفي الأخيرة طلب منه أن يأتي عُمر ويقص عليه ذلك ، فلما فعل ضرب عُمر عنقه .
أفيدونا بارك الله فيكم في صحة هذا الحديث .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

لم نقف على هذا الحديث بعد البحث عنه فيما بين أيدينا من كتب السنة أو الكتب التي اعتنت بنقل آثار الصحابة الكرام رضوان الله عليهم ، أو الكتب التي اعتنت بتوثيق فقه عمر بن الخطاب رضي الله عنه وبيان سياسته وأقضيته .
والذي يغلب على الظن أن هذه القصة مكذوبة لا أصل لها .
ثم إن هذه الرواية الواردة في السؤال لم تذكر سبب قتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذلك الرجل ، بل ظاهرها يدل على أنه لا ذنب له ، ولم يفعل ما يستحق أن يقتل عليه ، وإنما كان يشكو للنبي صلى الله عليه وسلم حال امرأته ووقوعها في الفاحشة .

ثانياً :
لعله اختلط على من كتب هذا الحديث أو حَدّث به ، لعله اختلط عليه بحديث آخر يُروَى عن أبي الأسود قال : ( اختصم رجلان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى بينهما ، فقال الذي قضى عليه : ردنا إلى عمر بن الخطاب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : انطلقا إليه .
فلما أتيا إليه قال الرجل : يا ابن الخطاب ! قضى لي رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا فقال : ردنا إلى عمر . فردنا إليك . فقال : أكذاك ؟ فقال : نعم . فقال عمر : مَكَانَكُمَا حتى أخرج إليكما فأقضي بينكما .
فخرج إليهما مشتملاً على سيفه ، فضرب الذي قال : رُدَّنا إلى عمر . فقتله ، وأدبر الآخر فاراً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ! قتل عُمَر والله صاحبي ، ولولا أني أعجزتُه لقتلني . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما كنت أظن أن يجترئ عُمَر على قتل مؤمن . فأنزل الله : ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ ) الآية ، فهدر دم ذلك الرجل ، وبرئ عمر من قتله ، فكره الله أن يسن ذلك بعد ، فقال : ( وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا ) النساء/66. )
رواه ابن أبي حاتم في ” التفسير ” وسنده ضعيف ، وقد ضعفه الحافظ ابن كثير بقوله :
“وهو أثر غريب ، وهو مرسل ، وابن لهيعة ضعيف” انتهى من ” تفسير القرآن العظيم ” (2/351) .
وله شاهد آخر مرسل ، يرويه ضمرة بن حبيب : ( أن رجلين اختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقضى للمحق على المبطل ، فقال المقضي عليه : لا أرضى . فقال صاحبه : فما تريد ؟ قال : أن نذهب إلى أبي بكر الصديق . فذهبا إليه فقال الذي قضي له : قد اختصمنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقضى لي عليه ؟ فقال أبو بكر : فأنتما على ما قضى به النبي صلى الله عليه و سلم . فأبى صاحبه أن يرضى وقال : نأتي عمر بن الخطاب . فأتياه ، فقال المقضي له : قد اختصمنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقضى لي عليه فأبى أن يرضى ، ثم أتينا أبا بكر الصديق فقال : أنتما على ما قضى به النبي صلى الله عليه وسلم . فأبى أن يرضى ، فسأله عمر ؟ فقال : كذلك . فدخل عمر منزله فخرج والسيف في يده قد سله فضرب به رأس الذي أبى أن يرضى فقتله ، فأنزل الله تبارك وتعالى : ( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) النساء/65 ) .
رواه ابن دحيم في ” تفسيره ” – كما نقله الحافظ ابن كثير في ” تفسير القرآن العظيم ” (2/351) – قال : حدثنا شُعَيب بن شعيب ، حدثنا أبو المغيرة ، حدثنا عتبة بن ضَمْرَة ، حدثني أبي به .
وسنده ضعيف ، فضمرة بن حبيب توفي سنة (130هـ) ، لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم ، وغالب روايته عن التابعين وليست عن الصحابة رضوان الله عليهم ، فالسند غير متصل .

والحاصل : أن هذا الحديث أيضا لا يصح ، ولكنه – مع غرابته – يمكن حمله على وجه مقبول ، وهو أن من يرفض حكم النبي صلى الله عليه وسلم ولا يرضى به ، ويبحث عن حاكم غيره عليه الصلاة والسلام من فعل ذلك ليس بمسلم ، ويكون مرتداً ، وعقوبة المرتد القتل .
أما الحديث الذي ذكره السائل فليس فيه ما يبيح قتل هذا الرجل حسب الرواية التي ذكرت في السؤال .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android