0 / 0

قواعد نافعة في أسماء الله وصفاته ، وهل ” الناسخ ” من أسمائه تعالى ؟

السؤال: 155206

قال الله تعالى ( ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير ) فهل نأخذ من هذه الآية اسم " الناسخ " ونضيفه لله سبحانه وتعالى ؟ وهل النسخ صفة من صفات الله تعالى لأن الله أضاف النسخ إليه ؟ وهل الآية إذا نُسخت نقول بأن كلام الله نُسخ أو منسوخ ، هل يجوز ذلك ؟ وهل الله ينسخ ما يشاء من كلامه ؟ .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:
النسخ في نصوص القرآن والسنَّة ثابت في شرع الله تعالى ، وأجمع عليه أهل السنَة والجماعة في الجملة ، ونعم يقال إن كلام الله تعالى فيه ناسخ ومنسوخ ، وكذا يقال في كلام رسوله صلى الله عليه وسلم إن فيه ناسخاً ومنسوخاً ، وتجد أدلة ذلك وتفصيله في جواب السؤال رقم ( 105746 ) .
ثانياً:
عقيدة أهل السنَّة والجماعة في أسماء الله تعالى أنها توقيفية ، فلا يجوز لأحدٍ أن يسمِّي الله تعالى باسم لم يسمِّه نفسَه ، أو لم يسمَّه به رسولُه صلى الله عليه وسلم ، ولا مجال للعقل ولا للذوق ولا للرأي ولا للاجتهاد في إثبات أسمائه تعالى ، بل تثبت أسماؤه بنصوص الكتاب والسنَّة الصحيحة .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – :
وعلى هذا فيجب الوقوف فيها على ما جاء به الكتاب والسنَّة ، فلا يزاد فيها ولا ينقص ؛ لأن العقل لا يمكنه إدراك ما يستحقه تعالى من الأسماء ، فوجب الوقوف في ذلك على النص ، لقوله تعالى : ( وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ) الإسراء/ 36 وقوله : ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ) الأعراف/ 33 ، ولأن تسميته تعالى بما لم يُسَمِّ به نفسه أو إنكار ما سمَّى به نفسه جناية في حقه تعالى ، فوجب سلوك الأدب في ذلك ، والاقتصار على ما جاء به النص .
" القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى " ( ص 13 ) .

ثالثاً:
من قواعد أهل السنَّة والجماعة في باب الأسماء والصفات : أن أسماءه تعالى أخص من صفاته ، وأن صفاته أخص من أفعاله ، فالأوسع مجالاً هي الأفعال ، والأضيق هي الأسماء ، وأنه لا يجوز إثبات اسم لله تعالى من صفة ثابتة له ، ولا من فعلٍ نسبه لنفسه ، بينما تُثبت الصفة له تعالى من أسمائه ، ويؤخذ الفعل من كثير من صفاته . .
وأسماؤه تعالى تدل على ذاته ، وعلى صفة ، وعلى فعل – أحياناً كثيرة وذلك بحسب الاسم هل هو لازم أو متعدي – ، وأما صفاته فتدل على معنى وعلى فعل – بحسب الصفة – ، فاسمه " الرحمن " دلَّ على ذاته ، وعلى صفة " الرحمة " وعلى فعل ، فيقال " يرحم من يشاء من عباده " .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – :
فأسماؤه كلها متفقة في الدلالة على نفسه المقدسة ، ثم كل اسم يدل على معنى من صفاته ليس هو المعنى الذي دل عليه الاسم الآخر ، فـ " العزيز " يدل على نفسه مع عزته ، و " الخالق " يدل على نفسه مع خلقه ، و " الرحيم " يدل على نفسه مع رحمته ، ونفسه تستلزم جميع صفاته ، فصار كل اسم يدل على ذاته ، والصفة المختصة به بطريق المطابقة ، وعلى أحدهما بطريق التضمن ، وعلى الصفة الأخرى بطريق اللزوم .
" مجموع الفتاوى ( 7 / 185 ) .
وقال ابن القيم – رحمه الله – :
الاسم إذا أطلق عليه جاز أن يُشتق منه المصدر والفعل ، فيُخبر به عنه فعلاً ومصدراً ، نحو " السميع " " البصير " " القدير " يطلق عليه منه : السمع والبصر والقدرة ، ويُخبر عنه بالأفعال من ذلك نحو ( قد سمع الله ) المجادلة/ 1 ، ( وقدرنا فنعم القادرون ) المرسلات/ 23 ، هذا إن كان الفعل متعديّاً ، فإن كان لازماً : لم يُخبر عنه به نحو " الحي " بل يطلق عليه الاسم والمصدر دون الفعل ، فلا يقال : حيِيَ! .
" بدائع الفوائد " ( 1 / 170 ) .

رابعاً:
لا يجوز أن يُثبت أحدٌ اسماً لله تعالى من صفة له ، أو من فعل ، فلا يقال إنه " الباسط " اشتقاقاً من فعله " يبسط " أو من صفة " البسط " له عز وجل ، ولا يقال هو " المؤتي " أو " النازع " استدلالاً بقوله تعالى ( تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ ) آل عمران/ 26 .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – :
باب الصفات أوسع من باب الأسماء ؛ وذلك : لأن كل اسم متضمن لصفة – كما سبق في القاعدة الثالثة من قواعد الأسماء – ، ولأن من الصفات ما يتعلق بأفعال الله تعالى ، وأفعاله لا منتهى لها ، كما أن أقواله لا منتهى لها ، قال الله تعالى ( وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) لقمان/ 27 .
ومن أمثلة ذلك : أن من صفات الله تعالى : المجيء ، والإتيان ، والأخذ ، والإمساك ، والبطش ، إلى غير ذلك من الصفات التي لا تحصى ، كما قال تعالى : ( وَجَاءَ رَبُّكَ ) الفجر/ 22 ، وقال : ( هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ ) البقرة/ 210 ، وقال : ( فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ ) آل عمران/ 11 والأنفال/ 52 وغافر/ 21 ، وقال : ( وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ إِلاّ بِإِذْنِهِ ) الحج/ 65 ، وقال : ( إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ ) البروج/ 12 ، وقال : ( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) البقرة/ 185 ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ينزل ربنا إلى السماء الدنيا ) – متفق عليه – .
فنصف الله تعالى بهذه الصفات على الوجه الوارد ، ولا نسميه بها ، فلا نقول : إن من أسمائه الجائي ، والآتي ، والآخذ ، والممسك ، والباطش ، والمريد ، والنازل ، ونحو ذلك ، وإن كنا نخبر بذلك عنه ونصفه به .
" القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى " ( ص 21 ) .

وبناء على ما سبق : فقوله تعالى ( نَنْسخ ) هو من أفعاله تعالى ، لكن لا يجوز أن يُسمَّى الله تعالى " الناسخ " ؛ لأن أسماءه تعالى توقيفية ، وهذا الاسم لم يرد في الكتاب والسنَّة ، ولأنه لا يجوز اشتقاق الأسماء من الصفات ، فضلا عن اشتقاقها من الأفعال .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android