تنزيل
0 / 0
89,40901/08/2010

يريد أن يسأل الله أن يرزقه مبلغا محددا

السؤال: 155260

هل يجوز أن أدعو الله بمبلغ معين من المال ، مثلا بصيغة : " ارزقني – يا رب – مبلغ كذا من حيث لا أحتسب " أم أنه في هذا الزمان لا تحدث المعجزات . وهل دعائي هذا تصنف إجابته على أنها معجزة أم لا ؟ أفيدوني أفادكم الله ، ووفقكم إلى كل ما هو خير ، واستخدمكم الله في الخير .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

لا ينبغي للمسلم أن يتردد في سؤال الله تعالى جميع حوائجه ، فهو عز وجل يحب من المؤمن أن يتذلل إليه بالسؤال والطلب ، وأن يرفع إليه شكواه مهما صغرت ، بل أمرنا بذلك عز وجل فقال في محكم التنزيل : ( وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً ) النساء/32
عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال :
( يَا عِبَادِي ! كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ ، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ .
يَا عِبَادِي ! كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلَّا مَنْ أَطْعَمْتُهُ ، فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ .
يَا عِبَادِي ! كُلُّكُمْ عَارٍ إِلَّا مَنْ كَسَوْتُهُ ، فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ .
يَا عِبَادِي ! لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ )
رواه مسلم (2577)
قال ابن رجب رحمه الله :
" في الحديث دليل على أن الله يحب أن يسأله العباد جميع مصالح دينهم ودنياهم ، من الطعام والشراب والكسوة وغير ذلك ، كما يسألونه الهداية والمغفرة .
وفي الحديث : ( ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها ، حتى شسع نعله إذا انقطع ) ، وكان بعض السلف يسأل الله في صلاته كل حوائجه ، حتى ملح عجينه ، وعلف شاته .
وفي الإسرائيليات : أن موسى عليه الصلاة والسلام قال : يا رب ! إنه ليعرض لي الحاجة من الدنيا فأستحي أن أسألك . قال : سلني حتى ملح عجينك ، وعلف حمارك .
فإنَّ كلَّ ما يحتاج العبد إليه إذا سأله من الله فقد أظهر حاجته فيه ، وافتقاره إلى الله ، وذاك يحبه الله ، وكان بعض السلف يستحي من الله أن يسأله شيئا من مصالح الدنيا ، والاقتداءُ بالسنة أَولَى " انتهى .
"جامع العلوم والحكم" (1/225) .
تنبيه : حديث ( ليسأل أحدكم ربه .. ) المذكور في النص السابق ، لم يصح مرفوعا ، وإنما صح موقوفا من كلام عائشة رضي الله عنها قالت : ( سَلُوا اللَّهَ كُلَّ شَيءٍ حَتَّى الشِّسعَ ، فَإِنَّ اللَّهَ إِن لَمْ يُيَسِّرهُ لَمْ يَتَيَسَّرْ ) أخرجه أبو يعلى (8/44) وحسنه الألباني في " السلسلة الضعيفة " (رقم/1363) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" لا بأس أن يدعو بشيء يتعلَّق بأمور الدُّنيا ؛ مثل أن يقول : اللَّهُمَّ اُرزقني بيتاً واسعاً ، أو: اللَّهُمَّ اُرزقني زوجة جميلة ، أو : اللَّهُمَّ اُرزقني مالاً كثيراً ، أو : اللَّهُمَّ اُرزقني سيارة مريحة ؛ وذلك لأن الدُّعاء نفسه عبادة ولو كان بأمور الدنيا ، وليس للإنسان ملجأ إلا الله " انتهى بتصرف يسير .
" الشرح الممتع " (3/284) .

فلا حرج عليك أن تسأل الله رزقا واسعا من المال ، غير أن الأولى والأفضل لك أن تسأل الله بجوامع الدعاء ، فإن كنت تريده مالا ، دعوته بالرزق الواسع ، وإن كنت تريد ذلك المبلغ لقضاء حاجة ، أو سداد دين : دعوت الله بذلك ، ودع الأمر إلى فضل الله وكرمه ؛ فإن كرم الله لا حد له ، وباب جوده مفتوح لا يغلق أبدا ، والكريم يحب أن يُسأل سؤال الواثق بالجود والعطاء ، وليس سؤال المتردد المتشكك في فضل المسؤول وكرمه ، ولا سؤال المتحجر لخزائن الله التي لا تنفد .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" قوله صلى الله عليه وسلم : ( وانصرني على من بغى علي ) دعاء عادل ، لا دعاء معتد يقول : انصرني على عدوي – مطلقا – .
ومن الاعتداء قول الأعرابي : اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا . فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ( لقد تحجرت واسعا ) يريد : رحمة الله .
وقد جعل الصحابة من الاعتداء ما هو دون هذا من تكثير الكلام الذي لا حاجة إليه ، كما في سنن أبي داود وغيره ، عن ابن سعد قال : سمعني أبي وأنا أقول : اللهم إني أسألك الجنة ، ونعيمها ، وبهجتها ، وكذا ، وكذا ، وأعوذ بك من النار ، وسلاسلها ، وأغلالها ، وكذا ، وكذا ، فقال : يا بني ! إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( سيكون قوم يعتدون في الدعاء ) فإياك أن تكون منهم ، إنك إن أعطيت الجنة أعطيتها وما فيها من الخير ، وإن أعذت من النار أعذت منها وما فيها من الشر .
وسعد هذا هو سعد بن أبي وقاص أحد العشرة وأهل الشورى " انتهى.
" تلخيص الاستغاثة " (1/207) .

وقد سبق في موقعنا ، في الجواب رقم : (41017) بيان أن ذكر التفاصيل في الدعاء مظنة الوقوع في الاعتداء ، وقد قال تعالى : ( ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ) الأعراف/55.
والله أعلم .

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android