0 / 0

فقدت التحكم بسيارتها فوقع حادث توفيت فيه والدتها فماذا يترتب عليها ؟

السؤال: 156179

خرجت مع والدتي في أحد الأيام بالسيارة فدار بيني وبينها نقاش وكنت أصرخ عليها ، وفجأة فقدتُ التحكم بالسيارة فوقع حادث ، على إثره توفيت والدتي ! لقد وقع هذا الحادث رغماً عني وأنا الآن أعيش حياة ملؤها البؤس والحزن لا سيّما بعد أن قالت السلطات المختصة أنِّي السبب في موتها ، إنهم يريدون أن يقولوا بعبارة أخرى أني أنا من قتلها ، أيمكن لابنة أن تقتل أمها ؟! .
لقد ماتت قبل زواجي بأسبوع ، إن أسرتي لا تعلم شيئاً عن تفاصيل الحادث ولو علموا لما غفروا لي هذه الزلة ، لقد تغيرت حياتي رأساً على عقب فلم أعد أهنأ بشيء ، حتى حياتي الزوجية لقد تحولت إلى جحيم ، أصبحت أكره زوجي وأسرته لأنهم لم يقدِّموا لي التعازي في موت والدتي .
لقد تحولت كل المسؤوليات التي كانت على عاتق والدتي عليَّ ، لقد أثقلتني الهموم ، لم أعد أجد طعماً لشيء في هذه الحياة ، لقد فكرت بالانتحار عدة مرات ، أرجو منكم المساعدة ، كيف أتغلب وأخرج من أزمتي هذه ؟ يعلم الله أني لم أقصد أن أقتلها ، نعم لقد كنت أصرخ عليها ولكن الله سيغفر لي ذلك أليس كذلك ؟ هل عليّ من دية أدفعها ؟ ولمن تُدفع ؟ هل أدفعها لوالدي ؟ أم إنه يجب عليّ أن أصوم شهرين متتابعين ؟ وإذا كان الأمر كذلك فهل يصح أن أحتسب رمضان أحدهما ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:
لا شك أن مصابكِ أليم ، والخبر موجع مفجع ، وخاصة أنك كنتِ قائدة السيارة ، وأن آخر العهد مع أمك صراخ من طرفكِ عليها ، ونحن مع تقديرنا لشعورك ، وشعورنا بأحزانك : إلا أن ذلك لا يمنعنا من تذكيرك بالتوبة مما حصل منك تجاه والدتك ، ولعلَّك فعلتِ ذلك ، وهي عبرة وعظة لغيرك ممن لا يزال إلى الآن يسيء إلى والده أو والدته ، ولا يدري الواحد منهم متى يفقد هذين الغالييْن وأنه قد يحصل معه مثل الذي حصل معك ، فقد تموت والدة أحد أولئك المسيئين بسكتة قلبية أو جلطة دماغية نتيجة ظلمهم وقهرهم – ذكوراً أو إناثاً – ، فليكن هذا الحادث الأليم عبرة للجميع ، وبخاصة من يظلم أمه أو أباه ، وليسارع بالتوبة ، ونسأل الله تعالى أن يرحم والدتك وأن يعفو عنها وأن يُدخلها الجنة .

ثانياً:
نوصيكِ بالصبر على ما أصابك واحتساب مصيبتك عند خالقك ، والرضا بما قدَّره تعالى ، فإنه سبحانه وتعالى الحكيم العليم ، ولا ينبغي لك فتح المجال لليأس من رحمة الله والقنوط من رحمته أن يدخلا إلى نفسك ، واجعلي إيمانك بربك تعالى أقوى من كيد الشيطان ومكره ، ومن أعظم ما يمكن أن يتطرق إليك في هذه المصيبة : أن تفكري في التخلص من نفسك بالانتحار ؛ فإنك بذلك لا تتخلصين – على الحقيقة – من همومك وغمومك بل أنت تزيدين فيها ؛ لأنك ستلقيْن ربك وقد خُتم لك بسوء وشرٍّ وفعل كبيرةٍ من كبائر الذنوب ! فأي تخليص للنفس هذا والحال هو هذا ؟! .
وانظري – في حكم الانتحار – جوابي السؤالين (70363 ) و (111938 ) .

ثالثاً:
مع أن الخطب عليك جلل إلا أن هذا لا يمنعنا – أيضاً – من بيان ما يترتب على فعلك من أحكام ، بعد تبيين أن المرجع في معرفة الخطأ على السائق من عدمه : إنما هو أهل الخبرة من أهل الشرَط والمرور ، وبحسب ما ذكرتِ عن هؤلاء : فإنه يظهر أنه يترتب عليك حكم ” قتل الخطأ ” ويترتب بذلك عليك أحكام ، وهي :
1. صيام شهرين متتابعين لا يُقطع إلا بعذر شرعي كمرض لا تستطيعين الصوم معه ، وكسفَر ، وكحيض أو نفاس ، على أن تصام هذه الأيام التي تفطرين بها بعذر مباشرة بعد انتهاء الشهرين من غير تأخير ، وإذا أفطرتِ يوماً بغير عذر : انقطع التتابع ولزمك الرجوع للبداءة بالشهرين من جديد .
وصوم شهر رمضان لا يُحسب من الشهرين المتتابعين بلا خلاف ، بل ذهبت طائفة من أهل العلم إلى عدم جواز أن يكون شهر رمضان بين شهري الصيام ، والصحيح : أنه يجوز ، وأنه لا يَقطع التتابع ، ولو لم يُجعل بين الشهرين فهو أحوط .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – :
قوله ” فإن تخلله رمضان ” : فإنه يصوم رمضان ؛ وذلك لأن أيام رمضان لا تصلح لغيره ، فلو صام شهر شعبان ثم دخل رمضان : وجب عليه أن يصوم عن رمضان ، فإذا انتهى : فإنه يُكمِّل من اليوم الثاني من شوال حتى يتم الشهرين .
” الشرح الممتع على زاد المستقنع ” ( 13 / 270 ) .
وقال – رحمه الله – :
إذاً ثلاث حالات لا ينقطع فيها التتابع :
أ. إذا تخلله صومٌ يجب مثل رمضان .
ب. أو فطرٌ يجب كأيام الأعياد وأيام التشريق والمرأة في الحيض ، ومن كان مريضاً يَخشى في صومه التلف أو الضرر أيضاً – على القول الراجح – .
ج. أو فطر لسبب يبيح الفطر ، كالسفر ، والمرض الذي يشق عليه الصيام فيه ، ولكنه لا يضره .
” الشرح الممتع على زاد المستقنع ” ( 13 / 274 ) .
2. ويلزم عاقلتك – وهم العَصَبة وارثين كانوا أو غير وارثين – دفع الدية لورثة والدتك ، وهي ثَمن مائة من الإبل ، فإن لم يدفع أحد منهم : فتلزم الدية من مالِك أنتِ .
3. والصحيح الراجح : أنكِ لا ترثين من والدتك مع الورثة لا التركة ولا الدية .
وانظري جوابي السؤالين ( 52809 ) و ( 135380 ) .
ونختم بوصيتنا لك – مرة أخرى – بالصبر على ما أصابك ، ولا أحد يمكن أن يلومك على حزنك على فقد الوالدة ، ولكن اللوم يوجَّه إليك في حال مخالفتك شرع الله في تصرفك تجاه هذه المصيبة ، فلا تقنطي من رحمة الله ، وحافظي على دينك من الفتنة وعلى نفسك من الهلاك ، وأكثري من الدعاء لأمك فإنها أحوج ما تكون له الآن ، وكوني سبباً في اجتماع الأسرة ، وأحسني لزوجك وعاشريه بالمعروف ، واتركي لوم أهله والعتب عليهم ، فالطريق أمامك طويل وهو يحتاج لنفس مطمئنة وقلب منشرح ، فكوني مثالاً حسناً لمن أصابته مصيبة عظيمة فكان من الصابرين المحتسبين .
واقرئي في الصبر وثواب الصابرين جوابي السؤالين (12380 ) و (35869 ) .
واقرئي في فوائد الشدائد جواب السؤال رقم (21631 ) .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android