المسجد الذي في حيّنا معروف بأنه مسجد صوفي لأنهم يجهرون بالدعاء عقب كل صلاة. وقد اكتشفنا أيضاً أن لهم اجتماعات خاصة حيث يتوسلون فيها بالنبي صلى الله عليه وسلم.. فهل تجوز الصلاة خلفهم؟
هل تجوز الصلاة خلف من يتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم ويبتدع في الدين؟
السؤال: 160193
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
كون أهل المسجد يجهرون بالدعاء عقب كل صلاة لا يعني أنهم من الصوفية ، فقد يكونون يفعلون ذلك جهلاً بالسنة ، أو تقليداً لمن أجاز ذلك من العلماء ، وليس هذا الفعل شعاراً للصوفية ، بحيث لا يفعله غيرهم .
ولكن … قد يقوي الظن أنهم من الصوفية تلك الاجتماعات الخاصة وتوسلهم بالنبي صلى الله عليه وسلم .
والتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم على نوعين :
الأول :
التوسل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ذاته ، بدعائه والاستغاثة به ، والاستعانة به ، وهذا شرك أكبر ، لأنه عبادة للنبي صلى الله عليه وسلم .
النوع الثاني :
التوسل إلى الله تعالى بذات النبي صلى الله عليه وسلم أو جاهه كمن يقول : اللهم بجاه النبي صلى الله عليه وسلم … وبحق النبي صلى الله عليه وسلم … إلخ .
وهذا النوع بدعة ، وليس شركاً .
فالذي ينبغي هو تعليم هؤلاء برفق ودلالتهم على الخير والسنة وتحذيرهم من الشر والبدعة .
فإن استجابوا فالحمد لله ، وإن لم يستجيبوا فالذي ينبغي للمسلم أن يصلي خلف إمام من أهل السنة ، في مسجد يكون أهله حريصين على إتباع السنة ، فإن لم يمكن ذلك ، بأن لم يوجد مسجد آخر تصلون فيه ، فالصلاة خلف هؤلاء صحيحة ، وهي أولى بلا شك من ترك صلاة الجماعة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" الواجب على المسلم إذا صار في مدينة من مدائن المسلمين أن يصلي معهم الجمعة والجماعة ويوالي المؤمنين ولا يعاديهم ، وإن رأى بعضهم ضالا أو غاويا وأمكن أن يهديه ويرشده فعل ذلك ، وإلا فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها ، وإذا كان قادرا على أن يولي في إمامة المسلمين الأفضل ولاه ، وإن قدر أن يمنع من يظهر البدع والفجور منعه . وإن لم يقدر على ذلك فالصلاة خلف الأعلم بكتاب الله وسنة نبيه الأسبق إلى طاعة الله ورسوله أفضل ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : ( يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله ، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة ، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة ، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنا ) وإن كان في هجره لمظهر البدعة والفجور مصلحة راجحة هجره كما هجر النبي صلى الله عليه وسلم الثلاثة الذين خُلِّفوا حتى تاب الله عليهم . وأما إذا وُلِّي غيره بغير إذنه وليس في ترك الصلاة خلفه مصلحة شرعية كان تفويت هذه الجمعة والجماعة جهلا وضلالا وكان قد رد بدعة ببدعة " انتهى .
"مجموع الفتاوى" (3 / 286) .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (7/353) : " وأما الصلاة خلف المبتدعة : فإن كانت بدعتهم شركية كدعائهم غير الله ونذرهم لغير الله واعتقادهم في مشايخهم ما لا يكون إلا لله من كمال العلم ، أو العلم بالمغيبات ، أو التأثير في الكونيات ، فلا تصح الصلاة خلفهم .
وإن كانت بدعتهم غير شركية ؛ كالذكر بما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن مع الاجتماع والترنحات ، فالصلاة وراءهم صحيحة ، إلا أنه ينبغي للمسلم أن يتحرى لصلاته إماما غير مبتدع ؛ ليكون ذلك أعظم لأجره وأبعد عن المنكر " انتهى .
واجتهدوا أن تؤسسوا مسجداً على تقوى الله ، وإتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ونشرها بين الناس .
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب