0 / 0

أم تغضب على أبنائها لأنهم لم يساعدوا أخاهم ، وهو لا يعمل !!

السؤال: 160507

لي أخ كبير ولديه مشاكل منذ 5 سنوات مادية ، ولا يعمل وهو بكامل صحته وشبابه ( 32 عاماً ) ، آخر مشكلة له أنه مديون بمبلغ كبير ، وكلنا رفضنا أن نساعده لأجل أن يعمل ، ولكن والدتي مصممة أن تأخذ منَّا حتى لو نستلف له ونسدد ديونه وإلا فنحن عندها لسنا جيدين ، وتقول : أنا ليس لي أولاد وغضبانة عليكم ، مع العلم أن ربنا وفقنا وحلِّينا له مشاكل كثيرة قبل هذا مادية وبمبالغ كبيرة ، لكن نحن موظفون قطاع خاص ، وكلنا متزوجون ، فما الحل ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:
مواقفكم السابقة مع أخيكم الأكبر في حل مشكلاته والسداد عنه أمرٌ تحمدون عليه وتشكرون على فعله ، وهو يدل على خير عظيم فيكم – إن شاء الله – ، كما أن موقفكم الأخير منه في عدم مساعدته أيضاً هو موقف صحيح تُشكرون عليه ؛ إذ هو سبيل جيد ليصحِّح أخطاءه ويترك بطالته وكسله وينتبه لنفسه ويترك إذلالها ، ولا تلتفتوا لحكم والدتكم على موقفكم هذا ؛ فهو حكم عاطفي ليس له مستند لا من عقل ولا من شرع ، وهي بحكمها ذاك تزيد في اتكاله على غيره وتساهم في إذلاله وتتسبب في مهانته ، وهي لن تصنع له معروفاً بأخذها المال منكم ليقضي به ديْنه ويحل به مشكلاته ، والواجب عليها أن تقف في صفكم ، وأن تدفع ابنها الأكبر للعمل ، والاعتماد على نفسه ؛ فهي بذلك تصنع له معروفاً وتبني له شخصيته وتجعل منه رجلاً يتحمل مسئولياته بنفسه .
ثانياً:
إنما يلزمكم شرعاً أن تعطوا من أموالكم لوالدتكم لو أن هذا الإعطاء كان لها لتنفقه على نفسها ، أما أن تطلبه منكم لتعطيه لابنها فلا يلزمكم الاستجابة لها .
قال الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله – :
“للوالد أن يأخذ من مال ولده ما لا يضره ولا يحتاجه ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم ( إن أطيب ما أكلتم من كسبكم وإن أولادكم من كسبكم ) – رواه أصحاب السنن الأربعة ، وهو صحيح – ، وقوله ( أنت ومالك لأبيك ) – رواه أبو داود من حديث عبد الله بن عمرو ، وابن ماجه من حديث جابر ، وهو صحيح – ، وهذا في حق الأب لا شك فيه ، وكذلك في حقّ الأم ؛ لأنها كالأب على الصحيح ، تأخذ من مال ولدها ما تنتفع به ، وتسد به حاجتها ، ما لم يكن بذلك إضرار على الولد ، أو أن تتعلق به حاجة الولد” .انتهى من” المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان ” ( 3 / 333 ) .
وانظر – للمزيد – أجوبة الأسئلة: ( 4282 ) و ( 13662 ) و (9594 ) و (104298 ).

وقد ذكرنا في تلك الأجوبة شرطاً مهمّاً يتعلق بجواز أخذ الأب – ومثله الأم – من مال أولاده ، وهو ::
” أن لا يأخذ المال مِن أحد أبنائه ليعطيه لابنٍ آخر ؛ لأن ذلك إلقاء للعداوة بين الأبناء ، ولأن فيه تفضيلاً لبعض الأبناء على بعض إذا لم يكن الثاني محتاجاً ، فإن كان محتاجاً : فإن إعطاء أحد الأبناء لحاجة دون إخوته الذين لا يحتاجون : ليس فيه تفضيل ، بل هو واجب عليه ” .

ثالثاً:
غضب أمكم عليكم في حال أنكم لم تستجيبوا لها بإعطاء أخيكم مالاً : لن يضركم ، إن شاء الله ؛ لأنه بغير حق ، وأنتم لم تخالفوا شرع الله في فعلكم ، ولا تلزمكم طاعة والدتكم في هذا الذي طلبته منكم .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – ناصحاً في قضية مشابهة لبعض أجزاء قضيتكم – :
“أما بالنسبة للأولاد : فإني أنصحهم بأن يصبروا ويحتسبوا الأجر من الله عز وجل ، ويسألوا الله تعالى ألا يسلط عليهم آباءهم وأمهاتهم ، وليعلموا أن لكل أزمة فرجاً وأن الله تعالى يجزي الصابرين أجرهم بغير حساب ، ثم إذا أمرهم آباؤهم أو أمهاتهم بأمر فيه مشقة عليهم وليس فيه مصلحة للأبوين ، أو أمروهم بأمر فيه ضرر في دينهم أو دنياهم : فإنه لا يجب عليهم طاعة الوالدين في ذلك ؛ لأن طاعة الوالدين إنما تجب فيما إذا كان الأمر ينفع الوالدين ولا يضر الأولاد ، ولْيفضِّلوا دائماً جانب الصبر والاحتساب وانتظار الفرج ، وليدعوا الله تعالى بذلك فإن الله تعالى يقول ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ )” . انتهى من” فتاوى نور على الدرب ” ( شريط رقم 297 ) .
رابعاً:
والخلاصة أن الذي يجب عليكم :
1. البقاء على موقفكم من أخيكم لدفعه للعمل والاعتماد على نفسه ، إلا أن يكون ثمة أمر ملح في قضية قد تستوجب عليه سجناً – مثلاً – فلا بأس بإعانته فيها ، مع عدم تسليم المال لوالدتكم أو له ، بل تؤدون عنه بأنفسكم .
2. التلطف في الإنكار على والدتكم ؛ فإن لها حقّاً عليكم في البر والإحسان لها بالقول والفعل ، فلا ترفعوا أصواتكم عليها ، ولا تؤذوها بالكلام الغليظ الجارح .
3. الصبر والاحتساب في دعائها وغضبها عليكم ، ومقابلة ذلك بالحسنى ، وقد علمتم أن ذلك لن يضركم ، إن شاء الله ، في شيء فلا تقلقوا منه ، وما تريده منكم لا يصب في مصلحة ابنها بل يضره ، ولكن عاطفتها التي تمنعها من التفكير بعقلها ، وعسى أن يكون موقفكم يجعلها تعيد النظر في حكمها عليكم وموقفها منكم .
4. نصح أخيكم بالحسنى أن يعمل ويعتمد على نفسه ، ولا بأس بتشجيعه على ذلك بأن تجعلوا له مكافأة ببذل مثل ما يكسب ، فإذا كسب مائة جنيه – مثلاً – تجعلون له مثلها أو أقل أو أكثر بحسب ما ترون ؛ لتشجعوه على الكسب والعمل ، ولتخففوا من مشكلاته المالية .
ونسأل الله أن يوفقكم لما يحب ويرضى ، وأن يهدي أخاكم لما فيه خير دينه ودنياه ، وأن يهدي والدتكم للبر والتقوى .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android