0 / 0

هل يجوز أن يدعى بـ رضي الله عنه ليزيد بن معاوية ؟

السؤال: 160984

هل يجوز استخدام عبارة ” رضي الله عنه ” أو ” عليه السلام ” على ” يزيد بن معاوية “، وأنا أدرك أن رأي جمهور الفقهاء هو عدم لعنه ، لكن هل أثنى أي علماء قدماء على ” يزيد “، وإذا لم يقوموا بذلك ، فما مدى صحة استخدام عبارات كهذه له ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
سبق في موقعنا ذكر اختلاف العلماء في الدعاء بـ : ” عليه الصلاة والسلام “، أو ” عليه السلام ” لغير الأنبياء ، فذهب بعض العلماء إلى كراهة ذلك ، وذهب آخرون إلى الجواز ، ولكنه جواز مشروط بألا يتخذ عادة وشعارا لشخص معين غير الأنبياء ، وقد رجحنا القول بالجواز المشروط لأدلة كثيرة ، يمكن مراجعة المسألة في الجواب رقم : (96125) ، (112074)
ثانيا :
كذلك الدعاء بـ ” رضي الله عنه ” لغير الصحابة الكرام رضوان الله عليهم جائز لا بأس فيه أيضا إذا لم يلتزم عادة في اسم معين ، وذلك للأسباب الآتية :
1- أن غاية هذه الجملة ” رضي الله عنه ” أنها دعاء ، والدعاء بنوال رضوان الله تعالى دعاء مشروع لا حرج فيه .
2- لم يرد في الكتاب والسنة دليل يخصص الصحابة رضوان الله عليهم بهذا الدعاء ، والأصل بقاء المطلق على إطلاقه حتى يرد ما يقيده .
3- ما زال العلماء والفقهاء يستعملون هذا الدعاء : ” رضي الله عنه ” لغير الصحابة الكرام ، من الأئمة والتابعين الذين نالوا مرتبة الإمامة في الدين ، كالأئمة الأربعة وغيرهم ، فكتب العلماء مليئة بالترضي عنهم .
4- كما جاءت نصوص العلماء الصريحة في جواز الدعاء بالرضوان لغير الصحابة الكرام .
قال الإمام النووي رحمه الله :
” يستحب الترضي والترحم على الصحابة والتابعين فمن بعدهم من العلماء والعباد وسائر الأخيار ، فيقال : رضي الله عنه ، أو رحمة الله عليه ، أو رحمه الله ، ونحو ذلك .
وأما ما قاله بعض العلماء : إن قول : رضي الله عنه مخصوص بالصحابة ، ويقال في غيرهم : رحمه الله فقط ، فليس كما قال ، ولا يوافق عليه ، بل الصحيح الذي عليه الجمهور استحبابه ، ودلائله أكثر من أن تحصر ” انتهى من ” الأذكار ” (ص/118)
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” نحن نقول رضي الله عن كل مؤمن ، كما قال الله تعالى : ( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ )
لكن المعروف عند أهل العلم تخصيص الصحابة رضي الله عنهم بقولهم فيهم : رضي الله عنهم ، وأما من بعد الصحابة من التابعين إلى زمننا هذا يقولون فيهم رحمه الله ، وإن كان بعض العلماء قد يقول : رضي الله عنه في الأئمة الكبار ، كالإمام أحمد ، قال الإمام أحمد رضي الله عنه ، قال الإمام الشافعي رضي الله عنه ، قال الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه ، قال الإمام مالك رضي الله عنه ، لكن عامة المعروف بين أهل العلم أن الترضي يكون للصحابة ، والترحم يكون لمن بعدهم ، وإذا كان هذا هو المعروف المصطلح عليه عند عامة العلماء ، فإن الإنسان إذا ترضى عن شخص من غير الصحابة أوهم السامع بأن هذا الشخص من الصحابة ، فينبغي أن نتجنب ذلك ، أو أن يقول قال فلان وهو من التابعين رضي الله عنه ، قال فلان وهو من تابعي التابعين رضي الله عنه ، حتى لا يظن أحد أن هذا من الصحابة ” انتهى من ” فتاوى نور على الدرب “
http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_8037.shtml
ثالثا :
يتبين مما سبق أن الدعاء بـ ” عليه السلام ” يجوز لغير الأنبياء أحيانا وليس على سبيل العادة والشعار ، وأن الدعاء بـ ” رضي الله عنه ” يجوز لغير الصحابة أيضا .
لكن هذا الجواز أيضا مشروط بأمرين :
الشرط الأول : أن يكون المدعو له بالسلام أو بالرضوان من الأولياء الصالحين ، أو من الأئمة المتقين ، أو من عباد الله الزاهدين الورعين ، ممن اشتهر في الأمة ديانتهم ومكانتهم وإمامتهم ، لذلك جاء في كلام الإمام النووي السابق : ” يستحب الترضي على الصحابة والتابعين فمن بعدهم من العلماء والعباد وسائر الأخيار “.
الشرط الثاني : أن لا يتخذ هذا الدعاء : ” عليه السلام ” ، أو ” رضي الله عنه ” سبيلا للتعصب الأعمى لإمام معين أو شخص معين ، يقصد به تفضيله على سائر الأئمة والناس ، فيتخذ هذا الدعاء سبيلا لتفرقة الأمة كما وقع لدى بعض الفرق .
رابعا :
أما يزيد بن معاوية ، فقد سبق الحديث عنه في الجواب رقم : (14007)، حيث يتبين لمن يقرأ ذلك الجواب ، ومن يطالع أقوال العلماء فيه أنه لم يكن من الأولياء الصالحين ، ولا العلماء المتقين ، بل نص كثير من أهل العلم على اشتهاره بالمساوئ والقبائح ، وبالغ بعض العلماء إلى حد التأليف في جواز لعنه وثلبه ، كأبي يعلى وابن الجوزي والسيوطي ، ورغم أن الذي ذهب إليه المحققون من العلماء تجنب السب واللعن ، لأن له محاسن وفضائل أيضا ، كما أنه له مساوئ مشهورة كثيرة ؛ ولكن ذلك لا يعني التغاضي عما امتلأت به كتب التاريخ بالروايات المسندة التي تشتمل على فظائع ارتكبها يزيد بن معاوية ، أو على الأقل وقعت في عهده وتحت إمرته ، كقتل الحسين بن علي رضي الله عنه ، واستباحة المدينة المنورة ، وفرض الإمارة بالسيف والظلم والقتل والاضطهاد .
يقول الإمام الذهبي رحمه الله :
” كان قويا شجاعا ، ذا رأي وحزم وفطنة وفصاحة ، وله شعر جيد ، وكان ناصبيا ، فظا ، غليظا ، جلفا ، يتناول المسكر ، ويفعل المنكر ” انتهى من ” سير أعلام النبلاء ” (4/37)
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” والصواب هو ما عليه الأئمة من أنه لا يخص بمحبة ولا يلعن ” انتهى من ” مجموع الفتاوى ” (3/413)

وبناء على ما سبق فلا نرى جواز إضافة الدعاء بـ ” رضي الله عنه “، أو ” عليه السلام ” لاسم يزيد بن معاوية ، ففي ذلك تزكية لا يستحقها فيما يظهر لنا ، والله يتولى السرائر .

وللتوسع في قصة يزيد بن معاوية والمداولات التاريخية في عهده وأثرها في الكلام على شخصه ، يمكن مراجعة رسالة علمية بعنوان : ” مواقف المعارضة في عهد يزيد بن معاوية ” للدكتور محمد بن عبد الهادي الشيباني ، أجيزت في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة ، بإشراف الدكتور أكرم العمري ، وأخص من هذه الرسالة المبحث الخامس بعنوان : يزيد بن معاوية والاتهامات (ص/701-731)
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android