0 / 0

أسرة يكثر فيها الخلاف والمصائب والأمراض فهل يكون ذلك من تأثير السحر والعين ؟

السؤال: 161044

أنا شاب من المسلمين مرضت منذ 10 سنوات ولم أشفَ بعد ، ضعف جنسي شديد رغم تلقي العلاج الطبي ، ثم أصبت بداء عصبي أدى بي إلى الجنون ، منذ 5 سنوات وأنا أتعالج من المرض العصبي إلى الآن عند الطبيب دون شفاء من المرضين ، وأنا أعاني من البطالة منذ أن خرجت من المدرسة أي 14 سنة لم أعمل ، ولدي أخوات بلغن الخمسين جميلات ولم يتزوجن رغم تحجبهن ، ووالديَّ لا يكلم بعضهما بعضاً ، وإخوتي الذكور لا يعملون وغير متزوجين رغم بلوغهم الأربعين ، ورغم هذه المشاكل الجيران يحسدوننا ولا يحبوننا لأننا عرب وهم أمازيغ – يعني : عنصريين ، هل تستطيع العين أو السحر أن تحرم الإنسان الرزق والعمل والصحة والزواج ؟ ونحن – يعني كسائر المسلمين – ملتزمون ، ولدينا معاصي كعوام المسلمين – يعني عاديين – ، وأحد إخوتي الذكور من شدة الواقع المر يسب الله مراراً منذ صغره ! فأرجو أن تشرح لنا حالتنا وتعطينا مخرجاً يرحمكم الله .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:
إن أكثر ما آلمنا في الرسالة ليس تعطيل زواج أخواتك ، ولا تعطل عمل إخوانك وعدم تزوجهم ، بل هو ما يفعله أخوكم من سب الله تعالى ! والعجيب أنك تقول إنه يفعل ذلك بسبب شدة الواقع المرّ ! ومتى كان سب الله تعالى يفرِّج الكرب ويزيل الهم ؟! إن هذا العذر منه لقبيح ولا يُمكن أن يصدر من عاقل ، فالله تعالى هو خالق الكون وهو المتصرف فيه وهو الذي ييسر الأمر ويكشف السوء ويفرج الهم ، فبدلاً من أن يلجأ أخوكم إلى ربه تعالى لييسر له الخير ويرفع عنه السوء يسبه ويشتمه ؟! فلا حول ولا قوة إلا بالله ، وإنا لله وإنا إليه راجعون ، ما أحلم الله على عباده ، وما أصره على أذاهم جل في علاه ، وهو القادر المقتدر عليهم .
والأعجب أنك تقول إنه تعوَّد على ذلك منذ صغره ! فأين والداه وإخوته عنه ؟ ولماذا شبَّ هذا على كفرٍ أخرجه من ملة الإسلام ؟
ونحن نحسن الظن فيكم أنكم لا ترضون عن فعله ولعلكم بذلتم وسعكم في نصحه وإرشاده ، ونرجو أن يكون الأمر هو كذلك حتى يبوء بإثمه وحده ولا يشاركه معه أحد منكم ، ولعله يتدارك نفسه قبل أن يموت بتوبة صادقة ، وإلا لقي الله تعالى مرتدّاً كافراً ؛ فقد أجمع أهل السنَّة على كفر ساب الله تعالى ، ولا فرق في ذلك بين من يعلم الحكم وبين من يجهله ، وقد سبق منا ذِكر هذا وأدلته في أجوبة الأسئلة (114779 ) و (42505 ) ، (71174 ) و (79067 ) و (14305 ) و (65551 ) فلتنظر .
بل مثل هذا الأمر ـ أعني سب الله جل جلاله ـ لا يحتاج إلى دليل على شناعته ، أو نقل عن أحد ، فهذا مناف لكل فطرة تعلم أن لها ربا ؛ فأنى تسبه بعد ذلك ؟!!

ثانياً:
ما حصل ويحصل معكم في بيتكم مع الأهل والأشقاء والشقيقات يحتمل أمرين :
الأول : أن تكون الأمور الجارية مع الجميع لها أسبابها الحسية من عدم توافق بين والدك ووالدتك لاختلاف ثقافتهما أو تفاوت السن بينهما أو اختلاف بيئتهما أو غير ذلك من الأسباب ، وما حصل لأخواتك هو بسبب تشهير بعض الناس في أسرتكم وتنفير التزوج منها ، وهكذا الأمر في حال أشقائك يكون ما حصل لهم له أسبابه الملموسة المعروفة ، وأن يكون ما حصل معك من أمراض له أسبابه الحسية وأنها تزول بالعلاج بالأدوية المادية أو الشرعية ، فعليكم أولاً البحث عن الأسباب الحسية فإن وُجدت : فعلاج الأمور يكون بوضع الحلول المناسبة لكل مشكلة ، ونرجو أن يكون هذا مجرد ابتلاء وتؤجرون على الصبر عليه .
الثاني : أن تكون الأمور الجارية معكم ليس لها أسبابها الحسية ، فيكون الأمر دائراً بين كونكم أصبتم بالسحر أو العين .
وتأثير السحر والعين على ما جرى ويجري معكم أمر غير مستبعد ؛ لأن الله تعالى جعل للسحر والعين تأثيرات وأضراراً عظيمة ومنها ما حصل معك ومع أخواتك وإخوتك ، بل وقد يصل الأمر إلى أشد من ذلك كأن يؤدي إلى الموت .
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله – :
” وقال المازري : جمهور العلماء على إثبات السحر وأن له حقيقة ، ونفى بعضهم حقيقته وأضاف ما يقع منه إلى خيالات باطلة ، وهو مردود ؛ لورود النقل بإثبات السحر ، ولأن العقل لا ينكر أن الله قد يخرق العادة عند نطق الساحر بكلام ملفق أو تركيب أجسام أو مزج بين قوى على ترتيب مخصوص ، ونظير ذلك ما يقع من حذاق الأطباء من مزج بعض العقاقير ببعض حتى ينقلب الضار منها بمفرده بالتركيب نافعاً .
وقيل : لا يزيد تأثير السحر على ما ذَكر الله تعالى في قوله ( يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ المَرْءِ وَزَوْجِهِ ) لكون المقام مقام تهويل ، فلو جاز أن يقع به أكثر من ذلك لذكره . قال المازري : والصحيح من جهة العقل أنه يجوز أن يقع به أكثر من ذلك ، قال : والآية ليست نصّاً في منع الزيادة ولو قلنا إنها ظاهرة في ذلك ” . انتهى من ” فتح الباري ” ( 10 / 222 ، 223 ) .
وانظر حقيقة السحر وأنواعه جوابي السؤالين (9432 ) و (12587 ) .
وانظر في أنَّ مِن السحر ما قد يقتل جواب السؤال رقم (1670 ) .
وللوقوف على الطرق الشرعية لعلاج السحر : انظر جوابي السؤالين (11290 ) (12918 ).

ثالثاً:
قد يكون ما أصابكم نتيجة إصابة بعينِ نفسٍ خبيثة ، فقد يكون جمال أخواتك تسبب في إصابتهن بالعين ، وقد يكون كثرة عدد إخوانكم تسبب في إصابتهم بالعين ، فالنفوس الخبيثة تحسد أصحاب النعمة ولو قلَّت ، فكيف أن تكون نعمٌ عند خصوم لها ومنافسين ؟! .
فالعين حقٌّ ، وإصابتها وتأثيرها حقٌّ ، وقد تتسبب بالموت لمن يصاب بها ، وكل ذلك لا يكون إلا بإذن الله وإرادته .
قال تعالى ( وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ ) .
قال ابن كثير – رحمه الله – :
” قال ابن عباس ومجاهد وغيرهما ( لَيُزْلِقُونَكَ ) : لينفذونك بأبصارهم ، أي: ليَعِينونك بأبصارهم ، بمعنى : يحسدونك لبغضهم إياك لولا وقاية الله لك ، وحمايته إياك منهم ، وفي هذه الآية دليل على أن العيْن إصابتها وتأثيرها حق بأمر الله عز وجل ، كما وردت بذلك الأحاديث المروية من طرق متعددة كثيرة ” . انتهى من ” تفسير ابن كثير ” ( 8 / 201 ) .
وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( الْعَيْنُ حَقٌّ ، وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابَقَ الْقَدَرَ سَبَقَتْهُ الْعَيْنُ ) رواه مسلم ( 2188 ) .
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله – : ” وقد أخرج البزَّار من حديث جابر بسند حسن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( أَكْثَرُ مَنْ يَمُوتُ مِنْ أُمَّتي بَعْدَ قَضَاءِ الله وَقَدَرِهِ بِالأَنْفُس ) قال الراوي : يعني : بالعين ، وقال النووي : في الحديث إثبات القدَر ، وصحة أمر العين ، وأنها قوية الضرر ” . انتهى من ” فتح الباري ” ( 10 / 204 ) .
وقد ذكرنا في جواب السؤال ( 93230 ) أن العين تسبِّب أمراضاً عضوية ومشكلات مادية وزوجية وقطيعة ، فلينظر ؛ لتعلم أنه قد يكون ما أصاب أهل بيتكم من قطيعة بين الوالدين ومشكلات في تزوج الإخوة والأخوات وغير ذلك أنه قد يكون نتيجة إصابتكم بعينٍ من نفسٍ خبيثة لا تتقي الله تعالى ربَّها .
وأما أمر علاج العيْن فهو قراءة المعوذات والتزام الأدعية الثابتة في السنَّة .
قال ابن القيم – رحمه الله – :
” ومن جرب الدعوات والعُوَذ : عرف مقدار منفعتها ، وشدة الحاجة إليها ، وهي تمنع وصول أثر العائن ، وتدفعه بعد وصوله بحسب قوة إيمان قائلها ، وقوة نفسه ، واستعداده ، وقوة توكله وثبات قلبه ، فإنها سلاح ، والسلاح بضاربة ” . انتهى من ” زاد المعاد ” ( 4 / 170 ) .
وقال ابن مفلح الحنبلي – رحمه الله – :
” ويعالج المَعين مع ذلك بالرقى من الكتاب والسنة والتعوذ والدعاء ” . انتهى من ” الآداب الشرعية ” ( 3 / 60 ) .
ولتفصيل الكلام عن العين والحسد والفرق بينهما ، والوقاية والعلاج منهما : يرجى النظر في أجوبة الأسئلة ( 20954 ) و ( 7190 ) و (11359 ) و (12205 ) .

على أنه إذا كان ممكنا لكم أن تبدلوا داركم التي تسكونها ، وتنتقلوا إلى دار أخرى خير منها ، ولا سيما إن كانت في مكان يغلب فيه الخير ، ووسط أناس صالحين : فإننا نصحكم بذلك ، وعسى أن يكون انتقالكم إلى هذه الدار فاتحة خير لكم .
نسأل الله تعالى أن يكشف عنكم الكرب ، ويفرج عليكم الهم ، وأن ييسر لكم الأمر ، وأن يجعل لكم مخرجاً ، ونسأله تعالى أن يشفيك ويعافيك وأن يجمع لك بين الأجر والعافية .
ونوصيكم بأخيكم الذي يصدر منه الكفر بأن تنصحوه بأنه قد وقع في الردة ، وأن عليه أن يكفَّ لسانه عن سب ربِّه تعالى ، وأن عليه أن يضرع إلى ربه وخالقه بالدعاء أن يرفع عنكم البلاء وأن يجعل لكم من أمركم يُسراً ، ولعلَّ الله تعالى أن يجعل من توبته ودعائه سبباً لتفريج كربكم وإزالة همِّكم .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android