0 / 0

حديث موضوع في بكاء اليتيم

السؤال: 163484

عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( إن اليتيم إذا بكى اهتز لبكائه عرش الرحمن ، فيقول الله تعالى لملائكته : يا ملائكتي ! من ذا الذي أبكى هذا اليتيم الذي غيبت أباه في التراب ، فتقول الملائكة : ربنا أنت أعلم . فيقول الله تعالى لملائكته : يا ملائكتي اشهدوا أن من أسكته وأرضاه أنا أرضيه يوم القيامة )
السؤال : هل الحديث صحيح ، وما إسناده ، وجزاكم الله خيرا ، ووفقكم الله لخدمه هذا الدين ، وجعله الله في ميزان حسناتكم .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
الحديث الوارد في السؤال يُروى عن اثنين من الصحابة الكرام ، ولكن بأسانيد ضعيفة جدا :
الحديث الأول : عن الصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( إنّ اليتيم إذا بكى اهتز لبكائه عرش الرحمن، فيقول الله سبحانه لملائكته: يا ملائكتي! من أبكى هذا اليتيم الذي غيّب أباه في التراب؟ فيقول الملائكة: ربنا أنت أعلم، فيقول الله: يا ملائكتي! فإني أشهدكم أنّ لمن أسكته وأرضاه أن أرضيه يوم القيامة» فكان عمر إذا رأى يتيما مسح رأسه، وأعطاه شيئا )
رواه ابن عدي في ” الكامل ” (3/142)، وأبو نعيم في ” تاريخ أصبهان ” (2/269)، والمعافى النهرواني في ” الجليس الصالح ” (319)، والثعلبي في ” الكشف والبيان ” (10/230) واللفظ المسوق أعلاه من كتابه .
جميعهم من طريق الحسن بن أبي جعفر ، عن علي بن زيد ، عن سعيد بن المسيب ، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه .
وهذا إسناد ضعيف جدا فيه علتان :
1- الحسن بن أبي جعفر : اتفق الأئمة على ضعفه ، حتى قال علي بن المديني : ضعيف ضعيف . وقال فيه البخاري : منكر الحديث . وقال النسائي : متروك . وقال ابن حبان : غفل عن صناعة الحديث وحفظه ، فإذا حدث وهم وقلب الأسانيد وهو لا يعلم ، حتى صار ممن لا يحتج به وإن كان فاضلا . انظر ترجمته في ” تهذيب التهذيب ” (2/260)
2- علي بن زيد بن جدعان : ضعفه النقاد ، حتى قال فيه ابن حبان : يهم ويخطىء فكثر ذلك منه فاستحق الترك . كما في ” تهذيب التهذيب ” (7/324)

ولذلك حكم أهل العلم على هذا الحديث بالضعف الشديد والنكارة :
قال ابن عدي رحمه الله – بعد أن ساق مجموعة أحاديث للحسن بن أبي جعفر -:
” لعل هذه الأحاديث التي أنكرت عليه توهّمها توهما ، أو شُبِّه عليه فغلط ” انتهى من ” الكامل ” (3/143)
قال الذهبي رحمه الله :
” إسناده ضعيف ” انتهى من ” العلو ” (ص/96)
وقال ابن عراق :
” في سنده مَن لم أقف لهم على ترجمة ” انتهى من ” تنزيه الشريعة ” (2/136)
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
” هذا متن منكر جدا مع ضعف إسناده الشديد ، وفيه علل ” انتهى من ” السلسلة الضعيفة ” (رقم/5852)
وقد روى ابن أبي الدنيا في ” النفقة على العيال ” (رقم/615) هذا الحديث من طريق درست بن زياد ، عن علي بن زيد ، عن سعيد بن المسيب من كلامه .
ولكن درست بن زياد قال فيه أبو زرعة : واهي الحديث . وقال البخاري : حديثه ليس بالقائم . وهكذا اتفق العلماء على ضعفه كما في ” تهذيب التهذيب ” (3/209)

الحديث الثاني : وقد روي الحديث أيضا عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( إِذَا بَكَى الْيَتِيمُ وَقَعَتْ دُمُوعُهُ فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ تَعَالَى ، فَيَقُولُ : مَنْ أَبْكَى هَذَا الْيَتِيمَ الَّذِي وَارَيْتُ وَالِدَيْهِ تَحْتَ الثَّرَى ؟ مَنْ أَسْكَتَهُ فَلَهُ الْجَنَّةُ )
رواه الخطيب البغدادي في ” تاريخ بغداد ” (15/35) من طريق موسى بن عيسى البغدادي ، قال : حدثنا يزيد بن هارون ، عن حميد الطويل ، عن أنس بن مالك .

وهذا إسناد لا يثبت بسبب موسى بن عيسى ، لم نقف له على ترجمة .
لذلك قال الخطيب رحمه الله :
” هذا حديث منكر جدا ، لم أكتبه إلا بإسناده ، ورجاله كلهم معرفون إلا موسى بن عيسى فإنه مجهول ، وحديثه عندنا غير مقبول ” انتهى من ” تاريخ بغداد ” (15/35)
وأورده ابن الجوزي في ” الموضوعات ” (2/168) تحت باب : ” بكاء اليتيم “
وقد اتهم الإمام الذهبي موسى بن عيسى هذا بأنه واضع الحديث في أكثر من كتاب ، انظر مثلا : ” تذكرة الحفاظ ” (4/4)، ” سير أعلام النبلاء ” (14/73)
وقال الشيخ الألباني رحمه الله :
” كذب ” انتهى من ” السلسلة الضعيفة ” (5851)

ثانيا :
يكفي في هذا الباب قول الله عز وجل : ( فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ ) الضحى/9.
يقول العلامة السعدي رحمه الله :
” أي : لا تسيء معاملة اليتيم ، ولا يضق صدرك عليه ، ولا تنهره ، بل أكرمه ، وأعطه ما تيسر ، واصنع به كما تحب أن يصنع بولدك من بعدك ” انتهى من ” تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ” (ص/928)
ولكن ذلك لا يتعارض مع جواز ضرب اليتيم للتأديب من غير أذى ولا إذلال ، فقد نص العلماء على ذلك .
يقول ابن عابدين رحمه الله :
” وله ضرب اليتيم فيما يضرب ولده ” انتهى من ” رد المحتار ” (6/426)
وجاء في ” فتاوى اللجنة الدائمة ” (14/250):
” يجوز ضرب اليتيم لتأديبه بغير إلحاق ضرر به أو أذى أو إذلال ” انتهى.
عبد العزيز بن باز – عبد العزيز آل الشيخ – صالح بن فوزان – بكر أبو زيد.
وانظر جواب السؤال رقم : (128724)
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android