تنزيل
0 / 0

حلف كاذبا ليأخذ صاحبه صدقته ولا يردها

السؤال: 164507

فعلت شيئاً ولا أدري أكنت محقاً أم مخطئاً ؛ أعرف شخصاً بسيط الحال فقيراً فأحببت أن أعطيه صدقة ، ولكنه عزيز ولا يقبل الصدقة من أحد ولا يسأل أحداً أبداً ، لذلك فقد قمت بإرسال هذه الصدقة عن طريق البريد إليه ، وعزمت على أن لا أقول إني أنا المرسل مطلقاً.
فبعد أن وصلته جاء إليّ شاكّاً أني أنا من أرسل هذه الصدقة فسألني: أنت من أرسل هذه ؟ فقلت له لا ، علماً مني أن الكذب يجوز في ثلاث حالات، إحداها الإصلاح بين شخصين، فاجتهدت واعتبرت أن وضعي مندرج تحت هذه الحالة.
لو قلت له إنني أنا من أرسلها لجرحت مشاعره ، ولاضطر إلى ردها إلي وعدم قبولها، وأنا أعلم أنه في أشد الحاجة إليها ، لذلك كذبت وقلت أني لم أرسلها، بل إنه استحلفني فحلفت..!
فلا أدري هل فعلي هذا صحيح أم لا ؟ وهل اليمين التي حلفتها يمين غموس ؟ وماذا يجب عليّ أن أفعل الآن ؟ أرجو التوضيح وجزاكم الله خيراً.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
ما قمت به من إرسال الصدقة لهذا الرجل ، وإخفائها ، والحرص على وصولها إليه ، عمل
طيب ، نسأل الله أن يجزيك عليه خير الجزاء ، لكنك أخطأت في الحلف الكاذب ، والواجب
أن تتوب إلى الله تعالى من ذلك ، وكان يسعك أن تستعمل التورية .
والتورية : أن يقول القائل كلاماً يظهر منه معنى يفهمه السامع ولكن القائل يريد
معنى آخر يحتمله الكلام ، كأن تقول : ما أرسلت مالا لك ، وتقصد أنك لم ترسله قبل
شهر مثلا ، أو لم ترسله اليوم ، وهي جائزة إذا دعت الحاجة أو المصلحة الشرعية لها .
قال النووي رحمه الله : ” قال العلماء :‏ فإن دعَت إلى ذلك مصلحة شرعيَّة راجحة على
خداع المخاطب ، أو دعت إليه حاجة لا مندوحة عنها إلا بالكذب : فلا بأس بالتعريض ،‏
فإن لم تدع إليه مصلحة ولا حاجة : فهو مكروه وليس بحرام ، فإن توصل به إلى أخذ باطل
أو دفع حق فيصير حينئذ حراماً ، وهذا ضابط الباب ” انتهى من ” الأذكار ” ( ص ‏380 )
.
وينظر : سؤال رقم (27261) .
ثانيا :
رخص بعض أهل العلم في الكذب ، وفي الحلف كذبا للمصلحة الراجحة .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله : ” ..فالمشروع للمؤمن أن يقلل من الأيمان
ولو كان صادقا ؛ لأن الإكثار منها قد يوقعه في الكذب ، ومعلوم أن الكذب حرام ، وإذا
كان مع اليمين صار أشد تحريماً ، لكن لو دعت الضرورة أو المصلحة الراجحة إلى الحلف
الكاذب فلا حرج في ذلك ؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أم كلثوم بنت
عقبة بن أبي معيط رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ليس الكذاب
الذي يصلح بين الناس فينمي خيرا ويقول خيراً . قالت : ولم أسمعه يرخص في شيء مما
يقول الناس إنه كذب إلا في ثلاث : الإصلاح بين الناس ، والحرب ، وحديث الرجل امرأته
، وحديث المرأة زوجها ) رواه مسلم في الصحيح . فإذا قال في إصلاحٍ بين الناس :
والله إن أصحابك يحبون الصلح ، ويحبون أن تتفق الكلمة ، ويريدون كذا وكذا ، ثم أتى
الآخرين وقال لهم مثل ذلك ، ومقصده الخير والإصلاح : فلا بأس بذلك للحديث المذكور .
وهكذا لو رأى إنساناً يريد أن يقتل شخصاً ظلماً أو يظلمه في شيء آخر ، فقال له :
والله إنه أخي ، حتى يخلصه من هذا الظالم إذا كان يريد قتله بغير حق أو ضربه بغير
حق ، وهو يعلم أنه إذا قال : أخي تركه احتراما له : وجب عليه مثل هذا لمصلحة تخليص
أخيه من الظلم .
والمقصود : أن الأصل في الأيمان الكاذبة المنع والتحريم ، إلا إذا ترتب عليها مصلحة
كبرى أعظم من الكذب ، كما في الثلاث المذكورة في الحديث السابق ” انتهى من “مجموع
فتاوى الشيخ ابن باز” (1 /54).
ولكن في التورية مندوحة ومخرج من الكذب ، كما سبق .
والله أعلم .

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android