0 / 0

كان يمارس العادة السرية ولا يغتسل جهلا بصفات المني ، فما حكم صلواته السابقة ؟

السؤال: 164854

بعد بلوغي أبتليت بالعادة السرية ، فكنت أستمني ، ولا أدري أن هذا هو ما يسمى المني فلم أكن اغتسل منه ، واستحييت من السؤال عن ذلك ، ثم علمت أن هذا هو المني الذي يلزم الغسل منه .
فما حكم صلاتي في الفترة الماضية ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الجهل منه ما يعذر فيه صاحبه ، ومنه ما لا يعذر فيه .
والذي يظهر – والله أعلم – أن هذا من الجهل الذي لا يعذر فيه الإنسان ، وذلك لجملة من الأمور :
أولاً :
أن هذا من الأمور التي يحتاج إلى معرفتها وتعلمها كلُّ مسلم ، والتقصير في ذلك تفريط واضح ، خاصةً في بيئة يتوافر فيها طلبة العلم والعلماء .
ومن كان جهله بسبب التفريط والتقصير في التعلم ، فلا عذر له .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ” العذر لا يكون عذراً إلا مع العجز عن إزالته ، وإلا فمتى أمكن الانسان معرفة الحق فقصر فيها ، لم يكن معذوراً “.
انتهى من “مجموع الفتاوى” (20/280).
وقال ابن اللَّحام عن الجاهل : ” فإذا قلنا يُعذر ، فإنما محلُّه إذا لم يُقصِّر ويُفرِّط في تعلم الحكم ، أما إذا قصَّر أو فرَّط ، فلا يُعذر جزماً “.
انتهى من ” القواعد والفوائد الأصولية” ص 87.
وقال المَقَّري : ” لا عذر في الجهل بالحكم ما أمكن التعلم “.
انتهى من ” القواعد” (2/412) .
وقال القرافي : ” القاعدة الشرعية دلَّت على أن كلَّ جهل يمكن المكلف دفعه لا يكون حجة للجاهل ؛ فإن الله تعالى بعث رسله إلى خلقه برسائله ، وأوجب عليهم كافة أن يعلموها ، ثم يعملوا بها ، فالعلم والعمل بها واجبان ، فمن ترك التعلم والعمل ، وبقي جاهلا : فقد عصى معصيتين ، لتركه واجبين “. انتهى من “الفروق ” ( 4/264) .
وقال الشيخ ابن عثيمين : ” إذا كان في بلدٍ فيه العلماء ، ولكنه فرَّط ، فهذا لا يعذر بالجهل ” انتهى من ” لقاء الباب المفتوح” (19/32).
فالجاهل بسبب إعراضه عن العلم الذي يستطيع الوصول إليه غير معذور ، وكان الواجب عليك إذ علمت أن نزول المني يوجب الغسل ولا تصح الصلاة دونه ، أن تسأل لتتعرف على صفاته وأحكامه .

ثانياً :
أن معرفة هذا مما لا يخفى على عموم الناس ، وما اشتهر وذاع بين الناس لا يعذر أحد بجهله ، ” وَلاَ تُقْبَل دَعْوَى الْجَهْل فِي الأْمورِ الْمُشْتَهِرَةِ بَيْنَ النَّاسِ “.
انتهى من ” الموسوعة الفقهية ” (16/200).
قال جلال الدين السيوطي : ” كلُّ من جهل تحريم شيء مما يشترك فيه غالب الناس لم يُقبل ، إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام ، أو نشأ ببادية بعيدة يخفي فيها مثل ذلك ” انتهى من “الأشباه والنظائر” (صـ 357).

ثالثاً :
” أن الْجَهْل وَالنِّسْيَان يُعْذَرُ بِهِمَا فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى في الْمَنْهِيَّاتِ دُونَ الْمَأْمُورَاتِ ” ، انتهى من ” المنثور في القواعد ” للزركشي (2/3).
وقال الشيخ ابن عثيمين : ” ترك المأمور لا يعذر فيه الإنسان بالجهل أو النسيان ، وفعل المحذور يعذر فيه الإنسان بالجهل أو النسيان ، وهذه قاعدة مقررة عند أهل العلم دل عليها كتاب الله ، وسنة رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “.
انتهى من ” مجموع فتاوى الشيخ” (12/399).
ولذلك أفتى الشيخ من أكل لحم إبل دون أن يعلم أن هذا لحم إبل ، بأنه يقضي الصلوات التي صلاها بعد أكل لحم الإبل .
ينظر: “شرح منظومة القواعد والأصول” لابن عثيمين (صـ90).
رابعاً :
أنه ” لا فرق في الجهل : بين الجاهل بالحكم ، والجاهل بالوصف “.
انتهى من ” شرح منظومة القواعد والأصول” لابن عثيمين (ص 152).
ومن الأسئلة الموجهة للجنة الإفتاء بالمملكة : أنا امرأة تزوجت منذ سبعة عشر عاماً ، وكنت في بداية زواجي أجهل بعض بل كل أحكام الغسل من الجنابة ؛ لجهلي بالأمور المسببة للجنابة وكذلك زوجي ، وهذا الجهل ينحصر منا في أن الجنابة لا تكون إلا على الزوج فقط … فماذا علي أن أعمل بالنسبة للصلوات التي صليتها أثناء هذه الفترة ، علما بأنني أغتسل بنية النظافة وليس لرفع الحدث …
فكان الجواب : ” يجب عليك قضاء الصلوات التي صليتها بدون غسل من الجنابة لتفريطك وعدم تفقهك في الدين ، وعليك مع القضاء التوبة إلى الله من ذلك “.
انتهى من ” فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ” (6/197).
وبناء على ما سبق :
فيلزمك قضاء جميع الصلوات التي صليتها دون طهارة ، وعليك الاجتهاد في تقديرها بالتقريب ، مع العلم أن الأغسال التي كنت تغتسلها دون نية رفع الجنابة لا ترفع الحدث ، واحرص على الإكثار من النوافل ، عسى الله أن يجبر بها ما فاتك من نقص في الأيام الماضية .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android