0 / 0
62,51127/04/2011

أصيب بالوسواس بعد توبته من المعاصي ويخشى من الهلاك بسببه

السؤال: 168689

بعد أن كنت في ضلال ، لا أصلي ، فقد تركت الصلاة منذ زمن ، ولا أفكر بآخرتي ، وأفعل المعاصي ، قررت أن أتوب لله وأرجع أصلي ، وأكثر من عمل الخير لأكون من الناجين … ولكن من يوم أن تبت ، بدأت الدنيا تغلق كل أبوابها في وجهي ، فقد بدأت عندي الوسوسة في الصلاة ، فقد كنت أقطع الصلاة مرارا وتكرارا ، وأعيدها ، وبعد أن تخلصت من هذا النوع من الوسوسة بقوة الإرادة جاءني وسواس الوضوء ، فقد كنت أعيد الوضوء مرات عديدة ، ومن ثم جاءتني الوسوسة في الطهارة ، فقد أصبحت أشك في طهارة كل شيء ، وكنت أبدل ملابسي عدة مرات ، وتراني أمسك منديلا وأمسح أيدي الأبواب (كالمجنون) ، وبحمد الله كل هذه الوساوس كدت أن أتخلص منها ، إلا أنه بقي عندي وسواس الطهارة ، وأنا الآن أتخلص منه ، وقريبا سيتم القضاء عليه نهائيا ، إن شاء الله . والآن من جديد سمعت أن من سب الله أو الدين أو الرسول يعد كافرا ، وبما أن المجتمع الذي أعيش فيه ، غير ملتزم نوعا ما فقد أكون قد رددت هذه الكلمة عدة مرات بقصد أو بدون قصد ، فأنا أتذكر أني سببت الله عن غير قصد في إحدى المرات ، وأتذكر أيضا أني سببت عن قصد وأنا على الشات بالنت ، فقد كتبت الكلمة ، وأنا الآن حتى هذه اللحظة ، أتخيل ، وتأتي وساوس تقول لي بأن لا حاجة لأن أصلي وأتعب نفسي في فعل الخير ، فانا غير مسلم أصلا ، ومن هذا النوع ،،، بصراحة أنا لم أعد أطيق حياتي ويئست ،،، ماذا افعل ؟ ساعدوني ، أرشدوني ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

من الجيد أن تعلم ـ أيها السائل الكريم ـ أن مشكلتك الحقيقية هي في ذلك الداء النفسي الذي ألم بك ، داء الوسواس القهري ، وهو داء إذا استحكم من العبد ، عياذا بالله ، أوشك أن يفسد عليه دينه ودنياه ، ولذلك كان من توفيق الله لك أن انتبهت إلى خطره عليك ، وشرعت في علاجه .
وإن من أعظم أسباب علاج هذا الداء ألا تلتف إليه ، وتمضي في عبادتك على وجه الصحة ، دون اعتبار إلى ما يأتيك فيها من وساوس .
وقد سبق التنبيه على الوسواس وطرق علاجه في جواب السؤال رقم (102851)، وأجوبة أخرى عديدة .
ولتعلم أن ما تتوهمه من أنه لا فائدة من عبادتك ، وصلاتك ، ونحو ذلك : لتعلم أن ذلك هو نهاية الطريق الذي يريد عدو الله أن يصل بك إليه ، فيفتح عليك باب الوساوس والتشكك في كل شيء ، ومقصوده ليس إقامة عبادتك ، ولا تصحيحها ، إنما مقصوده أن يصعبها عليك حتى تتركها ، أو يوهمك أنه لا فائدة منها بالكلية ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، ولذلك كان تاريخ صراع عدو الله معك : ( من يوم أن تبت ) ، كما ذكرت في سؤالك !! فماذا يفعل بك اللعين ، أو يرجو منك قبل توبتك ، وقد تركت صلاتك ؟!! فإن ” البيت الخالي ليس فيه شيء يسرق ؛ ولهذا قيل لابن عباس رضي الله عنهما : إن اليهود تزعم أنها لا توسوس في صلاتها ؟! فقال : وما يصنع الشيطان بالقلب الخراب ؟! ” . انتهى من “الوابل الصيب” ، لابن القيم (30) .
والواجب عليك ، كما سبق ، ألا تلتفت إلى شيء من هذه الوساوس ، في إيمانك ، وعباداتك .
والأمر العجيب أن وسوسة عدو الله تتمكن من العبد حتى يغفل بها عن الأمور البديهية ، والبديهية جدا ؛ فإذا افترضنا جدلا أنك قد وقعت في شيء من أعمال الشرك ، أو الأقوال المخرجة من دين الإسلام : كسب الله ، أو سب رسوله ، أو ما أشبه ذلك والعياذ بالله ؛ نفترض جدلا أنك قد وقعت في شيء من ذلك على وجه القطع واليقين ؛ فليس هذا هو نهاية الطريق ولا خاتمة المطاف ، حتى وإن كان كفرا بالله جل جلاله ؛ فالكفر ليس وصفا ملازما لصاحبه على وجه الدوام ، بل هو وصف وقع عليه بسبب أقواله وأعماله ؛ فمن شاء النجاة منه ، فليتب مما فات ، وليترك الكفر وأسبابه فيما هو آت !!
لقد كان الحل الأسهل لك ، والأسرع : أن تتوب إلى الله مما وقعت فيه من الأقوال والأعمال التي تغضبه ، سواء كانت كفرا ، أو ما دون ذلك ؛ فهذا هو التصرف المنطقي الوحيد ، أما أن توهم نفسك أنه لا فائدة في أعمالك وصلواتك ، فأي شيء يريد منك عدو الله أكثر من ذلك ، هذا هو غاية مراده منك .
هذا ، كما قلنا ، على افتراض أنك قد وقعت في هذه الأعمال والأقوال ، على وجه القطع واليقين ، وليس مجرد وساوس . ثم إنه حكمها لا يثبت على صاحبها أيضا إذا كان قد وقع فيها على وجه القطع واليقين ، لكنه حين وقوعه فيها كان مغلوبا على عقله ، بنوم ، أو وسواس قهري ، أو إكراه ملجئ ، أو نحو ذلك . فحتى يثبت حكمها : لا بد أن يكون صاحبها قد وقع فيها وهو يعقل ما يقول ، ويختاره .
فدع عنك ما بقي عليك من وساوسك ، يا عبد الله ، جملة واحدة ، وأقبل على الله تعالى بقلبك وعملك ، وتب إليه من ذنبك كله ، دِقِّه وجُلِّه .
والله يتوب علينا وعليك ، ويهدينا وإياك إلى سواء السبيل .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android