هل يحرم على الرجال أن يمشطوا شعورهم يومياً؟
حكم مشط الشعر وتسريحه كل يوم
السؤال: 169819
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
يستحب تسريح الشعر ودهنه ؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( مَنْ كَانَ لَهُ شَعْرٌ فَلْيُكْرِمْهُ ) رواه أبو داود (3632) وصححه الشيخ الألباني في صحيح أبي داود
قوله : ” فليكرمه ” : ” أي فليزينه ولينظفه بالغسل والتدهين والترجيل ولا يتركه متفرقاً، فإن النظافة وحسن المنظر محبوب..” انتهى من حاشية “عون المعبود” (9/1183) .
غير أن المبالغة في الاعتناء بالشعر والمنظر مذمومة ، لما فيها من الإسراف وتضييع الوقت والجهد من غير فائدة ، وقد ( نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ التَّرَجُّلِ إِلَّا غِبًّا ) رواه أبو داود (3628) والترمذي (1678) وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح الترمذي .
قال ابن الأثير رحمه الله : الترجل والترجيل: تسريح الشعر وتنظيفه وتحسينه..” انتهى من غريب الحديث (2/494) .
وقوله : ” إلا غباً ” قال الإمام أحمد رحمه الله ” يدهن يوماً ويوماً لا ” قاله في ” المغني” (1/67)
وقال الشوكاني رحمه الله: ” والحديث يدل على كراهة الاشتغال بالترجيل في كل يوم؛ لأنه نوع من الترفه. وقد ثبت من حديث فضالة بن عبيد عند أبي داود قال : (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينهانا عن كثير من الإرفاه) .
والإرفاه : الاستكثار من الزينة وأن لا يزال يهيئ نفسه” انتهى من “نيل الأوطار” (1/159) .
وقال ابن القيم رحمه الله : “والصواب أنه لا تعارض بينهما – أي بين حديث (من كان له شعر فليكرمه) ، وبين حديث (النهي عن الترجل إلا غباً) – ، فإن العبد مأمور بإكرام شعره ومنهي عن المبالغة والزيادة في الرفاهية والتنعم، فيكرم شعره ولا يتخذ الرفاعية والتنعم ديدنة ، بل يترجل غباً ، هذا أولى ما حمل عليه الحديثان” انتهى من “حاشية السنن” (11/147) .
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ أَتَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” فَرَأَى رَجُلًا ثَائِرَ الرَّأْسِ فَقَالَ (أَمَا يَجِدُ هَذَا مَا يُسَكِّنُ بِهِ شَعْرَهُ) رواه أحمد (14321) وأبو داود (3540) والنسائي(5141) وصححه الشيخ الألباني رحمه الله .
وروى مَالِك في الموطأ (1494) عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ أَخْبَرَهُ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ فَدَخَلَ رَجُلٌ ثَائِرَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ أَنْ اخْرُجْ كَأَنَّهُ يَعْنِي إِصْلَاحَ شَعَرِ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ فَفَعَلَ الرَّجُلُ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَلَيْسَ هَذَا خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدُكُمْ ثَائِرَ الرَّأْسِ كَأَنَّهُ شَيْطَانٌ )
قال ابن عبد البر رحمه الله: ” ولا خلاف عن مالك أن هذا الحديث مرسل وقد يتصل معناه من حديث جابر وغيره…وفيه الحض على ترجيل شعر الرأس واللحية وكراهية إهمال ذلك والغفلة عنه حتى يتشعث ويسمج ” انتهى من “التمهيد” (5/50) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ” ويستحب الترجل غباً وهو تسريح الشعر ودهنه وكذلك دهن البدن..وذكر رحمه الله الأدلة السابقة… قال أحمد معناه يدهن يوماً ويوماً لا .
والقصد : أن يكون ادهانه في رأسه وبدنه متوسطاً على حسب حاله حتى لو احتاج إلى مداومته لكثرة شعره وقحول بدنه جاز، لما روي عن أبي قتادة أنه كانت له جمة ضخمة فسأل النبي صلى الله عليه وسلم ، فأمره أن يحسن إليها وأن يترجل كل يوم رواه النسائي .
وروى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : ( من كان له شعر فليكرمه ) رواه أبو داود وعن جابر قال : رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً ثائر الرأس فقال : أما يجد هذا ما يسكن به شعره رواه أحمد وأبو داود والنسائي” انتهى .
والحاصل : أن المطلوب من الرجل أن يسرح شعره ولا يتركه يتشعث وينتفش ، ولكنه منهي عن المبالغة في الاهتمام بشعره ، أما مع عدم المبالغة والإكثار ، فلا حرج عليه .
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب