أعيش في بلد غير إسلامي، وقد حصلت على عمل كقائد تاكسي أمام أحد الفنادق. ولكني لم أبدء حتى الأن لأن هناك أموراً أريد أولاً أن أستوضحها.
فقد جرت العادة أن سائق التاكسي يقوم بإعطاء عشرة دولارات للشخص الذي يرتب الحجز ويعطيك الراكب، وهذا أمر معروف لدى الجميع في هذه المهنة. وقد أخبرني البعض أن هذا المبلغ غير قانوني وإذا اكتشفت الجهات الأمنية أنك تعطي ذلك الرجل هذا المبلغ فربما يفرضوا عليك غرامة، بعبارة أخرى أن هذا العمل يُعتبر رشوة.
وقد أخبرت مديري بهذا الموضوع، فقال لي أنها ليست رشوة لأنهم متفقين مسبقاً مع إدارة الفندق على هذا الأمر، وهم يفعلون ذلك من باب التعاون مع هذا الشخص (مرتب الحجز) لأن ما يتقاضاه أصلاً هو مبلغ لا يكفي وبالتالي فقد سمحوا بمثل ذلك. وبالتالي فهذا المبلغ تحول من اعتباره رشوة الى أمر مفروض يجب إخراجه طالما أن تلك هي لوائح الفندق.
وللعلم أن مديري رجل مسلم يعمل في هذا الحقل منذ خمس سنوات. إنه يقول: لو كان حراماً لما فعلناه… أسئلتي هي:
1- ما تعريف الرشوة على ضوء الكتاب والسنة؟
2- هل السيناريو المذكور يُعتبر رشوة أم لا؟
3- على فرض أن الحكم التحريم، فهل إعطائي لهذا المبلغ يجعل من دخلي كله حراماً؟
أرجوا التوضيح وجزاكم الله خيراً.
أخذ موظف الفندق عمولات من أصحاب التاكسي لتنظيم حركتهم
السؤال: 170239
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
إذا كان هذا الشخص المنظم للحجز يعمل في الفندق ، ويأخذ ما يأخذه من السائقين بعلم الفندق ، ولا يحابي أحدا على أحد ، فلا حرج في ذلك .
والمحذور في هذا المقام أمران :
الأول : هدايا العمال ، وهي أن يعطى للموظف مالا دون علم جهة عمله ؛ لما روى البخاري (7174) ومسلم (1832) عن أبي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه قَالَ : اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلا مِنْ بَنِي أَسْدٍ يُقَالُ لَهُ ابن اللُّتْبِيَّة عَلَى صَدَقَةٍ فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ : هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ : ( مَا بَالُ الْعَامِلِ نَبْعَثُهُ فَيَأْتِي يَقُولُ : هَذَا لَكَ وَهَذَا لِي ، فَهَلا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَيَنْظُرُ أَيُهْدَى لَهُ أَمْ لا ؟ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا يَأْتِي بِشَيْءٍ إِلا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ إِنْ كَانَ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ أَوْ شَاةً تَيْعَرُ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَتَيْ إِبْطَيْهِ أَلا هَلْ بَلَّغْتُ ثَلاثًا ) .
والرغاء : صوت البعير ، والخُوار : صوت البقرة ، واليُعار : صوت الشاة .
وروى أحمد والبيهقي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( هدايا العمال غلول ) أي خيانة . والحديث صححه الألباني في صحيح الجامع رقم 7021
فهذه الهدايا يراد منها تسهيل الأعمال ، أو التجاوز عن الأخطاء والمخالفات ، أو محاباة المهدي وتقديمه على غيره ، فمنعت الشريعة من ذلك سدا للذريعة المفضية للفساد .
فإن حصل ذلك بعلم جهة العمل زال المحذور .
والثاني : الرشوة ، وهي ما يبذل من المال لإبطال حق أو إحقاق باطل ، أو ما يدفعه الإنسان ليأخذ ما ليس من حقه ، أو ليتهرب بها من حق عليه .
وينظر : “الموسوعة الفقهية” (24/256) ، الحوافز التجارية، ص 119
قال الشيخ ابن باز رحمه الله : ” ذكر ابن عابدين رحمه الله في حاشيته : (أن الرشوة هي : ما يعطيه الشخص لحاكم أو غيره ليحكم له أو يحمله على ما يريد) ، وواضح من هذا التعريف أن الرشوة أعم من أن تكون مالا أو منفعة يمكنه منها , أو يقضيها له . والمراد بالحاكم : القاضي , وغيره : كل من يرجى عنده قضاء مصلحة الراشي , سواء كان من ولاة الدولة وموظفيها أو القائمين بأعمال خاصة كوكلاء التجار والشركات وأصحاب العقارات ونحوهم , والمراد بالحكم للراشي , وحمل المرتشي على ما يريده الراشي : تحقيق رغبة الراشي ومقصده , سواء كان ذلك حقا أو باطلا” انتهى من “مجموع فتاوى ابن باز” (23/ 223) .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب