0 / 0
57,98406/07/2011

نبذة عن ” أبي حيان التوحيدي ” وكتابه ” البصائر والذخائر “

السؤال: 170262

هل من نبذة عن شخصية ” أبي حيان التوحيدي ” وهل هو من الملحدين ؟ وما رأيكم بكتابه ” الذخائر والبصائر ” ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

شخصية أبي حيَّان التوحيدي – توفي عام 414 هـ – شخصية جدليَّة ، وقد تضاربت الأقوال في اعتقاده ومنهجه – بل وحتى في لقبه ” التوحيدي ” هل هو نسبة لنوع تمر أو هو للتوحيد الذي عند المعتزلة وحقيقته : نفي صفات الله تعالى – فمن قائل فيه إنه زنديق ضال ملحد ، ومن قائل إنه كان صحيح العقيدة وليس عنده ما يوجب الوقيعة فيه .
ومن أبرز القادحين فيه : ابن الجوزي والذهبي رحمهما الله .
قال الإمام الذهبي – رحمه الله – : ” أبو حيان التوحيدي ، الضال الملحد ، أبو حيَّان ، علي بن محمد بن العباس البغدادي الصوفي ، صاحب التصانيف الأدبية والفلسفية ، ويقال : كان من أعيان الشافعية .
قال ابن بابي في كتاب ” الخريدة والفريدة ” : كان أبو حيان هذا كذَّاباً ، قليل الدين والورع عن القذف والمجاهرة بالبهتان ، تعرض لأمور جسام من القدح في الشريعة والقول بالتعطيل ، ولقد وقف سيدنا الوزير الصاحب كافي الكفاة على بعض ما كان يدغله ويخفيه من سوء الاعتقاد فطلبه ليقتله ، فهرب والتجأ إلى أعدائه ، ونفق عليهم تزخرفه وإفكه ، ثم عثروا منه على قبيح دخيلته وسوء عقيدته وما يبطنه من الإلحاد ويرومه في الإسلام من الفساد ، وما يلصقه بأعلام الصحابة من القبائح ، ويضيفه إلى السلف الصالح من الفضائح ، فطلبه الوزير المهلبي ، فاستتر منه ، ومات في الاستتار ، وأراح الله ، ولم يؤثر عنه إلا مثلبة أو مخزية “.
وقال أبو الفرج بن الجوزي : ” زنادقة الإسلام ثلاثة : ابن الراوندي ، وأبو حيان التوحيدي ، وأبو العلاء المعري ، وأشدهم على الاسلام : أبو حيان ؛ لأنهما صرَّحا ، وهو مجمج ولم يصرح ” .
قلت : وكان من تلامذة علي بن عيسى الرماني ، ورأيته يبالغ في تعظيم الرماني في كتابه الذي ألفه في تقريظ الجاحظ ، فانظر إلى المادح والممدوح ، وأجود الثلاثة الرماني – مع اعتزاله وتشيعه – .
وأبو حيان له مصنف كبير في تصوف الحكماء وزهاد الفلاسفة ، وكتاب سمَّاه ” البصائر والذخائر ” ، وكتاب ” الصديق والصداقة ” مجلد ، وكتاب ” المقابسات ” ، وكتاب ” مثالب الوزيرين ” – يعني : ابن العميد وابن عباد – ، وغير ذلك .
وهو الذي نسب نفسه إلى التوحيد ، كما سمى ابن تومرت أتباعه بالموحدين ، وكما يُسمِّي صوفية الفلاسفة نفوسهم بأهل الوحدة وبالاتحادية .
أنبأني أحمد بن أبي الخير عن محمد بن إسماعيل الطرسوسي عن ابن طاهر : سمعت أبا الفتح عبد الوهاب الشيرازي بالري يقول : سمعت أبا حيان التوحيدي يقول : أناس مضوا تحت التوهم ، وظنوا أن الحق معهم ، وكان الحق وراءهم .
قلت : أنت حامل لوائهم .
وقال أبو نصر السجزي الحافظ فيما يأثروه عنه جعفر الحكاك : سمعت أبا سعد الماليني يقول : قرأت الرسالة – يعني المنسوبة إلى أبي بكر وعمر مع أبي عبيدة إلى علي رضي الله عنهم – على أبي حيان ، فقال : هذه الرسالة عملتُها ردّاً على الرافضة ، وسببه : أنهم كانوا يحضرون مجلس بعض الوزراء وكانوا يُغلون في حال ” علي ” ، فعملتُ هذه الرسالة .
قلت : قد باء بالاختلاف على ” علي ” الصفوة ، وقد رأيتُها ، وسائرها كذِب بيِّنٌ ” انتهى من ” سير أعلام النبلاء ” ( 17 / 119 – 123 ) باختصار .
ومن أبرز الذابين عنه والمادحين له : تاج الدين الدين السبكي ووالده تقي الدين ، وابن النجار رحمهم الله .
قال تاج الدين الدين السبكي – رحمه الله – : ” قال ابن النجار : له المصنفات الحسنة كـ ” البصائر ” وغيرها .
قال : وكان فقيراً صابراً متديِّناً ، قال : وكان صحيح العقيدة .
قلت – أي : السبكي – : الحامل للذهبي على الوقيعة في التوحيدي – مع ما يبطنه من بغض الصوفية ! – هذان الكلامان – أي : كلام ابن بابي وابن الجوزي – ولم يثبت عندي إلى الآن مِن حال أبي حيان ما يوجب الوقيعة فيه ، ووقفتُ على كثير من كلامه فلم أجد فيه إلا ما يدل على أنه كان قوي النفس مزدرياً بأهل عصره ، لا يوجب هذا القدر أن ينال منه هذا النيل ، وسئل الشيخ الإمام الوالد رحمه الله عنه فأجاب بقريب مما أقول ” انتهى من ” طبقات الشافعية الكبرى ” ( 5 / 287 ، 288 ) باختصار .
وكان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يثبت لأبي حيان اشتغاله بالفلسفة ولا يجزم له بالزندقة.
قال – رحمه الله – : ” فإنَّ أبا حيان تغلب عليه الخطابة والفصاحة ، وهو مركب من فنون أدبية وفلسفية وكلامية وغير ذلك ، وإن كان قد شهد عليه بالزندقة غير واحد وقرنوه بابن الراوندي ، كما ذكر ذلك ابن عقيل وغيره ” انتهى من ” العقيدة الأصفهانية ” ( ص 172 ) .
وقال – رحمه الله – أيضاً – : ” والغزالي في كلامه مادة فلسفية كبيرة بسبب كلام ابن سينا في ” الشفا ” وغيره ، ” ورسائل إخوان الصفا ” وكلام أبي حيان التوحيدي ” انتهى من ” مجموع الفتاوى ” ( 6 / 54 ) .
ونحن نتوقف في الحكم عليه حتى نقف على ترجمة لباحث يتفرغ لقراءة كتبه ويحكم على جمله وعباراته بالعدل ، ولعلنا نحظى برسالة جامعية متخصصة من باحث من أهل السنَّة قريباً ، وبعدها لعلنا نرجِّح قولاً على آخر .
وأما كتابه ” البصائر والذخائر ” فهو يحتوي على قطع أدبية مسموعة ومنقولة ، وقد أثنى عليه ابن النجار – كما سبق ذِكر كلامه – ، وفيه أشياء فائقة البلاغة ، حسنة المعنى جدا . ووقفنا فيه على نقدٍ شديد لأهل الكلام في دينهم وسلوكهم وتعبدهم ، وقد حققه جماعة من المختصين وطُبع عدة طبعات ، وقد استوفت الكلام عليه – تقريباً – الدكتورة وداد القاضي وذلك في دراسة خاصة بالكتاب جعلتها في آخره .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android