0 / 0
18,21406/07/2011

في ذمتها ديْن لكافر ولم تجد له أثراً فكيف تتصرف لتبرأ ذمتُها ؟

السؤال: 170462

قبل أن أعتنق الإسلام كنت قد اقترضت مبلغاً قدره 800 يورو من أحد الأًصدقاء ، وأعطاني حينها رقم حسابه من أجل أن أرد له المبلغ حالما تتيسر أموري إلى ذلك الحساب .
وبالفعل توفر لدي المبلغ وأردت أن أحول له ذلك المبلغ على الحساب الذي أعطاني ، ولكن لم تتم العملية لأن الحساب لم يعد موجوداً ، حاولت عدة مرات ولكن دون جدوى ، قمت بمحاولة الاتصال عليه هاتفيّاً ولكن لم أتحصل على أي رد ، أرسلت رسائل إليكترونية فكانت ترجع إليَّ رسالة تقول إن ذلك المشترك ليس موجوداً في الخدمة ، أرسلت رسائل جوال ، حاولت أن أستخرج هاتف منزله من دليل الهاتف فلم أجده ، كخيار أخير حاولت التواصل مع والده في شركته ولكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل .
الآن ما الذي يجب عليَّ فعله أكثر من هذا ؟! ماذا لو لم أجده ؟ وماذا لو لم يعد حيّاً ؟ هل سأدخل النار لعدم سدادي ديْنه ؟ وهل أستطيع في مثل هذه الحالة الاحتفاظ بذلك المبلغ ؟ لأنني في الحقيقة فقدت عملي في شهر أكتوبر العام الماضي لعدم إذعاني للضغوط التي أصرت على خلع حجابي ، وانتهى بهم الأمر أن طردوني من العمل واتهموني بالتطرف ، وأنا امرأة وحيدة ، ومبلغ ثمانمائة يورو يعني الكثير بالنسبة لي ، وسيساعدني في تصريف بعض احتياجاتي لبعض الوقت ، أم إن الأفضل أن أتصدق بها لإحدى المنظمات الإسلامية ؟ .
أرجو النصيحة ، وجزاكم الله خيراً .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

نسأل الله تعالى أن يتقبل منك عملك الصالح ، ونشكر لك أمانتك وحرصك على أداء الحقوق إلى أهلها ، وهذا – لا شك – من عظيم أخلاق المسلمين الذين أمرهم الله تعالى بأداء الأمانات إلى أهلها .
وأما بخصوص ما سألتِ عنه من القرض الذي في ذمتك لذلك الشخص الغائب : فالذي يلزمك فعله أمور :
1. الجد والاجتهاد في البحث عنه لإبراء ذمتك بسداد ديْنه .
2. إن تبيَّن أنه ليس على قيد الحياة : فتبحثين عن ورثته لدفع المال إليهم .
3. إن بذلتِ وسعك ولم تعلمي له أثراً ، كما ذكرت أنت في سؤالك : فيلزمك التصدق بالمال عنه ، فإن كان على قيد الحياة فقد يستفيد من تلك الصدقة رزقاً في الدنيا أو دفع مكروه ، وأما بعد موته فلا يستفيد منها شيئاً .
وينظر – للتوسع – جواب السؤال رقم ( 132608 ) .
4. وإذا كنتِ محتاجة بسبب فقر أو ديون فلا نأمرك بالصدقة على الناس ونحرمك منها ، بل لك أن تأخذي منها قدر حاجتك ، وتتصدقين بالباقي ، إن بقي منه شيء زائد عن حاجتك ، وإذا كان هذا هو الراجح في حكم التصرف بمن في يديه مال محرَّم – كما ذكرناه عن الغزالي وابن تيمية وابن القيم – فأولى أن يكون كذلك في المال الحلال .
وانظري أجوبة الأسئلة ( 82595 ) و (78289 ) و ( 81915 ) .
5. إن ظهر صاحب المال أو ورثته يوماً من الدهر : فتخيرينهم بين إمضاء التبرع به أو دفعه لهم ، فإن اختاروا الأول فقد يستفيدون منه في دنياهم ، وإن اختاروا الثاني فيلزمك دفع المال لهم ويكون أجر الصدقة لكِ .
وهذه طائفة من فتاوى أهل العلم تنص على ما ذكرناه آنفاً .
1. سئل علماء اللجنة الدائمة :
رجل تعامل مع أحد النصارى وبقي للنصراني بعد المعاملة بعض الدنانير عند الرجل ، واختفى هذا النصراني وبقيت الدنانير عند الرجل ، والمشكلة أنه لا يعرف أين يسكن هذا النصراني ولا أين هو ، فأفيدونا – حفظكم الله – ما يفعل الرجل بهذه الدنانير ؟ .
فأجابوا :
الواجب في مثل هذه الحال البحث عن صاحب الحق حتى يؤدي إليه حقه ، وبما أنك لا تعرف مكان عمله ولا إقامته : فإنك تتصدق بهذه الدنانير بالنية عن صاحبها ، فإن جاء إليك يوما يطلب حقه فأخبره بما عملت ، فإن أقره وإلا فادفع إليه حقه ويكون ثواب ما تصدقت به لك .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ بكر أبو زيد .
” فتاوى اللجنة الدائمة ” ( 14 / 70 ، 71 ) .
2. وقالوا :
من كان عنده مال لأحد وهو لا يعرفه ، ولا يستطيع إيصاله إليه أو ورثته بأي وسيلة : فإنه يتصدق به على نية أن الأجر لصاحبه ، فإن جاء أو من ينوب عن ورثته وطلبه : دفعه إليه ، ويكون أجر الصدقة للمتصدق .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ بكر أبو زيد .
” فتاوى اللجنة الدائمة ” ( 14 / 69 ) .
3. وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – :
الواجب على هذا الذي في ذمته ديون للناس : أن يبحث عنهم حتى لو انتقلوا إلى مكان آخر ، فالواجب : أن يبحث عنهم في المكان الذي انتقلوا إليه ، وليبحث عن ورثته إن كانوا قد ماتوا ؛ لأن هذا حق آدمي معيَّن ، فيجب عليه إيصاله إليه مهما كانت الكلفة والمشقة ، فإن أيس من العلم بهم ولم يَرْجُ العثور عليهم : فإنه في هذه الحال يتصدق به عنهم ، أو يجعله في مسجد من المساجد في عمارة المسجد أو شراء برادة له أو ما أشبه ذلك ، وينوي به أنه عمن يستحق هذا المال ، والرب عز وجل يعلم ذلك فيوصله إلى صاحبه وتبرأ منه ذمة المطلوب .
فخلاصة الجواب : أنه إذا كان يمكنه ولو مع مشقة أن يوصله إلى أهله : وجب عليه ، وإن لم يمكن وتعذر ولا يرجو أن يجده في المستقبل : فإنه يتصدق به عنه .
” فتاوى نور على الدرب ” ( شريط 134 ) .
http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_5714.shtml

ونوصيك بالصبر على ما لقيتِ بسبب حجابك ، واعلمي أن الدنيا كلها لا تسوى عند الله جناح بعوضة ، وهي لا تستحق أن يشتريها المسلم العاقل على حساب آخرته ، وداومي على الدعاء أن ييسر الله أمرك ويفرج كربك ، ومع التقوى والدعاء أن ييسر الله أمرك ، فرجاؤنا في الله أن يكون لك فَرَج قريب .
والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android