0 / 0

تربية أطفال المسلمين في الغرب على النفرة من الخنزير

السؤال: 171711

في بلدي في الغرب ، تعد الخنازير جزءا كبيرا من الثقافة في المجتمع الغربي ، ليس فقط في الأكل ، ولكن أيضا في قصص الأطفال والكرتون والدمى ، فهل يعد استخدام أشكال الخنازير في ألعاب الأطفال حراما ، لكي لا نجعل الخنازير مألوفة لدى أطفالنا ؟ وهل أجنب أطفالي رؤية هذا الحيوان ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

لا شك أن المعاني والأشياء والمفردات التي تمر بالطفل في مراحل تربيته الأولى يمتد أثرها أطول بكثير مما يعتقده المربون للطفل أنفسهم ، ولا تزول بزوال تلك المرحلة ؛ بل تبقى مكونا هاما من مكونات وجدانه وعقله الباطن ، ويظهر أثرها الواضح في تشكيل هويته ، وانتمائه الثقافي .
وفي صحيح البخاري (6130) ومسلم (2440) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : ( كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَانَ لِي صَوَاحِبُ يَلْعَبْنَ مَعِي ؛ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ يَتَقَمَّعْنَ مِنْهُ ، فَيُسَرِّبُهُنَّ إِلَيَّ فَيَلْعَبْنَ مَعِي ) .

وقد أشار أهل العلم إلى أن الشرع إنما رخص في لعب الصغار بمثل تلك اللعب ، مع نهيه عن الصور ، وتحريمه للتصوير ؛ لأجل ما في لعبهم بذلك من مساهمة في الإعداد الوجداني لما يكونون عليه في مستقبل أيامهم .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
( وَخُصَّ ذَلِكَ مِنْ عُمُومِ النَّهْيِ عَنِ اتِّخَاذِ الصُّوَرِ ، وَبِهِ جَزَمَ عِيَاضٌ وَنَقَلَهُ عَنِ الْجُمْهُورِ ، وَأَنَّهُمْ أَجَازُوا بَيْعَ اللَّعِبِ لِلْبَنَاتِ لِتَدْرِيبِهِنَّ مِنْ صِغَرِهِنَّ عَلَى أَمْرِ بُيُوتِهِنَّ وَأَوْلَادِهِنَّ ) انتهى من “فتح الباري” (10/527) .
ولا شك أن الخنزير ليس مجرد حيوان نجس ، أو محرم الأكل ، أو غير ذلك مما قد يقال فيه ، أو يتعلق به من الأحكام الشرعية ؛ وإنما هو مكون ثقافي للغرب النصراني ، وجزء من هوية هذه الأمة .
وفي صحيح البخاري (2222) ومسلم (155) عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ ) .
قال ابن بطال رحمه الله :
“وإنما قصد إلى كسر الصليب وقتل الخنزير : من أجل أنهما في دين النصارى المفترين المعتدين في شريعتهم إليه ، فأخبر النبي أن عيسى سيغير ما نسبوه إليه ، كما غيره محمد ، وأعلمهم أنهم على الباطل في ذلك ؛ فدل هذا أن عيسى يأتي بتصحيح شريعة محمد ، حاكمًا بالعدل بين أهلها” . انتهى من “شرح صحيح البخاري” ، لابن بطال (6/604) .
وقال النووي رحمه الله :
“وفيه دليل على تغيير المنكرات وآلات الباطل ، وقتلُ الخنزير من هذا القبيل . وفيه دليل للمختار من مذهبنا ومذهب الجمهور : أنا إذا وجدنا الخنزير في دار الكفر ، أو غيرها ، وتمكنا من قتله : قتلناه ، وإبطال لقول من شذ من أصحابنا وغيرهم فقال : يترك إذا لم يكن فيه ضراوة ” انتهى من شرح مسلم (11/221) .

والحاصل : أن الخنزير حيوان غير محترم ، وشعار من شعارات الكفر والكذب على الله تعالى ؛ فلا يصح من المسلم أن يربي أولاده على إلفته ، أو الاهتمام به ، أو التعلق به ؛ سواء كان في صورة قصة ، أو لعبة ، أو تمثيلية ، أو غير ذلك ، بل المشروع تنبيهه إلى تعلقه بالدين الباطل ، وأنه من علاماته ، وأنه لا حرمة له في الشرع ، بحسب ما يناسب فهمه وعقله ؛ حتى إذا كبر ، تعلم ما يتعلق به من الأحكام الشرعية على وجهها .
وأما تجنيب أطفالك رؤيته : فهذا إن كان المراد به الرؤية العابرة ، أو رؤية صورته بصورة عارضة : فهو أمر يشق عمله ، كما لا نرى لزومه أيضا ؛ وإنما المراد ألا يكون مألوفا بالنسبة له ، ولا في محل العناية والاهتمام .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android