0 / 0

مصاب بالصرع فهل له ترك صلاة الجمعة والجماعة ؟

السؤال: 173064

أعاني طيلة حياتي من نوبة صرع شديدة ، ولكني أتعايش معها بدون مشاكل ، ولكن منذ أن بلغت حوالي 18 عاماً وبدأت في ممارسة الإسلام ، وأنا أخاف من أن يهاجمني الصرع ، أنا عمري الآن 23 عاماً ومتزوج ولدي أطفال ، وبدأ خوفي من الصرع يتصاعد لدرجة أني أصبحت لا أخرج أبداً من المنزل ، ولا حتى لصلاة الجمعة ؛ لأني أخاف من العالم الخارجي ولدي مشاكل كبيرة ، وأخشى الضياع ، جسدي ما زال معي ولكن عقلي في مكان آخر ، وأشعر أن كل شيء غير حقيقي وكأنه حلم ، مجرد التفكير في الخروج يصيبني بالخوف والغثيان ، ولدي وسواس قوي من الشيطان ، زوجتي الحامل في شهرها السابع عليها أن تشتري كل شيء وتقضي أي شيء من الخارج ، أنا حزين والشيطان يوسوس لي بالانتحار وبأفكار أخرى ، ولكن خوفي الأكبر هو أن أصبح كافراً ؛ لأني أخشى أن أخرج لصلاة الجمعة ، لقد قمت بالرقية عند ثلاثة أئمة مختلفين وجميعهم قالوا : بأنه ليس لدي مس من الجن أو الشيطان ولست مسحوراً ، ولكني لا أصدق ذلك لأني دائماً أعاني من ألم في البطن ، وتراودني أحلام بأني أسقط من أعلى ، أو يهاجمني كلب أسود وأستيقظ وأنا في حالة رعب ، أرجوكم ساعدوني .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:
نسأل الله تعالى أن يشفيك وأن يعافيك ، وأن يوفقك لما فيه صلاح دينك ودنياك ، واعلم أن ما ابتلاك الله تعالى به هو خير لك إن صبرتَ واحتسبتَ الأجر ، ولا يزال الشيطان يوسوس لك بالشر والسوء ليصدك عن الخير العظيم الذي ستناله من رب العالمين على صبرك على هذا الابتلاء ، فها هو يوسوس لك بالانتحار وهو كبيرة من كبائر الذنوب ، وليس في فعله فكاك لك من مرضك ثم راحة بال ، بل فيه قدوم على رب العالمين ليحاسبك على ما اقترفته يداك ،
وها هو يوسوس لك لتدع الصلاة مع المسلمين في المسجد – وخاصة يوم الجمعة – ، فاحذر أخي السائل من كيد الشيطان ووسوسته ، واستعن بالله تعالى ربك على دفع أذاه عنك ، والجأ إلى ربِّك ليرفع عنك المرض ، وكفى بالله وليّاً وكفى به نصيراً .

ثانياً:
لتعلم أنَّ تخطئتك للمشايخ الذين قاموا برقيتك ليس صواباً ، وما تعتقده أن الصرع شيء واحد وأنه من الجن فقط خطأ محض ، فالصرع صرعان : صرع من النفوس الخبيثة من الجن والشياطين ، وصرع من الأخلاط الرديئة وهو مرض عضوي ، وهو الذي يتكلم فيه الأطباء في سببه وعلاجه ، وقد ذكرنا الفرق بين النوعين في جواب السؤال رقم (10085 ) ، وذكرنا مفاهيم خاطئة عند الناس حول الصرع في جواب السؤال رقم ( 98393 ) ، ومما ذكرناه من المفاهيم الخاطئة : اعتقاد ” أن الصرع مرض مزمن لا يمكن علاجه أو التحكم فيه ، والحقيقة : أن ذلك غير صحيح ؛ فالصرع يمكن التحكم به ، ومنع النوبات التشنجية بالدواء بنسبة تصل إلى 90% ، هذا التحكم قد يكون تامّاً ، وطويل الأمد .

ثالثاً:
الذي نوصيك به – أخي السائل – ونرجو أن تعمل به :
1. الصبر على ما ابتلاك به وعدم اليأس والقنوط من رحمة الله ، ونحن رأينا في كتابتك عقلاً راجحاً ومنطقاً سليماً ، فحريٌّ بمثلك أن يتحلَّى بالصبر ويتخلق به ، وانظر لقصة هذه المرأة ففيها عظة وعبرة :
عن عَطَاء بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ : قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ : أَلَا أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ؟ قُلْتُ : بَلَى ، قَالَ : هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ : إِنِّي أُصْرَعُ وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ لِي قَالَ ( إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ ) قَالَتْ : أَصْبِرُ ، قَالَتْ : فَإِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ لَا أَتَكَشَّفَ ، فَدَعَا لَهَا .
رواه البخاري ( 5328 ) ومسلم ( 2576 ) .
2. نوصيك بالذهاب إلى أطباء اختصاصيين بالدماغ والأعصاب ، ونرجو أن تجد عندهم تشخيصاً دقيقاً لحالتك ، وأن يرزقك الله تعالى الشفاء العاجل على أيديهم .
3. نوصيك بدفع وساوس الشيطان بقوة الإيمان وبالطاعات وبالأذكار وقراءة القرآن .
4. نوصيك بالاختلاط بالصالحين وبالذهاب إلى المساجد وأداء الصلوات جماعة ؛ فمن شأن ذلك – إن شاء الله – أن يدفع عنك البلاء ويعجِّل لك الشفاء .
وأما صلاة الجمعة والجماعة : فإن كنتَ وقتهما لا تخشى على نفسك الصرع : فعليك حضورهما ولا يجوز لك التغيب عنهما ، وهذه الخشية يجب أن تكون مبنية على قرائن قوية لا على وساوس شيطانية .
ومن المستحسن أن يكون لك رفيق صالح ، عارف بحالتك ، يصحبك في ذهابك ومجيئك من الصلاة ، كما أن العمى يستصحب من يرشده ويدله على الطريق ؛ فوجود مثل هذا الرفيق معك في غالب أحوالك ، سوف يبعثك على الاطمئنان في ذهابك ومجيئك ، وإذا قدر عليك أمر من الأمور ، فسوف يكون بجانبك ، يمنع عنك الأذى ، ويقوم بشأنك .
وانظر – في الوساوس والوسواس القهري – أجوبة الأسئلة (102851 ) و (11449) و (90819 ) .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android