0 / 0

أسباب التعرض للاعتداء الجنسي وطرق الوقاية منه

السؤال: 174503

لماذا يتعرض الشخص للاعتداء الجنسي ؟ هل يمكن أن يكون عقوبة على خطيئة اقترفها في الماضي .. إلخ ؟ هل هناك في القرآن أو السنة ما يدل على هذا ؟ أرجو إلقاء الضوء على هذا الموضوع بأي معلومات وسأكون مقدراً لكم ذلك حق التقدير .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:
الاعتداء الجنسي ظاهرة عالمية باتت تقلق الشرفاء والعقلاء ، وقد عقد من أجله مؤتمرات ، وقامت ندوات ، ووضعت توصيات ، وسنَّت القوانين والأنظمة للحد منها ، ولم يحدَّ ذلك كله من تلك الظاهرة المقلقة ؛ وذلك بسبب انتشار مظاهر الفساد في هذا الزمان وسهولة افتراس الضحايا وما في وسائل الاتصالات والإعلام من تهييج عظيم على ارتكاب الفحشاء في الضعفاء والبسطاء والأطفال والأقارب .
والاعتداء الجنسي سلوك خبيث يخطط صاحبه لافتراس ضحيته يبدأ باللفظ واللمس وينتهي بالاغتصاب ، وغالب ضحايا هذا الاعتداء هم من الأطفال والنساء ، سواء كانوا من الأقارب أو من الأباعد .
وليس بالضرورة أن من وقع عليه الاعتداء الجنسي أن يكون عقوبة له على ذنب ارتكبه في ماضيه ؛ إذ قد يكون ما أصابه ابتلاءً واختباراً ليكفر الله تعالى به عن سيئاته ويرفع به درجاته إن كانوا بالغين ، وقد يكون ذلك ابتلاء لأهاليهم إذا كانوا صغاراً دون البلوغ ؛ لأنه ليس ثمة ذنوب من الأطفال الصغار والطفلات البريئات أصلاً ، وهم غالب من يقع عليه الاعتداءات الجنسية ، وقد يكون عقوبة على بعض المُعتدَى عليهم من الكبار ، بسبب تعديهم على أعراض الناس وانتهاكها .
وانظر ما سبق بيانه حول الفرق بين المصيبة متى تكون عقوبة ومتى تكون ابتلاء في جواب السؤال رقم ( 112905 ) .

ثانياً:
من أعظم ما يقع بسببه الاعتداء الجنسي على الأطفال وغيرهم هو ترك الالتزام بتعاليم الشرع في الوقاية من هذا الفعل ، وقد أثبتت بعض الدراسات أن ما نسبته 75 % من المعتدين الجنسيين هم من الأقارب كأب وأخ وعم وخال ، وفي موقعنا هذا تجد شكاوى التحرشات الجنسية من الوالد والجد والأخ والخال ، كما أن نسبة كبيرة من المعتدين هم من أقارب الزوج أو أقارب الزوجة ، وقد جاءت الشريعة المطهرة بأحكام تقي المسلم من تعرضه لاعتداءات جنسية سواء باللفظ أو بالفعل ، ومن ذلك :
1. الأمر بالتفريق بين الأولاد في الفراش عند النوم .
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أولياء الأمور بالتفريق في المضاجع بين أولادهم ذكوراً وإناثاً إذا بلغوا سن العاشرة ؛ لما في ذلك من الوقاية لهم من الاطلاع على العورات وملامستها ، وخاصة أن وقت النوم وقت راحة ويكون في الليل ، وهما مهيجان للشهوة .
وانظر جواب السؤال رقم ( 148242 ) وفيه نقل مهم عن ابن عابدين الحنفي الذي توفي عام 1252 هـ وفيه يقول إن أطفال زمانه يعرفون الفسق أكثر من الكبار ! فماذا يقول لو رأى أطفال زماننا ؟! .
2. الاهتمام بلباس البنات أن لا يكون قصيراً ولا ضيِّقاً ولو كان ذلك أمام إخوانهن وأقاربهن ، والاهتمام بالصحبة الصالحة ومتابعة أحوالهم – ذكوراً وإناثاً – ولو كانوا عند أقارب لهم .
وانظر جواب السؤال رقم ( 103526 ) .
3. تعليم الأولاد مسائل الاستئذان والنظر والعورة وغير ذلك مما يتعلق بآداب الخلطة والمعاشرة .
وانظر جواب السؤال رقم ( 138101 ) .
4. الاهتمام بالمرحلة الخطيرة في حياة الأولاد وهي مرحلة المراهقة ؛ لئلا يستغل بدء مرحلة البلوغ والشعور بالشهوة الجنسية ، في تصريفها بالحرام ، أو استغلالها بالتهييج ، ليقع الاعتداء عليه بسبب ذلك .
وانظر جواب السؤال رقم ( 111213 ) .
5. الحذر من فتنة أخي الزوج وفتنة أخت الزوجة ، ويحصل كثير من الاعتداءات الجنسية في بيئات يتساهلون فيما شدد فيه الشرع ، فمع معرفة الناس ، أو كثير منهم ، بقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( الحَمُو المَوْتُ ) ، نجد أن كثيرين يتساهلون في هذا الأمر فيختلط أخوه البالغ بزوجته ويمازحها ، ويخلو بها ، فيحصل ما لا تحمد عقباه ، كما يحدث الأمر نفسه في فتنة أخت الزوجة مع زوج أختها .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – : ” لو قيل : إنه يجب أن تستر عن أخي زوجها أكثر مما تستتر عن رجل الشارع ، لو قيل بذلك : لكان له وجه ؛ لأنها إذا كشفت وجهها لأخي زوجها ، وهو معه في البيت : صارت الفتنة أعظم ، فأي ساعة يدخل البيت – وقد أغراه الشيطان – يمكن يحاول خداعها ، لكن في الشارع لو أن الرجل نظر إليها وأعجبته ، لا يستطيع الوصول إليها كأخي زوجها ، فالمهم أن الرسول عليه الصلاة والسلام أشار إلى هذه النقطة ، حيث قال ( إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ ؟ قَالَ : الْحَمْوُ الْمَوْتُ ) – متفق عليه – يعني : فاحذروه ” انتهى من ” لقاءات الباب المفتوح ” ( 85 / السؤال 5 ) .
وقال – رحمه الله – : ” يعني : فِرُّوا منه كما تفرون من الموت ، وهو البلاء ؛ لأن الحمو إذا دخل على بيت قريبه تجد الناس لا تنكره ، وهو – أيضاً – يرى أن الأمر هين أن يدخل على بيت قريبه ؛ فيحصل الشر ” انتهى من ” لقاءات الباب المفتوح ” ( 63 / السؤال 1 ) .
وانظر ما كتبناه في أجوبة الأسئلة ( 103507 ) و ( 13261 ) و (12852 ) و (7650 ).

والخلاصة ::
أن من يتعرض للاعتداء الجنسي من الأطفال ذكورا وإناثاً فالغالب في سببه ما يكون من تقصير أهليهم وتساهلهم في الوقاية من ذلك مما جاء في الشرع ، ولا ينبغي لأحدٍ وهو يرى فتن هذا الزمان وما فيه من تهييج للشهوات أن يجعل ثقته في كل أحد ، بل على الآباء والأمهات مسئولية عظيمة تجاه أفراد أسرتهم عناية ورعاية ومتابعة وتربية .
وأما من يتعرض لاعتداء جنسي وهو بالغ من الذكور والإناث ، فقد يكون عقوبة على ذنب مضى من جنس ما فُعل به ، أو من غيره ، وقد يكون ابتلاء لتكفير ذنبه ورفع درجته .
ونسأل الله تعالى أن يحفظ عوراتنا وأن يطهر مجتمعاتنا من المعتدين الآثمين ..

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android