تنزيل
0 / 0

هددت زوجها برفع قضية طلاق في محاكم كافرة فكتب لها شيكاً فهل يلزمه مبلغه ؟

السؤال: 174772

أنا مهندس مسلم مقيم في ” كندا ” ، متزوج منذ ١٤ عاماً ، ولي ولدان ، أنا في خلاف دائم مع زوجتي بسبب عصبيتها الشديدة ومنعها لي من حق الفراش إلى مدد طويلة وصلت إلى ١٨ شهراً في إحدى المرات ، مما جعلني أهددها بالطلاق أكثر من مرة ، وفي إحدى المرات طالبتني بكتابة شيك بمبلغ كبير – ٥٠ ألف دولاراً – بحجة أنها لا تشعر بالأمان علماً بأن مؤخر صداقها مبلغ بسيط ، قمت بكتابة الشيك لتهدئتها مع العلم بأنه بدون رصيد ، ثم مزقتُه بعدها بأيام دون علمها ، بعد هذا بعدة أشهر اكتشفتْ الأمر ثم قامت بعد موافقة أهلها بالاتصال بمحامي ، وأخذ عقد المنزل ، وهددتني بأنها سترفع دعوى طلاق أمام المحاكم الكندية مما يتيح لها أخذ نصف ممتلكاتي وأخذ الأولاد إلا أن أكتب لها شيكاً آخر بدون رصيد ، بتأييد من أهلها وتشجيع منهم .
١. هل أنا آثم بتمزيق الشيك بدون علمها ؟ .
2. هل يحل لها التقاضي إلي غير شرع الله ؟ .
٣. هل يأثم أهلها بهذا التأييد ؟ .
4. ما الذي يرضي الله من التصرف ؟ وأنا أريد الحفاظ على الأولاد .
جزاكم الله خيراً .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:
الذي نراه في أمر ” الشيك ” الذي كتبته على نفسك لزوجتك أنه لا شيء ، فلا يلزمك
المبلغ المكتوب فيه ، ولا أقل منه ولا أكثر ، والشيك من غير رصيد في البلاد التي
تعيش فيها – كندا – لا يُعد جريمة ولا مخالفة ، فلا بأس بتمزيقه ، خاصة أنه لم يكن
مستحقا عليك ، ولم تأكل به مال أحد بالباطل ، ولم يكن توثقة لدين ، أو ضمانا لحق
عندك .
قال الدكتور نزيه كمال حمَّاد – وفقه الله – : ” بعض الدول الكبرى والعظمى تذهب
مصارفها وبنوكها وقوانينها إلى أن كتابة شيك من غير رصيد لا يعتبر جريمة ، ولا
يعتبر مخالفة ، ولا يعتبر أي شيء بتاتا ، وعلى سبيل المثال دولة ” كندا ” ، إذا
كتبتَ أنت شيكا من غير رصيد لشخص يذهب للبنك فلا يستطيع تحصيله : لا يعتبر فيها أي
نوع من المخالفة ، فقط يترتب عليه غرامة قدرها سبعة عشر دولاراً ؛ نتيجة تكاليف
ردّه وليس أكثر من ذلك ، من أجل هذا أقول : إن هذا النوع من الشيكات لو كتب ، وخاصة
في البلدان التي لا تعتبر ذلك جريمة ولا مخالفة ، لا يعتبر قرضا حكميّاً ” انتهى من
” مجلة مجمع الفقه الإسلامي ” ( 9 / 247 ) – الشاملة – .
وحتى لو فرض أنه هبة للزوجة فهو أولا عن غير طيب نفس فلا يحل لها ، وثانياً لك أن
تتراجع عنه إذ لا تلزم الهبة إلا بالقبض ، فقد ذهب جمهور العلماء إلى أن الأصل في
الهبة أنها لا تتم إلا بالقبض ، وأنه يجوز للواهب الرجوع فيها قبل إقباضها ، وأنه
لا يحصل الملك فيها إلا بالقبض ، والحوز ، والتمكن من التصرف ، وفي ” الموسوعة
الفقهية ” ( 9 / 135 ، 136 ) : ” ويَعتبر جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية
والحنبلية وبعض المالكية الصدقة ونحوها كالهبة والرهن والقرض والإعارة والإيداع :
مِن عقود التبرعات التي لا تتم ولا تُملَّك إلا بالقبض ، والعقد فيها قبل القبض
يعتبر عديم الأثر ” انتهى .
والذي يظهر لنا أن الشيك الذي كتبته في الظرف الحاصل ، وهو لا رصيد له ، خاصة في
دولة مثل كندا كما مر ، لا يعد استلامه قبضا للهبة .
ثانيا :
ما قامت به الزوجة وأهلها من التهديد برفع قضية في المحكمة للطلاق ، وأخذ الأولاد
ونصف الممتلكات : كل ذلك محرَّم عليها فعله ، فالطلاق ليس من حقها وإذا كانت قد
كرهت البقاء مع زوجها فقد شرع لها ” المخالعة ” ، ثم إن طلاق المحاكم الكافرة لا
يقع ولا تمضي أحكامه ، ثم إنها لا تستحق حضانة أولادها إلا أن يثبت صلاحية دينها
لذلك ، ثم إنه ليس من حقها أخذ نصف ممتلكات زوجها بالقوانين الغربية الجائرة تلك ،
فيكون كتابتك للشيك لها من أجل دفع هذه المظالم والمضار في حكم الإكراه على الفعل ،
ولو فُرض وجود رصيد عندك ، وسحبت هي المال بالشيك ، فهو تأكله ، وبما أنه ليس له
رصيد والقانون عندكم لا يعدُّه شيئاً فيكون ما فعلته من إسكاتها وأهلها بكتابته لا
شيء عليك فيه ، ولك أن تحتال عليها – أو تقنعها بلطف – لأخذه وتمزيقه مرة أخرى .

ثالثاً:
لا يحل للزوجة أن تتحاكم للقوانين الوضعية أيّاً كان مكان وجودها ، والذي يحكم على
المسلم في أفعاله إنما هو شرع الله تعالى . قال تعالى ( أَلَمْ تَرَ إِلَى
الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزلَ مِنْ
قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ
يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالا بَعِيدًا .
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ
رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا ) النساء/ 60 ، 61 .
قال ابن كثير – رحمه الله – : ” والآية أعم من ذلك كله ؛ فإنها ذامَّة لمن عدل عن
الكتاب والسنَّة وتحاكموا إلى ما سواهما من الباطل ، وهو المراد بالطاغوت ها هنا ”
انتهى من ” تفسير ابن كثير ” ( 2 / 346 ) .
وقال – رحمه الله – : ” فمَن ترك الشرعَ المُحكم المنزَّل على محمَّد بن عبد الله
خاتم الأنبياء وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة : كفَر ، فكيف بمن تحاكم إلى ”
الياسا ” وقدَّمها عليه ؟! من فعل ذلك كفر بإجماع المسلمين ” انتهى من ” البداية
والنهاية ” ( 13 / 139 ) .

وعليه : فلا ينفذ نكاح ، ولا يقع طلاق
أنشأته محاكم الكفر ومؤسساته ، كما لا يحل للنساء تملُّك نصف ممتلكات أزواجهن بموجب
تلك القوانين الغربية الجائرة ، وإنما لها مؤخر صداقها الذي شرطه لها عند العقد ،
إذا طلِّقت أو مات عنه زوجها ، كما له نصيبها المقدَّر من ماله إذا مات قبلها ،
فورثته .
ولتنظر أجوبة الأسئلة ( 114850 )
و( 23208 ) و (
4044 ) .

رابعاً:
لا يجوز لأهل الزوجة تأييد ابنتهم على الباطل ، والواجب عليهم أن يكونوا مفاتيح
للخير مغاليق للشر ، فإذا أصابت ابنتهم في حسن عشرتها لزوجها أثنوا عليها خيراً
وشجعوها على المزيد ، وإذا جاءت بالسوء والشر ، وجب عليهم الأخذ على يدها ، وحرم
عليهم إفسادها على زوجها وتشجيعها على عصيانه وعدم طاعته .

خامساً:
الذي ننصحك به :
1. الحرص على الانتقال من بيئة الكفر إلى بيئة إسلامية تحثك على الخير وتعينك على
الطاعة ، وتساهم معك في توجيه زوجتك وتربية أبنائك .
2. التلطف مع الزوجة وتقديم المزيد من المداراة ، فالذي جعلك تصبر عليها كل تلك
المدة ، يجعلك تبذل المزيد من الصبر من أجل هدايتها والحفاظ على أولادك .
3. إصلاح ما بينك وبين أهلها وتحسين علاقتك بهم ، ليكونوا عوناً لك على زوجتك في
توجيهها للخير ونصحها بحسن العشرة لزوجها .
4. الحرص على صحبة الأفاضل من الناس ، وبخاصة من كان له زوجة عاقلة متدينة أو له أم
حكيمة ، فتستفيد من هؤلاء في نصح زوجتك وهدايتها لسلوك الطريق القويمة في حياتها .
فإذا رأيتَ استحالة الحياة مع زوجتك بسبب سوء خلقها ، واستمرارها في هجر فراش
الزوجية ، فطلِّقها ؛ وعسى الله أن يبدلك خيراً منها ، وما تأخذه من مال ليس لها
فيه حق ، أو لم يكن بطيب نفس منك : فلا يحل لها أخذه ، وإن أخذته فاحتسبه عند الله
، وعسى الله أن يهديها فترجعَه أو تجد أجر صبرك على فقدانك عند الله تعالى ثواباً
جزيلاً .

والله أعلم

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android