0 / 0

إمام مسجدهم طلب من مريضة أن تذبح دجاجة سوداء وتطلي جسدها بدمها فهل يصلَّى خلفه ؟

السؤال: 174863

علمنا أن إمام المسجد الذي نصلي خلفه طلب من امرأة مريضة ذبح دجاجة سوداء ، وأن تطلي جسدها بدمها ورميها في الخلاء ، فما حكم الصلاة خلف هذا الإمام ؟ مع العلم أنه معروف بكتابة الجداول والحرز .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:
قبل الحكم على الإمام – أو أي أحد من الناس – لا بدَّ من التثبت من نسبة قول أو فعل أو اعتقاد له ؛ فقد تحصل أوهام في النقل أو أخطاء في الفهم كما قد يحصل كذب وافتراء على الأشخاص ، ولذا فينبغي قبل الحكم على الآخرين أن تتثبتوا من الأمر حتى يكون الحكم موافقاً للواقع .
ثانياً:
إذا ثبت أن ذاك الإمام طلب من تلك المرأة المريضة – أو غيرها – أن تذبح دجاجة سوداء وأن تلطخ نفسها بدمها ومن ثم تلقيها في الخلاء : ففيه تفصيل : فإذا كان يعتقد أن دم الحيوان المباح الأكل ذي اللون الأسود ، له تأثير في إزالة الأمراض ، وأن تلطيخ البدن بدمه يزيل تلك الأمراض : فهو جاهل بالشرع والطب ، وشركه شرك أصغر لإثباته من الأسباب ما ليس سبباً لا شرعاً ولا كوناً ، فيُنصح ويُعلَّم ويبين له ضلال اعتقاده وخطأ فعله .

وإذا كان يقصد بذبح الدجاجة السوداء : أن تُذْبَح للجن ، إما بقصد الذابح ذلك ، أو بذكر اسم غير الله عليها مع اسم الله ، أو من غير ذكر اسم الله : فهو مشرك شركاً أكبر ، والغالب في مثل هذا أن يكون ساحراً طاغية ؛ لأن هذا الفعل من أفعال السحرة المجرمين ، وهذا الذبح إنما هو للجن الذين يعينونه على سحره ، ومثل هذا لا يُصلَّى خلفه بل يجب تحذير المسلمين منه ومن أفعاله .

سئل علماء اللجنة الدائمة :
” إحدى قريباتي وهي امرأة كبيرة في السن لها عادة في كل عام ، وهي : أنها تقوم بذبح تيس من الماعز ولون هذا التيس أسود ، وترى أنه بذبح هذا التيس تتخلص من بعض الأمراض التي تصيبها ، وإذا سُئلت عن ذلك قالت : إنه صدقة ، ولها أبناء يعينونها على هذا العمل .
أفتونا مأجورين في حكم هذا العمل ” .
فأجابوا :
” الذبح لهذا الاعتقاد ، وبهذا اللون المخصص للذبح ، وفي وقت مخصص : أمر لا يجوز ؛ لأنه مبني على اعتقاد فاسد وهو أنه يخلص من الأمراض .
وإذا كان يقصد من الذبح للجن أو للشياطين : فإنه يعتبر شركا أكبر .
فيجب عليكم مناصحة هذه المرأة وغيرها ممن يعمل هذا العمل : بتركه والتوبة إلى الله منه ، فإنه لا يكشف الضر ولا يمنع نزول الأمراض إلا الله سبحانه وتعالى ، قال تعالى : ( قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ ) الزمر/ 38 “.
الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ بكر أبو زيد .
انتهى من ” فتاوى اللجنة الدائمة ” المجموعة الثانية ( 1 / 68 ، 69 ) .

وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
” كانت أمي مريضة وذهبت إلى العديد من المستشفيات ولكن دون جدوى وأخيرا ذهبت إلى كاهن فطلب منها أن تغتسل بدم الماعز، وبالفعل عملت أمي ما طلبه منها – جهلاً بالحكم الشرعي – فهل علينا كفارة ؟ وما هي؟

فأجاب: لا يجوز الذهاب إلى الكهنة والمنجمين والسحرة وسائر المشعوذين، ولا يجوز سؤالهم ولا تصديقهم; بل ذلك من أكبر الكبائر; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة ) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه ، ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( من أتى كاهنا أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ) أخرجه أهل السنن بإسناد صحيح، وقوله عليه الصلاة والسلام: ( ليس منا من سحر أو سحر له أو تكهن أو تكهن له أو تطير أو تطير له ومن أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ). رواه البزار بإسناد جيد .

أما الاغتسال بالدم فهذا منكر ظاهر ومحرم ، ولا يجوز التداوي بالنجاسات ؛ لما – روى أبو داود رحمه الله في سننه عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ، وَجَعَلَ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً فَتَدَاوَوْا وَلَا تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ ) وقوله عليه الصلاة والسلام : ( إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم ) أخرجه البيهقي وصححه ابن حبان من حديث أم سلمة رضي الله عنها، والواجب على أمك التوبة إلى الله سبحانه وعدم العودة إلى مثل ما فعلت، ومن تاب صادقا تاب الله عليه ؛ لقول الله عز وجل : ( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) والتوبة الصادقة النصوح هي المشتملة على الندم على ما مضى من الذنب مع الإقلاع منه وتركه ، والعزم الصادق على عدم العودة له ، تعظيماً لله ومحبة له سبحانه ، ورغبة في مرضاته وحذرا من عقابه، وإن كانت المعصية تتعلق بحق المخلوق فلا بد في صحة التوبة من شرط رابع وهو : رد الحق إليه أو تحلله من ذلك، والله المستعان ” .
انتهى من “مجموع الفتاوى”(3/449) .

ثالثاً:
ما يكتبه ذاك الإمام – وغيره – من كتابات وحروز إذا كان مشتملاً على آيات وأحاديث وأذكار شرعية : فلا حرج في كتابته – مع وجود خلاف بين العلماء في المسألة – ولا يمنع هذا من الصلاة خلفه .
وأما إذا كانت كتاباته تحتوي على ألفاظ شركية أو طلاسم شيطانية : ففعله من الشرك الأكبر ، ولا تحل الصلاة خلفه .
وقد ذكرنا فتاوى العلماء في هذا في جواب السؤال رقم (104111 ) فليُنظر .
رابعاً:
الأفضل لكم أن لا تتصرفوا وحدكم مع ذاك الإمام ، بل ننصحكم أن تعرضوا أمره على طائفة من أهل العلم الثقات في ناحيتكم ، ليقوموا بنصحه ووعظه ليترك هذه الأفعال المخالفة للشرع ، فإذا استجاب وتركَها كان في ذلك خير له ولكم ، وإن أصرَّ على فعله كتبوا فيه فتوى تحرِّم الصلاة خلفه ، وطلبوا من ولاة الأمر المسؤولين عن المساجد صرفه عن المساجد ، وتحذير الناس من شر أفعاله ، ومن علم منه فساد الحال : ترك الصلاة خلفه ، وصلى خلف من يستقيم حاله .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android