تنزيل
0 / 0

الفرق بين ” العهد القديم ” و ” العهد الجديد ” وموقف أهل الكتاب منهما

السؤال: 175173

ما الفرق بين العهد القديم والعهد الجديد ؟ وهل كل ما قاله عيسى عليه السلام موجود في العهد الجديد ؟ وما علاقة العهد القديم بمسيحيّ العصر الحديث ؟ .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:
” العهد القديم ” هو ما يزعم النصارى أنه كتب فيه ما أوحى الله به للأنبياء قبل ظهور عيسى عليه السلام ، وفيه الحديث عن آدم ونوح وإبراهيم وغيرهم عليهم السلام جميعاً ، كما أنه يحتوي على وصايا وأحكام وبشارة بالمسيح عليه السلام ، وأما ” العهد الجديد ” فيزعمون أنه مكمل للعهد القديم ، وفيه الحديث عن عيسى عليه السلام وحياته وأعماله وتعاليمه وغير ذلك كُتب ذلك كله بإلهام من الله لكتبته ! .
وأما عندنا نحن المسلمين فنحن نعتقد أن التوراة والإنجيل قد وقع فيهما من التحريف الشيء الكثير في ألفاظهما ومعانيهما ، ولا يحل نسبة ما فيهما للوحي الإلهي ، بل هي أشبه ما تكون بكتب تاريخية فيها صواب وخطأ وحق وباطل .
وفي ” مختصر إظهار الحق ” ( ص 15 ) – وهو اختصار للكتاب النافع المفيد ” إظهار الحق ” للشيخ رحمة الله الهندي رحمه الله – :
” والحق الذي لا شك فيه : أن هذه التوراة الحالية مجموعة من الروايات والقصص التي اشتهرت بين اليهود ، ثم جمعها أحبارهم بلا تمحيص للروايات ، ووضعوها في هذا المجموع المسمى بكتب ” العهد القديم ” ، الذي يضم الأسفار الخمسة المنسوبة لموسى عليه السلام والأسفار الملحقة بها ، وهذا الرأي منتشر انتشاراً بليغاً الآن في أوربا ، وبخاصة بين علماء الألمان ” .
انتهى
ومثله يقال في الإنجيل ، وقد أيَّد ذلك علماء وباحثون من النصارى أنفسهم .
جاء في ” مختصر إظهار الحق ” ( ص 23 ) :
” وجاء في ” دائرة المعارف البريطانية ” : أن كثيرين من العلماء قالوا : إنه ليس كل قول مندرج في الكتب المقدسة ولا كل حال من الحالات الواردة فيها إلهاميّاً ، والذين يقولون بأن كل قول مندرج فيها إلهامي لا يقدرون أن يثبتوا دعواهم بسهولة.
وجاء في ” دائرة معارف ريس ” التي كتبها العلماء المحققون قولهم : إنه يوجد في أفعال مؤلفي هذه الكتب وأقوالهم أغلاط واختلافات ، وإن الحواريين ما كان يرى بعضهم بعضا صاحبَ وحي وإلهام ، وإن قدماء النصارى ما كانوا يعتقدون أن الحواريين مصونون عن الخطأ ؛ لأنه كان يحصل الاعتراض على أفعالهم أحيانا ، وكذلك الكتب التي كتبها تلاميذ الحواريين مثل ” إنجيل مرقس ” و ” إنجيل لوقا ” توقف العلماء في كونها إلهامية ، وقد أقر كبار العلماء من فرقة البروتستانت على عدم كون كل كلام في العهد الجديد إلهاميّاً ، وعلى غلط الحواريين ” .
انتهى
وهذا ملخص مفيد لمحتويات الكتابين :
قال الدكتور محمد الملكاوي – وفقه الله – :
” اعلم أن النصارى يقسمون كتبهم إلى قسمين :
القسم الأول : يدَّعون أنه كُتب بواسطة الذين كانوا قبل عيسى عليه السلام ، ويسمُّونه ” العهد العتيق ” أو ” العهد القديم ” .
والقسم الثاني : يدَّعون أنه كُتب بالإلهام بعد عيسى عليه السلام ، ويسمُّونه ” العهد الجديد ” .
ويطلقون على مجموع العهدين القديم والجديد اسم ” بَيْبِل ” ، وهو لفظ يوناني معناه ” الكتاب ” ، ويكتبون على الغلاف الذي يضم كتب العهدين اسم ” الكتاب المقدس ” .
فأما العهد القديم الذي هو القسم الأول من ” بيبل ” كتابهم المقدس فيحتوي الآن على تسعة وثلاثين سِفراً فيما يلي أسماؤها :
1. سِفر التكوين ” سفر الخليقة ” .
2. ” سِفر الخروج ” .
3. ” سِفر الأحبار ” سفر اللاويين ” .
4. سِفر العدد .
5. سفر التثنية .
ومجموع هذه الأسفار – الكتب – الخمسة هو ما يُطلقون عليه اسم ” أسفار موسى الخمسة ” ، وتسمَّى بـ ” التوراة ” ، وهي كلمة عبرية بمعنى القانون والتعليم والشريعة ، لكنهم الآن يطلقون ” التوراة ” إطلاقا مجازيّاً على مجموع كتب العهد القديم ، أي : على ” أسفار موسى الخمسة ” – التوراة – وملحقاتها الآتي ذكرها :
6. سفر يشوع – يوشع بن نون – .
7. سفر القضاة .
8. سفر راعوث .
9. سفر ملاخي .
وأما ” العهد الجديد ” الذي هو القسم الثاني من ” بَيْبِل ” كتابهم المقدس فيحتوي الآن على سبعة وعشرين سِفراً فيما يلي أسماؤها :
1. إنجيل مَتَّى .
2. إنجيل مُرقس .
3. إنجيل لوقا .
4. إنجيل يوحنا .
ولفظ الإنجيل مختص بهذه الأسفار الأربعة ، فيقال لها ” الأناجيل الأربعة ” ، وهو لفظ معرب ، أصله في اليوناني ” إنكليوس ” ، وفي القبطي ” إنكليون ” ، ومعناه : البشارة والتعليم والخبر السار ، لكنهم الآن يطلقون لفظ ” الإنجيل ” إطلاقا مجازيّاً على مجموع كتب العهد الجديد ، أي : على الأناجيل الأربعة وملحقاتها الآتي ذكرها :
5. سفر أعمال الرسل ” الإبركسيس ” .
6. رسالة بولس إلى أهل رومية .
7. رسالة بولس الأولى إلى أهل كورنثوس .
8. رؤيا يوحنا اللاهوتي ” المشاهدات ” .
وبهذا يكون مجموع أسفار ” بَيْبِل ” الكتاب المقدس عند النصارى كما يأتي :
على حسب التوراة العبرانية :
العهد القديم ( 39 ) + العهد الجديد ( 27 ) = 66 سِفراً .
وعلى حسب التوراة اليونانية :
العهد القديم ( 46 ) + العهد الجديد ( 27 ) = 73 سِفراً ” انتهى من ” مختصر إظهار الحق ” ( ص 6 – 10 ) .

ثانياً:
والعهد الجديد لا يُنكر أن يكون فيه أقوال لعيسى عليه السلام ، فقد جرى التحريف على الإنجيل يقيناً كما أخبر بذلك ربنا تبارك وتعالى ، ولكنه لم يجر على كل الكتاب ، ولم يُكتب الإنجيل في حياة عيسى عليه السلام ، بل كُتب بعده بوقت طويل وفقاً لأسلوب وتعبير كل كاتب منهم ! مع تعرض ما كتبوه للنسيان والأهواء والتحريف ، ولذلك وجدت التناقضات والاختلافات العظيمة بين تلك الأناجيل ، وقد وُجد في الإنجيل عبارات تُنسب لعيسى عليه السلام تبشِّر بمحمد عليه الصلاة والسلام ، وفيه وصايا يتضح عليها نور الوحي ، لكننا لا نستطيع الجزم أنَّ شيئاً من ذلك هو من أقواله عليه السلام وذلك لعدم ثبوت ذلك بطريق اليقين ، وكتبة الإنجيل لا نظنهم يزعمون أن كل ما قاله عيسى عليه السلام قد كتبوه في أناجيلهم ، وإلا لما وسعهم أضعاف أضعاف كتبهم تلك .
وكل ما ذكره الله تعالى من أقوال عيسى عليه السلام هو الثابت بيقين ، وكذا ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم ، وبذلك يعترف الصادقون من النصارى .
قال الدكتور جمال الحسيني أبو فرحة – أستاذ الدراسات الإسلامية المساعد بجامعة ” طيبة ” بالمدينة المنورة :
إن ” باول شفارتزيناو ” – أستاذ الثيولوجيا البروتستانتية وعلوم الأديان بجامعة ” دورتموند ” بألمانيا – نجده يصرح بـ ” أن القرآن هو الصورة الأصلية الأولى لتعاليم الكتاب المقدس ” ، ويقول : ” إنها لحقيقة : إن أقوال عيسى وأقوال المسيحيين الأوائل لم تصل بشكل صحيح إلى العهد الجديد المعاصر” ، ويقول : ” إن القرآن هو التكملة الحقيقية لأقوال عيسى المسيح ” .
من مقال ” ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل ” ، ” مجلة الفسطاط ” .
ثالثاً:
أما بخصوص موقف النصارى من العهد القديم فإنه من المعلوم أن اليهود يؤمنون بالعهد القديم ويكفرون بالعهد الجديد ، وأما النصارى : فهم يؤمنون – جميعاً – بالعهدين ، وهم الذين يطبعونهما معاً باسم ” بَيْبل ” ، ولا فرق في ذلك بين النصارى المتقدمين أو المعاصرين .
وقد جاء في كتاب “مختصر التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية” ( ص 15 ) – وهذا كتاب غاية في الأهمية عند النصارى الكاثوليك وقد طبع بعناية وإشراف الفاتيكان – :
س 21 : ما هي أهمية ” العهد القديم ” بالنسبة للمسيحيين ؟ .
فأجابوا :
المسيحيون يوقِّرون ” العهد القديم ” على أنه كلمة الله الحقيقية ! وجميع أسفاره موحَى بها ، وهي تحتفظ بقيمة لا تزول ، وهي تشهد للنهج الذي تنهجه محبة الله الخلاصية ، وقد كتبت خصوصا لإعداد مجيء المسيح مخلِّص الدنيا ” انتهى .

وجاء فيه – أيضاً – :
س 23 : ما هو نوع الوحدة بين العهدين القديم والجديد ؟ .
فأجابوا :
الكتاب المقدس واحد ؛ إذ إن كلمة الله واحدة ، وقصد الله الخلاصي واحد ، والوحي الإلهي واحد في هذا العهد وذاك ، العهد القديم يهيئ الجديد ، والعهد الجديد يتمم القديم ، وفي الواحد منهما إيضاح للآخر ” انتهى من ” مختصر التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكي ” ( ص 16 ) .

والخلاصة :
هذا حال كتبهم عندهم ، وقد بينَّا حالها على الحقيقة ، وأنه ليس منها كتاب يُنسب للوحي ، وأنها قد كتبت كلها من بشر غير معصومين ولا ملهَمين ، وقد اعترف بهذا الصادقون من المحققين والعلماء ممن ينسب لدينهم ، ونسأل الله تعالى أن يثبتنا على الإسلام ويميتنا عليه .

والله أعلم

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android
at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android