أنا متزوجة من 4 سنوات من شاب أحسبه على خلق ودين ، ويقضي كل وقت فراغه في القراءة وطلب العلم الشرعي ، منذ بداية زواجنا لم يتم جماع إلا مرات معدودة . ومنذ عام ونصف لم يقربني زوجي ، ولا تثيره الزينة واللبس ، ولا يقبل الكلام في هذا الموضوع بأي حال . وإذا سمع محاضرة أو درس عن حق الزوجة أغلقه أو ترك المكان ، لا أستطيع الاستعانة بأحد حتى لا أجرحه ، ولكن تغلب علي الشهوة أحياناً ولا أصبر ، وأفكر في الاستمناء حتى أرتاح ولا أسبب له الضيق ، أنا أحبه ولا أريد مفارقته ، فهل يجوز لي إفراغ ما أجد من غلبة الشهوة عند الضرورة خشية على نفسي وتجنبا للمشاكل ؛ لأنه شديد العصبية ويرى أن المعاشرة شيء تافه ومتعب ولا أجد سبيلا لتغيير فكره ؟
زوجها لا شهوة له ، ويهمل حقها
السؤال: 175487
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
الواجب على الزوج أن يعاشر امرأته بالمعروف ، لقوله تعالى : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) النساء/19 ، ومن المعاشرة بالمعروف : الجماع ، وهو واجب عليه ، بقدر كفايتها ، وقد قدَّر جمهور العلماء المدة التي لا يحل للزوج أن يترك الجماع فيها بأربعة أشهر .
والأصح أن ذلك لا يتحدد بمدة ، بل الواجب عليه أن يطأها بقدر كفايتها ، ما لم ينهك الجماع بدنه ، أو يشغله عن معيشته .
ولكن كثير من الأزواج يغفلون عن حق المرأة في الاستمتاع وقضاء الوطر ، وهذا ينشأ غالباً عن الجهل بحال المرأة واختلافها عن الرجل في هذه العملية .
والمصارحة ، ومحاولة العلاج ، وقراءة الكتب المختصة في هذا الجانب ، لها دور كبير في التصحيح – إن شاء الله – .
ويحرم على المرأة الاستمناء باليد وغيرها ؛ لأدلة تجدينها في جواب السؤال رقم (329).
كما أن المرأة إذا اعتادت الاستمناء قد يصدها ذلك عن زوجها نهائياً ، ولا تشعر بالرغبة في الجماع بعد ذلك .
وما يفعله زوجك معك ؛ من إهمالٍ لحقك ، وتركك الفترات الطويلة دون أن يقربك ، لا شك أنه ظلم لك ، وعليك أن تخبريه بذلك ، وقيامه بحقك هو مقتضى العلم الذي يطلبه ويدعو إليه .
فقد أخرج البخاري (1968) عن أَبِي جُحَيْفَةَ رضي الله عنه أنه قَالَ : آخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ سَلْمَانَ ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ ، فَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ ، فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً [تاركة لباس الزينة] ، فَقَالَ لَهَا : مَا شَأْنُكِ ؟ قَالَتْ : أَخُوكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّنْيَا ، فَجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا ، فَقَالَ : كُلْ ؟ قَالَ : فَإِنِّي صَائِمٌ ، قَالَ : مَا أَنَا بِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ ، قَالَ : فَأَكَلَ ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ ذَهَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُومُ ، قَالَ : نَمْ ، فَنَامَ ، ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ فَقَالَ : نَمْ ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ قَالَ : سَلْمَانُ قُمِ الآنَ ، فَصَلَّيَا فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ : إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( صَدَقَ سَلْمَانُ ) .
وفي رواية في “علل الدارقطني” (8/128) أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلم قال لأبي الدرداء: ( سلمان أفقه منك ) .
قال العيني في “عمدة القاري” (11/82) : ” فيه جواز النهي عن المستحبات إذا خشي أن ذلك يفضي إلى السآمة والملل وتفويت الحقوق المطلوبة الواجبة أو المندوبة الراجح فعلها على فعل المستحب ” .
وعلى فرض أن زوجك لا شهوة له ، فمن الممكن أن يُكره نفسه على الجماع إن كان حريصاً على قضاء حقك ، وابتغاء الذرية الصالحة ، وهذا ما يفعله الزوج الصالح في حال كراهته للجماع ، كما قال عمر رضي الله عنه : ( وَاللَّهِ إِنِّي لأُكْرِهُ نَفْسِى عَلَى الْجِمَاعِ رَجَاءَ أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنِّى نَسَمَةً تُسَبِّحُ ) . أخرجه البيهقي في “السنن الكبرى” (7/79)
ثم إنه يجوز لزوجك أن يقضي شهوتكِ بيده إن كان لا يريد مجامعتك ، ودل على ذلك قوله تعالى : ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ) المؤمنون/5-6
فسبل الحلال متوفرة – والحمد لله – ، ولا يجوز لكِ اللجوء إلى فعل المحرم ما دامت سبل الحلال متوفرة .
لذا فإنه لا بد من المصارحة ، ولك الحق في طلب فراقه إن استمر على ذلك .
ونسأل الله تعالى أن يصلح شأنك ، ويهدي زوجك ، ويجمع بينكما في خير .
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة