0 / 0
67,20910/06/2012

هل لزوج أن يطلب في الخلع أكثر مما دفع من مهر ؟

السؤال: 176224

امرأة طلبت الخلع من زوجها أو فسخ عقد النكاح ، بسبب نقص في حقها عليه ، ولأنه كتم وجود أولاده من الزنا قبل توبته ، ثم بعد الزواج أراد أن يأتي بهم ليسكنوا معه ومع الزوجة ، واستمر الزواج لمدة ستة أشهر تقريبا ، وفي خلال هذه المدة كان لا يؤدي بعض حقوقها كأن لا يذهب معها إلى الطبيب حين حملت ومرضت مما سبب بعد ذلك سقوط الجنين ، بعد هذه الحادثة رفضت أن تبقى معه وطلبت الطلاق منه وأبى ، والمهر قيمته أربعة آلاف دولار أمريكي تقريبا، لكن الزوج يطالبها بعشرة آلاف دولار أي قيمة تكاليف الزواج كما يقول ، وهي لا تملك هذا المبلغ ، ولا أحد يستطيع أن يجبره على الطلاق ، وهو لا يعترف بأحد من طلاب العلم في دولتنا يستمع إليه في هذه المسألة، ولا يوجد لدينا محكمة الشرعية ، فهل من حقه أن يطالبها بهذا المبلغ ؟ وهل تستطيع هذه المرأة أن تفسخ العقد ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
لا يجوز للمرأة طلب الطلاق أو الخلع إلا لعذر؛ لما روى أبو داود (2226) والترمذي (1187) وابن ماجه (2055) عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّة ) .
والحديث صححه الألباني في ” صحيح أبي داود “.
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه مرفوعا: ( إن المختلعات والمنتزعات هن المنافقات ) .
رواه الطبراني في ” الكبير” (17/ 339) وصححه الألباني في ” صحيح الجامع ” (1934) .

فإن وجد العذر كسوء عشرة الرجل، أو كراهة الزوجة لزوجها، جاز طلب الطلاق والخلع .
لما روى البخاري (5273) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما ” أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ، مَا أَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلَا دِينٍ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:( أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟ ) قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ، وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً).
وعند ابن ماجه (2056) أنها قالت: ( لا أطيقه بغضاً ) صححه الألباني في” صحيح ابن ماجة “.
وقال الشيخ ابن جبرين رحمه الله في بيان ما يسوّغ طلب الخلع :
” إذا كرهت المرأة أخلاق زوجها كاتصافه بالشدة والحدة وسرعة التأثر وكثرة الغضب والانتقاد لأدنى فعل ، والعتاب على أدنى نقص ، فلها الخلع .
ثانياً : إذا كرهت خِلقته كعيب أو دمامة أو نقص في حواسه فلها الخلع .
ثالثاً : إذا كان ناقص الدين بترك الصلاة أو التهاون بالجماعة أو الفطر في رمضان بدون عذر أو حضور المحرمات كالزنا والسكر والسماع للأغاني والملاهي ونحوها فلها طلب الخلع.
رابعاً : إذا منعها حقها من النفقة أو الكسوة أو الحاجات الضرورية وهو قادر على ذلك فلها طلب الخلع .
خامساً : إذا لم يعطها حقها من المعاشرة المعتادة بما يعفها لِعُنّة ( أي: بسبب العُنة ، وهي عيب يمنع القدرة على الوطء ) فيه ، أو زهد فيها ، أو صدود إلى غيرها ، أو لم يعدل في المبيت فلها طلب الخلع ، والله أعلم ” انتهى.
ثانيا :
للزوجة الحق في مسكن خاص بها ، فلها أن ترفض سكن أولاد الزوج معها .
ولا يخفى أن أولاده من الزنا ، ليسوا أولادا له شرعا ، فلا يكونون محارم لزوجته .
ثالثا :
إذا أصر الزوج على إسكان أولاد الزنا في بيته ، جاز لها طلب الطلاق أو الخلع ، وكذلك إذا كرهته ولم تطق أن تعيش معه ، وعليها أن تتقي الله تعالى ، وألا تتعجل في ذلك ، وأن تراعي ما سبق بيانه من تحريم سؤال الخلع أو الطلاق ، فلو استعانت ببعض أهل الخير والصلاح فأقنعوا زوجها بجعل سكن مستقل لها ، وأمكنها قبوله والعيش معه ، لم يجز لها طلب الخلع .
رابعا :
لا يستحب للزوج أن يطلب في الخلع أكثر مما دفع من مهر ، وأجاز ذلك المالكية والشافعية ، ولغيرهم تفصيل.
جاء في “الموسوعة الفقهية” (19/ 243) : ” ذهب المالكية والشافعية إلى جواز أخذ الزوج عوضا من امرأته في مقابل فراقه لها ، سواء كان العوض مساويا لما أعطاها أو أقل أو أكثر منه ، ما دام الطرفان قد تراضيا على ذلك , وسواء كان العوض منها أو من غيرها , وسواء كان العوض نفس الصداق أو مالا آخر غيره ، أكثر أو أقل منه .
وذهب الحنابلة إلى أن الزوج لا يستحب له أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها ، بل يحرم عليه الأخذ إن عضلها ليضطرها إلى الفداء .
وفصل الحنفية فقالوا : إن كان النشوز من جهة الزوج كره له كراهة تحريم أخذ شيء منها , لقوله تعالى : ( وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا ) ، ولأنه أوحشها بالفراق فلا يزيد إيحاشها بأخذ المال .
وإن كان النشوز من قبل المرأة لا يكره له الأخذ , وهذا بإطلاقه يتناول القليل والكثير , وإن كان أكثر مما أعطاها ، وهو المذكور في الجامع الصغير , لقوله تعالى : ( فلا جناح عليهما فيما افتدت به ) ، وقال القدوري : إن كان النشوز منها كره له أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها ، وهو المذكور في الأصل ( من كتب ظاهر الرواية عند الحنفية ) لقوله صلى الله عليه وسلم في امرأة ثابت بن قيس : أما الزيادة فلا ، وقد كان النشوز منها , ولو أخذ الزيادة جاز في القضاء , وكذلك إذا أخذ والنشوز منه … ” انتهى .
وإذا لم يمكن التوفيق والصلح بينهما ، فينبغي نصح الزوج بالتخفيف في العوض الذي يطلبه ، وإعانة المرأة ومساعدتها على دفعه .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android