أنا مشرفة في منتدى إسلامي نسائي وأحياناً تدخل عضوة وتسجل وتندمج مع الأخوات وبعدها نكتشف سوء نيتها – مثلاً – كأن نستنتج أنها رجل .
فكرت بفتح موضوع في ساحة المشرفات الخاصة بمشرفات الركن وأن أكتب ما يجول بخاطري تجاه عضوة معينة لشيء يراودني في نفسي كأن – مثلاً – أشك بأنها نفس العضوة التي سجلت قبل ولكن بمعرِّف جديد .
بعض الأخوات من المشرفات نصحتني بأن لا أضع رابط معرف الأخت لأنه ربما شكَّي في غير محله ، ولكن أنا أضعه لكي نتشارك بمتابعة الأخت في حال أن صدر منها أي مخالفة لنكون كلنا على علم .
فهل أنا آثمة بهذا الأمر ؟
ماذا تصنع مشرفة منتدى نسائي إسلامي إذا شكَّت بمشاركة أنها رجل ؟
السؤال: 176521
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
يجب تحذير الأخوات من المكائد التي تُنصب لهن ، وإن هذه الشبكة العالمية لا تكشف حقائق النفوس بل هي أشبه بالأشباح ، وعلى المرأة المحافظة على نفسها ، وأن لا تنساق بسرعة نحو عالَم لا تَكشف حقيقته ، أو تنساق وراء شخصية تجهل هويتها ؛ فإن المرأة مقصودة بالفساد سواء كان ذلك من أعداء الدين أو من الذئاب البشرية من شباب اليوم ، فإن المرأة إذا حادثت امرأة في الإنترنت يجب عليها أن تحتاط فإنها لا تأمن أن يكون بجانب تلك المرأة رجل أو أن تكون تلك المرأة صائدة للنساء ! فكيف أن يكون المخاطَب رجلاً ابتداء ؟! .
وليس معنى هذا أن تترك المرأة المساهمة في الخير ، لكن نحن نوصيها أن تكون حذرة الحذر المعقول ، وأن تخطو بخطوات ثابتة لا تتندم عليها بحال ظهر أنَّ المخاطِب هو رجل ، أو هي امرأة غير صالحة ، وحينها تكون فعلت ما بوسعها فلا تأثم عليه ، قال تعالى ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن/ 16 ، وقال تعالى ( لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ) البقرة/ 286 .
وأما بخصوص هذه الحالة التي ذكرتِ : فنقول :
إن كان الشك قائماً على ظنون وقرائن قوية : فأخبري المشرفات في المنتدى الخاص بهم ، وتحذير المشرفات ليست من الفضيحة في شيء ، بل هو كلام مع الخاصة لعلاج مشكلة ، أو لحل معضلة أو لكشف ريبة ، أو لأخذ الحيطة والحذر ، وأنتِ لم تُحذري منها على الملأ فتلامي على ذلك ؛ بل إن المشاركة المقصودة بالتحذير هي مجهولة الشخص غالبا ، وإنما تظهر باسم رمزي لا يعين الشخص المقصود ، وما تريدين فعله هو من الاحتياط الواجب ، وأنت مسئولة أمام الله عن الأمانة التي كُلِّفتِ بها .
أما إن كانت قرائن الشك ضعيفة ، أو كان بينكِ وبين صاحبة ذلك المعرِّف أمر فأردت الانتصار لنفسكِ منها : فهذا يوقعك في الحرج ، فإن المؤمن لا يأخذ الناس بالتهمة ، ولا يقصد من ولايته ومسؤوليته أن ينتصر لنفسه ، وقد قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ) الحجرات/ 12 .
قال الشيخ السعدي – رحمه الله – : ” نهى الله تعالى عن كثير من الظن السوء بالمؤمنين، فـ ( إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ) وذلك كالظن الخالي من الحقيقة والقرينة ، وكظن السوء الذي يقترن به كثير من الأقوال والأفعال المحرمة ، فإن بقاء ظن السوء بالقلب لا يقتصر صاحبه على مجرد ذلك ، بل لا يزال به حتى يقول ما لا ينبغي ، ويفعل ما لا ينبغي ، وفي ذلك أيضاً إساءة الظن بالمسلم وبغضه وعداوته المأمور بخلاف ذلك منه .
( وَلا تَجَسَّسُوا ) أي : لا تفتشوا عن عورات المسلمين ، ولا تتبعوها ، واتركوا المسلم على حاله ، واستعملوا التغافل عن أحواله التي إذا فتشت ظهر منها ما لا ينبغي ” .
انتهى من ” تفسير السعدي ” ( ص 801 ) .
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ( إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ ، وَلاَ تَحَسَّسُوا ، وَلاَ تَجَسَّسُوا ، وَلاَ تَبَاغَضُوا ، وَلاَ تَدَابَرُوا ، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا ) .
رواه البخاري ( 4849 ) ومسلم ( 2563 ) .
وإن من الواجب عليك أن تحوطي أخواتك بالعناية ، وتكوني سدّاً منيعاً لهنَّ من الفتن ، ولكن باعتدال وإنصاف .
ونسأل الله تعالى أن يريكم الحق حقا ويرزقكم اتباعه ويريكم الباطل باطلا ويرزقكم اجتنابه .
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب