أسرتي أسرة متدينة – ولله الحمد – ولكن هناك مشكلة أريد مشورتكم فيها ، على الرغم من أن والدتي امرأة طيبة وتعاملني وأخواتي على أننا صديقاتها ، إلا أنها تفعل شيئاً لا يليق بامرأة متزوجة ، إنها تحب عمّي أكثر من أبي ، وقد صارحتنا بذلك أكثر من مرة ! بل وتطلب منّا أن نكتب لها رسائل الحب ونساعدها على الدردشة معه بالنت . عمّي هذا يعيش في بلد آخر ، ولكنه يأتي كل شهر تقريباً إلى البلد ليتابع مشاريعه وتجارته في المنطقة ، فيأتي ويقعد عندنا ، إن أمّي لا تحدّثه مباشرة ، وتعلم أن ذلك لا يجوز لأنه ليس محرماً لها ، وتدري أيضاً أن والدي لا يحب ذلك . والدي أيضاً يعلم أنها تحب أخاه أكثر منه ، ويعلم بموضوع الرسائل والدردشة ، ولكن ماذا يفعل ! الأمر خارج عن يده ، لذا نراه متوتراً دائماً كلما جاء عمي ، ويأتي ويسألني أنا وأخواتي ما إذا كنّا نعرف أن لأمي حساباً بريديّاً آخر غير الذي يعرفه هو تراسل من خلاله عمّي ! في كل مرة يسألنا ذلك نجيبه بالنفي ؛ لأن أمي قد أخذت علينا العهد أن لا نخبره . كلنا يعلم أن هذا التصرف من أميّ لا يليق ، وهي تعلم ذلك أيضاً ، لكنها تبرر ذلك بقولها إنها عانت كثيراً من سوء خلق والدي ، وأنه لم يبادلها الحب يوماً ، بخلاف عمّي الذي يُحسن إليها ويبادلها المشاعر الطيبة بمثلها ، ومع هذا لا أظن أن هذا مبرر لما تفعله . -فما رأيكم في فعلها هذا ؟ وهل يُقبل تبريرها ؟ وإذا كان لا يجوز لها بحال من الأحوال فكيف أتوصل إليها بالنصيحة دون أن أجرح مشاعرها ؟ . – هل يحرم عليّ طاعتها في كتابة رسائل الحب والدردشة ؟ وإذا كان الأمر كذلك فكيف أرفض طلبها بأدب ولباقة دون جرح للمشاعر ؟ . – كما ذكرت سابقاً من أنها ترى أن فعلها هذا مبرر ، في حين أني لا أرى ذلك ، وهذان رأيان متضادان بين أمّ وابنتها ، فكيف أوازن بين طاعتي لها واحتفاظي بوجهة نظري ؟ لأني في الحقيقة أشعر أحياناً أن حبها ينقص في قلبي بسبب تصرفاتها تلك . ولا تنسونا من دعواتكم ، وجزاكم الله خيراً .
والدتها على علاقة بأخي زوجها وهي من تكتب لها رسائل الحب !
السؤال: 176627
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً:
عامة أفراد هذه القضية مخطئون وآثمون ولعلكِ أعظمهم خطأ ! لأسباب ، منها : أنك أنت من يباشر كتابة رسائل الحب الآثمة لأمك ، ومنها : أنك تكتمين ذلك عن أبيك بل وتكذبين عليه بعدم حصول شيء من ذلك ، ومنها : أنك لم تنصحي عمك بالكف عن فعل الحرام من خيانته لدينه ولأخيه ، ومنها : أنك لم تواجهي أمك مواجهة صريحة تجعلينها تكف عن فعلها الطائش المحرم ذاك ، بل إنك جعلتِ فعلها وتبريرها له بأنه ” رأي ” ! وجعلته في مقابلة ” رأيكِ ” في أن فعلها غير مبرر ، مع أن الأمر هو ” هوى ” في مقابلة ” حكم شرعي ” ، بل إنك راعيتِ مشاعرها أن تُجرح في حال رفضك لطلبها كتابتك المحرمة لعمك ومراسلتك له باسمها .
وكل ذلك يجعلنا نخاف عليك أن تكوني أنت أشد أفراد القضية إثماً ، وأن باستطاعتك إيقاف ذلك المنكر على الفور ، وذلك بمواجهة أمك مواجهة صريحة أن فعلها محرم ، وأنه لا يحل لها الاستمرار فيه ، وأن تبريرها له غير سائغ شرعاً ولا عقلاً ، وأنك ستخبرين والدك في حال استمرارها على تلك العلاقة الآثمة مع عمك ، كما أنك تستطيعين إيقاف ذلك المنكر بمواجهة عمك بسوء فعله وأن مثله لا يؤمن على عرض ، وتهددينه أنه في حال استمراره على فعله بأنك ستخبرين والدك بفعله وأنكِ ستمنعينه من دخول بيتكم ، وتستطيعين إيقاف ذلك المنكر بإطلاع والدك على تفاصيل الموضوع ليتصرف بما أوجبه الله تعالى عليه من النصح لأفراد أسرته ، ولا ننصحك بإخبار والدك إلا مع إصرار أمك أو عمك على تلك العلاقة الآثمة بينهما ، فإن تركا تلك العلاقة فقد كفيتِ أمر إخباره وإطلاعه عليها ، وإن أصرا عليها – أو أصر أحدهما – فلا يسعك السكوت ، بل يجب عليك – مع الاستمرار في نصحهما ووعظهما – أن تخبري والدك ليوقف تلك العلاقة الآثمة ولو أدى ذلك إلى طلاق زوجته ، أو مقاطعة أخيه ومنعه من دخول بيته .
ثانياً:
نحن في شك من قولك إن والدك يعلم بعلاقة أمك مع عمك ! وأن الأمر خارج عن يده ! وإذا افترضنا أن الأمر كما تقولين ، وأن والدك يعلم بحقيقة الحال بين زوجته وأخيه ، ثم يسكت على ذلك ، ولا يتصرف بما يقتضيه المقام ؛ فإن هذا يكون من الدياثة ، فهو يملك وعظ زوجته ويملك هجرها ، ويملك ضربها ، ويملك منع أخيه من دخول بيته ، ويملك قطع وسائل الاتصال في بيته ، والذي يجعلنا من شك من أنه يعرف بتلك العلاقة أن أمك تتعاهد كتم ذلك عنه ، وهو يسألكم وأنتم تنفون ! وأما توتره فقد يدل على شك عنده ، لا يدل على أنه يعلم بحقيقة الحال ، وخاصة أنك تقولين إن أمك لا تتحدث معه مباشرة حينما يزوركم ، ونحن نجزم بأنه لو عرف تلك العلاقة المحرمة ، لكان له شأن يليق برب أسرة متدينة – كما تزعمين أنها كذلك – .
ثالثاً:
من أحكام الشرع الظاهرة : تحريم التعاون على الإثم والعدوان ، وتحريم الطاعة في المعصية ، فلا طاعة لأحد في معصية الله ولو كان ذلك الآمر أمّاً أو أباً ، بل الطاعة في المعروف ، قال الله تعالى ( وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة/ 2 .
وعن عَلِيٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ ) رواه البخاري ( 6830 ) ومسلم ( 1840 ) .
وعليه : فلا يجوز لك التردد في رفض طاعة أمك بفعل ذلك المنكر من تلك العلاقة الآثمة بينها وبين عمك ، ولا قيمة لتبريرها ذاك فهو أقل من أن يلتفت له .
وانظري جوابي السؤالين ( 40283 ) و ( 150828 ) .
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة