0 / 0

تقول ” أكره والدي كثيراً فهو السبب في تعاستي فهل ألام على كرهي له ؟ “

السؤال: 176847

أنا فتاة أبلغ من العمر 30 سنة ، ما أعاني منه أني أكره والدي بشدة ولا أطيق أن أسمع حتى أخباره , أبي قد أجرم في حقي وحق والدتي وإخوتي ، تركني وأنا صغيرة في عمر الثامنة ورحل إلى بلد آخر وتزوج من أخرى ونسي أنه لديه ابنتين صغيرتين ، أنا وأختي كنا في حاجة لوجوده معنا لكن لم يهتم لذلك فكل ما يهمه نفسه , تركنا أنا وأمي وأختي عند إخواني المتزوجين ، زوجاتهم كانوا قساة القلوب علينا ، يختلقون المشاكل ، وإخواني يصدقونهم ، وحتى وصل الأمر إلى طردنا أنا وأمي وأختي لنعيش فترة في بيت أختي المتزوجة ، وكثير من المصاعب مرت علينا ، ألوم والدي ؛ لأنه لم يفكر بنا ولم يوفر لنا العيش الهانئ ، تتقاذفنا الأقدار بكل قسوة وظلم ، بعدها هاجرنا مع والدتي إلى نفس البلد الذي فيه والدي ، وكان قد أنجب أولاداً من الأخرى ، لم يعدل بيننا ، عشنا ظروفاً قاسية ، لم يصرف علينا ، حتى أمي المسكينة كانت تبيع ملابسنا المستعملة لتوفير الأكل لنا ، وكبرنا وما زلتُ لا أرى من أبي أي اهتمام ، أكرهه بشدة ، فهو لا يستحق حتى كلمة " أب " ؛ لم يوفِّر العيش الكريم لي ولأختي ، ولم يهتم بمستقبلنا من ناحية الزواج والاستقرار , أصبحتُ قاسية بسبب الظروف الصعبة التي مررت بها ، والآن قد باع بيتا له وأعطى الأموال كلها لزوجته الأخرى وأولادها ونحن لم يذكرنا بشيء أبداً , أكرهه جدّاً ، فهل أُلام على كرهي له ؟ وما هو حكم الشرع في ذلك ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:
نسأل الله تعالى أن يجبر مصابكم وأن يزيل آلامكم وأن يكتب لكم الأجر ، كما نسأله تعالى أن يهدي والدكم فقد أساء غاية الإساءة بذلك الإهمال المتعمد لأسرته التي أوجب الله تعالى عليه رعايتها والعناية بها ، وخاصة أن من فرَّط فيهم من أسرته هم الضعفاء منهم ، كما أن أباكم قد وقع في ظلم أمكم فلم يعطها حقها من النفقة ولم يعدل بينها وبين زوجته الأخرى ، كما أنه وقع في الظلم في العطية حيث أعطى أولاده من زوجته الأخرى دون أولاده من الزوجة الأولى ، وكل ما فعله أبوكم هو معاصٍ واضحة بيِّنة وتفريط فيما أوجب الله تعالى عليه ، وهو مستحق للوعيد إلا أن يتوب لربه ويرجع عن غيِّه ويقيم العدل في أسرتيه ويصلح ما أفسده ، فإن فعل ذلك وجد ربَّه توَّاباً رحيماً .
ثانياً:
مع كل ما فعله والدكم فإنَّ حقَّه في البرِّ والطاعة في المعروف محفوظان بنص الشرع ، وإذا كان الله تعالى قد ذكر حق الوالد المشرك – بل والداعي لأولاده لأن يشركوا بربهم عز وجل – بالبر والصحبة بالمعروف فلأن يكون ما دونه في السوء أولى وأحرى بذاك البر وتلك المصاحبة بالمعروف ، قال تعالى : ( وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) لقمان/ 15 ، فإذا استحق الأب الوعيد على معاصيه وتفريطه في الواجبات الشرعية ، فإن الأولاد العاقين وغير البارين بوالديهم متوعدون – كذلك – على أفعالهم ، وليس من الجائز مقابلة العقوق بعقوق ولا مقابلة الظلم بظلم .

 

ثالثاً:
أما البغض القلبي للوالد العاصي أو الكافر فإن الأولاد لا يلامون عليه ، ولا يتنافى هذا مع برِّه وطاعته بالمعروف ، لكن عليك أن تمسكي لسانك عن الإساءة إليه ، وأن تمسكي يدك أيضا عن الإساءة إليه .

 

وبما أن الأمر قد وقع من والدكم ، وقد تحملتم من الآلام ما تحملتم ، فإننا نوصيكم باحتساب ما جرى معكم عند الله ، ونوصيكم بالدعاء لوالدكم بالهداية والتوبة وإصلاح ما أفسد ؛ فهو أحوج ما يكون لرحمة الله تعالى والمن عليه بالتوبة .
وانظري جواب السؤال رقم ( 148924 ) .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android