تزوجت بامرأة روسية سنة 1998 ، وبعد حوالي 6 أشهر اعتنقت الإسلام ، ولبست الحجاب ، وأصبحت تحاول حفظ بعض سور من القرآن ، ولكن بعد حوالي سنة حصلت مشكلة كبيرة اضطررت بعدها مع الأسف إلى الطلاق ، وعشت مرحلة صعبة بعدها تقارب نصف السنة ، وتعرفت على امرأة كانت تسكن بجانبي ومع الأسف كانت علاقتنا لوقت قصير غير شرعية لضعف الإيمان آنذاك ، ولكن بعدها تزوجنا بعقد كتبه أحد أصدقائي الذي لعب دور الولي ! مع حضور شاهدين ، وكتب عقداً أمضاه هو والشهود ، وفي ذلك الوقت كان من الصعب أن تجد أحداً يكتب عقدا للمسلمين في مدينة ” سان بطرسبورغ ” الشمالية ، وبعد حوالي شهرين تزوجنا رسميّاً بالعقد الروسي في مكتب خاص بزواج الأجانب ، وليس في الكنيسة ، وكنت أعتقد أن الزوجة ستعتنق الإسلام بعد مدة من الزمن ، ولكن بعد حوالي 5 أشهر حملت زوجتي بولد رغم الاحتياطات التي قمت بها , وقد كنت في حيرة من أمري هل نسقط الجنين أم لا , خاصة أنه كانت بيننا بعض المشاكل ، ولكن في الأخير قررت أن أبقي الجنين ، وهكذا ولد الولد وكبر شيئا فشيئا ، وأنا كل همي أن تعتنق زوجتي الإسلام ، وكلما مر الوقت كلما كبر الولد وزاد تأثري بالقضية ، حيث كنت دائما أفكر في الطلاق ، ولكن لا أريد أن أتخلى عن ولدي ؛ ففي حالة الطلاق كان يلزم عليَّ أن أرجع إلى وطني وأترك الولد ، لكن كنت أتراجع عن فكرة الطلاق لكي لا يكبر الولد بعيدا عني ، فيضيع في ذاك البلد الأجنبي ، كنت دائما أحاول أن أعلمه تعاليم الإسلام ، أمه لم تكن تعارضني في أي شيء ، كان لدي الاختيار بين أن أصبر من أجل تربية ولدي أو أن أطلقها ، خاصة أنه مع مرور الوقت لم تعتنق الإسلام , والغريب أنها تعتقد بأن محمدا صلى الله عليه وسلم رسول ، وأن عيسى نبي الله ورسوله وتؤمن بالرسل ، ولا تتدخل أبداً في تربيتي لولدي على الطريقة الإسلامية ، ولكن تعبت كثيراً ، ورغم محاولاتي اللانهائية دون جدوى لم تتغير أفكارها ، وندمتُ كثيراً على الزواج بغير المسلمة وقد كان اعتقادي أنها ستعتنق الإسلام كما اعتنقته زوجتي الأولى ، ومع الأسف وبعد مرور أكثر من 12 سنة على زواجنا لم يتغير رأيها ، وقد أصبحتُ في حالة نفسية لا أعرف ماذا سأفعل ، حيث أن عمري حاليّاً 45 سنة ، والحمد لله أصبحت ملتزما , وابني الذي ضحيت من أجله عمره الآن 11 سنة ، ويصلي الصلوات الخمس منذ سنة تقريباً ، وعلمته شيئاً من القرآن – والحمد لله – ، حتى الساعة تربيته – ما شاء الله – جيدة ، وقد ذهبت إلى الحج في سنة 2007 ميلادية ودعوت الله هناك كثيراً أن يشرح صدر زوجتي للإسلام , وبعد مرور 4 سنوات بعد الحج لا أعرف ماذا أفعل مع هذه السيدة ، أدعو في كل صلاة لها بالهداية , سألت الكثير من الأئمة الكل كان ينصحني بالصبر ، وها أنا صبرت وضحيت من أجل ولدي .
هل يطلِّق امرأته لأنها لم تُسلم أم يبقيها في عصمته من أجل ابنه منها ؟
السؤال: 176881
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
هداية التوفيق للإسلام والخير بيد الله تعالى وحده ، لا يملك قلوب الناس للتوجه لها إلا الله عز وجل ، وإنما على المسلم البيان والدلالة على الخير ، قال تعالى ( إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) القصص/ 56 .
قال الشيخ السعدي – رحمه الله – : ” يخبر تعالى أنك يا محمد – وغيرك من باب أولى – لا تقدر على هداية أحد ، ولو كان من أحب الناس إليك ؛ فإن هذا أمر غير مقدور للخلق ، هداية للتوفيق وخلق الإيمان في القلب ، وإنما ذلك بيد اللّه سبحانه تعالى يهدي من يشاء وهو أعلم بمن يصلح للهداية فيهديه ممن لا يصلح لها فيبقيه على ضلاله ” انتهى من ” تفسير السعدي ” ( ص 620 ) .
والذي نوصيك به تفعله من أجل هدايتها بذل أقصى جهدك في التلطف معها وتحبيب الإسلام لها ، وأفضل ما تُحبب إليها الإسلامَ به وترغبها بالدخول فيه : المعاملة الحسنة ، فاختر لها طيب الكلام وأحسن الهدايا فإن الهدية تملك القلب ، ولا تقصر بالدعاء لها لعل الله يشرح صدرها ، فإن دخولها في الإسلام نعمة عظيمة ينعم الله بها عليها وعليك .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِىَ اللَّهُ بِكَ رَجُلاً خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ ) رواه البخاري ( 2783 ) ، وحُمْر النَّعم : الإبل الحمراء ، وكانت أنفس أموال العرب .
ولا تيأس ولا تحزن لعدم الهداية ، قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم – وغيره من باب أولى – ( لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ) الشعراء/ 3 ، ومعنى الآية : أشفق على نفسك أن تهلكها ، وما ذاك إلا بسبب شدة حرصه صلى الله عليه وسلم على هداية الناس .
فابذل وسعك من غير قصور واجتهد غاية الجهد حتى تعذر أمام الله ، واعلم أن القلوب بيد الله يقلبها كيف يشاء .
ثانياً:
أحسِن تربية ابنك وتعاهده في كل حين فإن أمه إذا رأت طِيب غرسك لان قلبها وانشرح صدرها للإسلام .
ولا ننصحك بطلاقها حتى لا تخسر هدايتها للإسلام فإن النبي صلى الله عليه وسلم بقي مع عمه أبي طالب يدعوه إلى أن وصل إلى فراش الموت ، فقد روى البخاري ( 1294 ) ومسلم ( 141 ) عن سعيد بن المسيب عن أبيه قال : ” لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ جَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ فَقَالَ : ( أَيْ عَمِّ قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَلِمَةً أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ ) …. ومعنى أحاج : أشهد .
وربما يؤدي طلاقها إلى ضياع ابنك ، فالأنظمة الغربية تقف مع المرأة – الأم – وتقضي عليك برد ابنك إلى أمه رغماً عنك حال حصول طلاق أو فراق لها ، ومن نعمة الله عليك أنها تركتْك وشأنك في التربية ولم تعارضك أبداً ، فلا تستعجل في الإقدام على أمر قد تندم عليه فيما بعد ، خاصة وأن إخوانك الذين معك في منطقتك لم ينصحوك بذلك وهم أعلم بالأمر منا ونحن بعيدون عنك .
على الأقل إذا رأيت منها ما يريبك ويدعوك إلى طلاقها لأمر عظيم فانتظر حتى يكبر ابنك ويبلغ أشده ويستقل برأيه ، وتتمكن من اصطحابه معك إذا رجعت إلى بلادك ، وحينئذ يكون طلاقها أسهل وأهون على ابنك .
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب