0 / 0

هل يطلِّق امرأته لأنها لم تُسلم أم يبقيها في عصمته من أجل ابنه منها ؟

السؤال: 176881

تزوجت بامرأة روسية سنة 1998 ، وبعد حوالي 6 أشهر اعتنقت الإسلام ، ولبست الحجاب ، وأصبحت تحاول حفظ بعض سور من القرآن ، ولكن بعد حوالي سنة حصلت مشكلة كبيرة اضطررت بعدها مع الأسف إلى الطلاق ، وعشت مرحلة صعبة بعدها تقارب نصف السنة ، وتعرفت على امرأة كانت تسكن بجانبي ومع الأسف كانت علاقتنا لوقت قصير غير شرعية لضعف الإيمان آنذاك ، ولكن بعدها تزوجنا بعقد كتبه أحد أصدقائي الذي لعب دور الولي ! مع حضور شاهدين ، وكتب عقداً أمضاه هو والشهود ، وفي ذلك الوقت كان من الصعب أن تجد أحداً يكتب عقدا للمسلمين في مدينة ” سان بطرسبورغ ” الشمالية ، وبعد حوالي شهرين تزوجنا رسميّاً بالعقد الروسي في مكتب خاص بزواج الأجانب ، وليس في الكنيسة ، وكنت أعتقد أن الزوجة ستعتنق الإسلام بعد مدة من الزمن ، ولكن بعد حوالي 5 أشهر حملت زوجتي بولد رغم الاحتياطات التي قمت بها , وقد كنت في حيرة من أمري هل نسقط الجنين أم لا , خاصة أنه كانت بيننا بعض المشاكل ، ولكن في الأخير قررت أن أبقي الجنين ، وهكذا ولد الولد وكبر شيئا فشيئا ، وأنا كل همي أن تعتنق زوجتي الإسلام ، وكلما مر الوقت كلما كبر الولد وزاد تأثري بالقضية ، حيث كنت دائما أفكر في الطلاق ، ولكن لا أريد أن أتخلى عن ولدي ؛ ففي حالة الطلاق كان يلزم عليَّ أن أرجع إلى وطني وأترك الولد ، لكن كنت أتراجع عن فكرة الطلاق لكي لا يكبر الولد بعيدا عني ، فيضيع في ذاك البلد الأجنبي ، كنت دائما أحاول أن أعلمه تعاليم الإسلام ، أمه لم تكن تعارضني في أي شيء ، كان لدي الاختيار بين أن أصبر من أجل تربية ولدي أو أن أطلقها ، خاصة أنه مع مرور الوقت لم تعتنق الإسلام , والغريب أنها تعتقد بأن محمدا صلى الله عليه وسلم رسول ، وأن عيسى نبي الله ورسوله وتؤمن بالرسل ، ولا تتدخل أبداً في تربيتي لولدي على الطريقة الإسلامية ، ولكن تعبت كثيراً ، ورغم محاولاتي اللانهائية دون جدوى لم تتغير أفكارها ، وندمتُ كثيراً على الزواج بغير المسلمة وقد كان اعتقادي أنها ستعتنق الإسلام كما اعتنقته زوجتي الأولى ، ومع الأسف وبعد مرور أكثر من 12 سنة على زواجنا لم يتغير رأيها ، وقد أصبحتُ في حالة نفسية لا أعرف ماذا سأفعل ، حيث أن عمري حاليّاً 45 سنة ، والحمد لله أصبحت ملتزما , وابني الذي ضحيت من أجله عمره الآن 11 سنة ، ويصلي الصلوات الخمس منذ سنة تقريباً ، وعلمته شيئاً من القرآن – والحمد لله – ، حتى الساعة تربيته – ما شاء الله – جيدة ، وقد ذهبت إلى الحج في سنة 2007 ميلادية ودعوت الله هناك كثيراً أن يشرح صدر زوجتي للإسلام , وبعد مرور 4 سنوات بعد الحج لا أعرف ماذا أفعل مع هذه السيدة ، أدعو في كل صلاة لها بالهداية , سألت الكثير من الأئمة الكل كان ينصحني بالصبر ، وها أنا صبرت وضحيت من أجل ولدي .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً :
هداية التوفيق للإسلام والخير بيد الله تعالى وحده ، لا يملك قلوب الناس للتوجه لها إلا الله عز وجل ، وإنما على المسلم البيان والدلالة على الخير ، قال تعالى ( إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) القصص/ 56 .
قال الشيخ السعدي – رحمه الله – : ” يخبر تعالى أنك يا محمد – وغيرك من باب أولى – لا تقدر على هداية أحد ، ولو كان من أحب الناس إليك ؛ فإن هذا أمر غير مقدور للخلق ، هداية للتوفيق وخلق الإيمان في القلب ، وإنما ذلك بيد اللّه سبحانه تعالى يهدي من يشاء وهو أعلم بمن يصلح للهداية فيهديه ممن لا يصلح لها فيبقيه على ضلاله ” انتهى من ” تفسير السعدي ” ( ص 620 ) .
والذي نوصيك به تفعله من أجل هدايتها بذل أقصى جهدك في التلطف معها وتحبيب الإسلام لها ، وأفضل ما تُحبب إليها الإسلامَ به وترغبها بالدخول فيه : المعاملة الحسنة ، فاختر لها طيب الكلام وأحسن الهدايا فإن الهدية تملك القلب ، ولا تقصر بالدعاء لها لعل الله يشرح صدرها ، فإن دخولها في الإسلام نعمة عظيمة ينعم الله بها عليها وعليك .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِىَ اللَّهُ بِكَ رَجُلاً خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ ) رواه البخاري ( 2783 ) ، وحُمْر النَّعم : الإبل الحمراء ، وكانت أنفس أموال العرب .
ولا تيأس ولا تحزن لعدم الهداية ، قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم – وغيره من باب أولى – ( لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ) الشعراء/ 3 ، ومعنى الآية : أشفق على نفسك أن تهلكها ، وما ذاك إلا بسبب شدة حرصه صلى الله عليه وسلم على هداية الناس .
فابذل وسعك من غير قصور واجتهد غاية الجهد حتى تعذر أمام الله ، واعلم أن القلوب بيد الله يقلبها كيف يشاء .

ثانياً:
أحسِن تربية ابنك وتعاهده في كل حين فإن أمه إذا رأت طِيب غرسك لان قلبها وانشرح صدرها للإسلام .
ولا ننصحك بطلاقها حتى لا تخسر هدايتها للإسلام فإن النبي صلى الله عليه وسلم بقي مع عمه أبي طالب يدعوه إلى أن وصل إلى فراش الموت ، فقد روى البخاري ( 1294 ) ومسلم ( 141 ) عن سعيد بن المسيب عن أبيه قال : ” لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ جَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ فَقَالَ : ( أَيْ عَمِّ قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَلِمَةً أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ ) …. ومعنى أحاج : أشهد .
وربما يؤدي طلاقها إلى ضياع ابنك ، فالأنظمة الغربية تقف مع المرأة – الأم – وتقضي عليك برد ابنك إلى أمه رغماً عنك حال حصول طلاق أو فراق لها ، ومن نعمة الله عليك أنها تركتْك وشأنك في التربية ولم تعارضك أبداً ، فلا تستعجل في الإقدام على أمر قد تندم عليه فيما بعد ، خاصة وأن إخوانك الذين معك في منطقتك لم ينصحوك بذلك وهم أعلم بالأمر منا ونحن بعيدون عنك .
على الأقل إذا رأيت منها ما يريبك ويدعوك إلى طلاقها لأمر عظيم فانتظر حتى يكبر ابنك ويبلغ أشده ويستقل برأيه ، وتتمكن من اصطحابه معك إذا رجعت إلى بلادك ، وحينئذ يكون طلاقها أسهل وأهون على ابنك .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android