هل يجوز لي سرد صيام حتي يعينني الله على الإقلاع عن التدخين ، حيث إن سنة الحبيب هي صوم الاثنين والخميس ، وأنا لا أريد إلا التوبة من هذه الآفة ، وعدم مخالفة نهج النبي صلي الله عليه وسلم ؟
يريد أن يسرد الصوم ليقلع عن التدخين
السؤال: 178267
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
إذا كان المراد بصوم كل الأيام : أن تسرد الصوم تباعا بدون إفطار إلا في الأيام المنهي عنها كالعيدين وأيام التشريق ، فالراجح من كلام أهل العلم كراهته والنهي عنه .
وينظر لبيان ذلك إجابة السؤال رقم (144592) .
وأما إن كنت تريد سرد الصوم بعض العام فلا حرج فيه ، وقد ثبتت به السنة ؛ فروى البخاري (1806) ومسلم (1890) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيَّ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي رَجُلٌ أَسْرُدُ الصَّوْمَ ، أَفَأَصُومُ فِي السَّفَرِ ؟ ( قَالَ صُمْ إِنْ شِئْتَ وَأَفْطِرْ إِنْ شِئْتَ ) .
وروى النسائي (2319) عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” كَانَ يَسْرُدُ الصَّوْمَ فَيُقَالُ لَا يُفْطِرُ ، وَيُفْطِرُ فَيُقَالُ لَا يَصُومُ ” . وصححه الألباني في “صحيح النسائي”
وروى البخاري (1833) ومسلم (1956) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : ” كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لَا يُفْطِرُ وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لَا يَصُومُ ، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلَّا رَمَضَانَ ، وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ ” .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” فَأَمَّا سَرْدُ الصَّوْمِ بَعْضَ الْعَامِ فَهَذَا قَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ ، قَدْ كَانَ يَصُومُ حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ لَا يُفْطِرُ ، وَيُفْطِرُ حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ لَا يَصُومُ ، وَكَذَلِكَ قِيَامُ بَعْضِ اللَّيَالِي جَمِيعَهَا ، كَالْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ أَوْ قِيَامِ غَيْرِهَا أَحْيَانًا ، فَهَذَا مِمَّا جَاءَتْ بِهِ السُّنَنُ ” .
انتهى “مجموع الفتاوى” (22 /304) .
وأفضل من ذلك صوم نبي الله داود عليه السلام ، كان يصوم يوما ويفطر يوما ، فروى البخاري (1841) ومسلم (1962) عن عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : ” بَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي أَسْرُدُ الصَّوْمَ وَأُصَلِّي اللَّيْلَ فَإِمَّا أَرْسَلَ إِلَيَّ وَإِمَّا لَقِيتُهُ فَقَالَ : ( أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ وَلَا تُفْطِرُ وَتُصَلِّي ؟ فَصُمْ وَأَفْطِرْ وَقُمْ وَنَمْ فَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَظًّا وَإِنَّ لِنَفْسِكَ وَأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَظًّا ) قَالَ : إِنِّي لَأَقْوَى لِذَلِكَ قَالَ ( فَصُمْ صِيَامَ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام ) قَالَ وَكَيْفَ قَالَ ( كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا وَلَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى ) .
وفي رواية ( وهو أعدل الصيام ) رواه البخاري (3165) ومسلم (1962) .
وفي رواية ( لا أفضل من ذلك ) رواه البخاري (1840) ومسلم (1962) .
قال ابن القيم رحمه الله :
” ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيحين أنه قال ( أفضل الصيام صيام داود ) وفي لفظ ( لا أفضل من صوم داود كان يصوم يوما ويفطر يوما ) فهذا النص الصحيح الصريح الرافع لكل إشكال يبين أن صوم يوم وفطر يوم أفضل من سرد الصوم ” .
انتهى “تهذيب السنن” (7 /71) .
على أن أكمل الهدي في حق كل شخص أن يختار لنفسه من النوافل ما يقدر على القيام بحقه ، والمداومة عليه ، ولا يشق على نفسه بما يقطعها عن باقي الأعمال وأبواب الخير .
فانظر فيما تقدر عليه من ذلك فاجتهد فيه ، واحرص على نوافل الطاعة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، في الصيام وغيره .
وأما الإقلاع عن التدخين : فهو أمر حسن ، نشجعك على أن تمضي فيه ، وأن تكون ذا عزم وحزم مع نفسك في أمره ، ولا شك أن الصيام سوف يعينك على كثير من ذلك ، واجتهد في أن تشغل نفسك بالطاعات ، وبيئة الخير حتى لا تنازعك إليه مرة أخرى .
وينظر جواب السؤال رقم (47565) .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة