0 / 0

فاضل في العطية بين الذكور والإناث ثم مات

السؤال: 178463

خالي أتعبه تقدمه بالعمر والمرض ، وهو موسر إلا انه يتصرف برأي أحد أولاده الذي أشار إليه ببيع بيت بمبلغ قارب ال800 مليون دينار عراقي ، فاستلم الابن المبلغ وأعطى لشقيقاته الأربع لكل واحدة منهن 15 مليون دينار ، ولأشقائه من الذكور مبلغ 90 مليون ليشتري كل واحد منهم دارا , فلما اعترضت الشقيقات قام باسترجاع ما أعطاهن بدعوى أنه سيشتري بيوتا يسجلها باسم الوالد ، لكنه لم يفعل حيث اشترى الأشقاء دورا من المبلغ الذي أعطاهم إياه وهو 90 مليون لكل واحد , وبعد فترة قصيرة توفي الوالد , فما حكم الشرع في هذه القسمة حيث يريد هذا الشقيق أن يعطى كل شقيقة 15 مليون التي كان قد استرجعها منهن ويقسم ما بقي من تركة والدهم قسمة شرعية . جزاكم الله خيرا .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

إذا أعطى الرجل أولاده عطية غير النفقة الواجبة ، لزمه أن يعدل بينهم ، وذلك لما روى البخاري (2587 ) ومسلم (1623) عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ : تَصَدَّقَ عَلَيَّ أَبِي بِبَعْضِ مَالِهِ ، فَقَالَتْ أُمِّي عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ : لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَانْطَلَقَ أَبِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُشْهِدَهُ عَلَى صَدَقَتِي ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَفَعَلْتَ هَذَا بِوَلَدِكَ كُلِّهِمْ؟ قَالَ : لَا ، قَالَ : (اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا فِي أَوْلَادِكُمْ) فَرَجَعَ أَبِي فَرَدَّ تِلْكَ الصَّدَقَةَ .
ولمسلم (1623) : ( فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا بَشِيرُ ، أَلَكَ وَلَدٌ سِوَى هَذَا؟ قَالَ : نَعَمْ ، فَقَالَ : أَكُلَّهُمْ وَهَبْتَ لَهُ مِثْلَ هَذَا؟ قَالَ : لَا ، قَالَ : ( فَلَا تُشْهِدْنِي إِذًا ، فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ ) .
قال ابن قدامة رحمه الله : ” يجب على الإنسان التسوية بين أولاده في العطية , إذا لم يختص أحدهم بمعنى يبيح التفضيل , فإن خص بعضهم بعطيته , أو فاضل بينهم فيها : أثم , ووجبت عليه التسوية بأحد أمرين ; إما رد ما فَضَّل به البعض , وإما إتمام نصيب الآخر ، قال طاوس : لا يجوز ذلك , ولا رغيف محترق ، وبه قال ابن المبارك وروي معناه عن مجاهد , وعروة ” انتهى من “المغني” (5/ 387) .
وإذا كان الأولاد ذكورا وإناثا ، فإن العدل بينهم أن يعطي الذكر مثل حظ الانثيين ؛ لأنها القسمة التي ارتضاها الله لعباده في الميراث ، وهذا مذهب الحنابلة .

وذهب الجمهور إلى التسوية بين الذكر والأنثى في العطية .
قال ابن قدامة رحمه الله : ” إذا ثبت هذا , فالتسوية المستحبة أن يقسم بينهم على حسب قسمة الله تعالى الميراث , فيجعل للذكر مثل حظ الأنثيين ، وبهذا قال عطاء , وشريح , وإسحاق , ومحمد بن الحسن . قال شريح لرجل قسم ماله بين ولده : ارددهم إلى سهام الله تعالى وفرائضه وقال عطاء : ما كانوا يقسمون إلا على كتاب الله تعالى .
وقال أبو حنيفة , ومالك , والشافعي , وابن المبارك : تعطى الأنثى مثل ما يعطى الذكر ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبشير بن سعد : ” سوِّ بينهم ” ، وعلل ذلك بقوله : أيسرك أن يستووا في برك ؟ قال : نعم ، قال : فسوِّ بينهم ، والبنت كالابن في استحقاق برها , وكذلك في عطيتها ، وعن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( سووا بين أولادكم في العطية , ولو كنت مؤثرا لأحد لآثرت النساء على الرجال ) رواه سعيد في ” سننه ” ؛ ولأنها عطية في الحياة , فاستوى فيها الذكر والأنثى , كالنفقة والكسوة .
ولنا : أن الله تعالى قسم بينهم , فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين , وأولى ما اقتدى بقسمة الله , ولأن العطية في الحياة أحد حالي العطية , فيجعل للذكر منها مثل حظ الأنثيين , كحالة الموت ، يعني الميراث .
يحقّقه : أن العطية استعجال لما يكون بعد الموت , فينبغي أن تكون على حسبه , كما أن معجِّل الزكاة قبل وجوبها ، يؤديها على صفة أدائها بعد وجوبها , وكذلك الكفارات المعجلة , ولأن الذكر أحوج من الأنثى من قِبل أنهما إذا تزوجا جميعا فالصداق والنفقة ونفقة الأولاد على الذكر , والأنثى لها ذلك , فكان أولى بالتفضيل ; لزيادة حاجته , وقد قسم الله تعالى الميراث , ففضل الذكر مقرونا بهذا المعنى ، فتعلل به , ويتعدى ذلك إلى العطية في الحياة ” .
انتهى من “المغني” (5/ 389).

ولو فاضل الأب في العطية ثم مات ، لزم الأولاد أن يصححوا القسمة ، ويقيموا العدل ، فيكملون نصيب البنات ، لتأخذ البنت نصف ما أخذ الذكر ، ثم يقسمون الفاضل من التركة بعد ذلك .
وعليه : فيلزم الأبناء المذكورين أن يعطوا كل أخت من أخواتهم 45 مليونا قبل قسمة التركة ، فإن لم يفعلوا كانوا آثمين ظالمين آكلين للمال الباطل .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android