تصدر من زميله في العمل أقوال ردَّة فهل يمكِّنه من إقامة الصلاة ؟
السؤال: 178521
أعمل في إحدى الدول الخليجية في شركة كبيرة ، وتعرفت على زميل في العمل من جنسية عربية أيضاً ، وحكى لي قصة طويلة لا يسعني شرحها في هذا المقام ولكن خلاصتها : أنه يدَّعي أنه ” المسيح عيسى بن مريم ” ! جادلتُه طويلاً في هذا الأمر وبينتُ له كل الأدلة التي تبيِّن استحالة أن يكون هو المسيح عيسى بن مريم ولكنه ظل متمسكاً برأيه وأنه أتاه وحي من الله .
ظننت أنه قد يكون به مس من جن ، فتواصلت مع أخيه وهو موجود في نفس الدولة ، فقال لي : إنه قد عرضه على أحد المشايخ الذين يعرف عنهم علاجهم حالات المس والسحر بالقرآن ، وأن الشيخ أخبره أنه ليس به مس ولكن قرينه يتحكم فيه .
أيضا قال لي أخوه : إنه قام بعرضه على أخصائي نفسي في مستشفى من أكبر المستشفيات فشخَّصه الطبيب أنه مصاب بالفصام الوجدانيّ ، حينما تتحدث مع هذا الشاب تجد الإيحاء بأنه عاقل ولا يبدو عليه أي آثار للجنون ، ويقول : أنا أعلم أن الطبيب قال عني كذا ، وأن الناس تظنني مجنوناً ، ولكن فارتقب إني معكم رقيب ، ويبدأ في تركيب آيات القرآن بعضها على بعض ليحاول إعطاء الإيحاء أنها تشير إليه ، فهو يستدل بالآيات الخاصة بنبوة سيدنا محمد ليسقطها على نفسه .
سؤالي هو: إن هذا الشخص يأتي للصلاة معنا في مسجد العمل ، ويحاول دائما أن يقيم هو الصلاة ، مع العلم أنه ليس عندنا مؤذن للمسجد ، ولكن أذان إلكتروني عن طريق ساعة الفجر وسؤالي :
هل يعتبر هذا الشخص مسلما أصلاً ؟ وهل تصح من مثله إقامة الصلاة ؟ وهل يتم منعه من الإقامة بل من الحضور إلى المسجد أصلا أم لا ؟ .
فأنا أرى أنه ينكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة ، ولكن أحتاج لرأيكم في هذا الأمر .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً:
الأذان من آلة التسجيل ، أو من المذياع ، أو من مكان واحد وإرساله عن طريق الأجهزة
إلى باقي المساجد : بدعة محدثة ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (
48990 ) .
ثانياً:
لا خلاف بين العلماء في اشتراط الإسلام والعقل والذكورة لصحة الأذان ، وحكم الإقامة
كحكم الأذان لا فرق .
قال ابن قدامة رحمه الله : ” ولا يصح الأذان إلا من مسلم عاقل ذكر ، فأما الكافر
والمجنون : فلا يصح منهما لأنهما ليسا من أهل العبادات ، ولا يعتد بأذان المرأة ؛
لأنها ليست ممن يشرع له الأذان فأشبهت المجنون ، ولا الخنثى ؛ لأنه لا يُعلم كونه
رجلاً ، وهذا كله مذهب الشافعي ولا نعلم فيه خلافاً ” انتهى من ” المغني ” ( 1 /
458 ) .
وما نقلتَه من أقوال عن
زميلك في العمل لا شك أنه كفر أكبر وردة بيِّنة عن الدِّين ، ولا يصح معها عمل ولا
تقبل منه طاعة ، وهذا ما لا يختلف عليه أحد من أهل الإسلام ، ولكنَّ العبرة فيمن
تسأل عنه هو تحقيق هذا الحكم في شخص ذلك الرجل ؛ لأن المسلم قد يُصاب بأمراض نفسية
أو عضوية تؤثِّر في عقله تأثيراً بالغاً حتى لا يدري ما يقول ولا ما يفعل ، كالعتَه
والجُنون ، فمثل هذا إن صدر منه قول أو فعل : فلا يكون معه ذنب أو إثم ؛ لأنه يكون
معذوراً ؛ وذلك لوجود عارض من عوارض الأهلية تمنع من مخاطبته بالتكاليف الشرعية ،
وعليه : فلا يؤاخذ في الذنوب التي يقترفها مما تكون بينه وبين ربِّه ، وأما ما
يفعله مما يترتب عليه حقوق للآخرين : فإن لهم المطالبة بها من أوليائه .
والخلاصة :
لمعرفة الحكم الشرعي في ذلك الزميل ومعرفة حكم إدخاله للمسجد وحكم إقامته للصلاة
فلا بدَّ من معرفة خلوِّه من عوارض الأهلية ، فإذا ثبت أنه عاقل يدري ما يقول فلا
شك أنه وقع بما قاله في الكفر المخرج من الملة فلا ينبغي تمكينه من دخول المسجد
فضلا عن تمكينه من إقامة للصلاة ، وإذا ثبت وجود مرض نفسي أو عقلي يمنعان من
التكليف : فلا يؤاخذ بما يقول ، وينبغي منعه من إقامة الصلاة لعدم أهليته لذلك .
والله أعلم
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
![answer](/_next/image?url=%2F_next%2Fstatic%2Fmedia%2Fanswer.91a384f1.png&w=64&q=75)
موضوعات ذات صلة