0 / 0

لِمَ ذكرت آية القذف ” النساء المحصنات ” ولم تذكر الرجال ؟

السؤال: 178842

قرأت أن حد القذف واحد ، سواء كان المقذوف رجلا أو امرأة ، أريد أن أعرف ما الحكمة إذا من ورود آيات القذف باللفظ المؤنث : ” الذين يرمون المحصنات” ؟ ومن أين استنتجنا أن الحكم في قذف الرجل هو نفسه الحكم في قذف المرأة إذا كانت الآيات تكلمت فقط عن قذف النساء ؟ وجزاكم الله خيرا .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
قال الله تعالى : ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) النور/ 4، 5 .
ذكرت الآية المحصنات من النساء ولم تذكر الرجال ، وقد أجمع العلماء على أن قذف الرجال داخل في حكم الآية .
قال ابن كثير رحمه الله :
” هذه الآية الكريمة فيها بيان حكم جلد القاذف للمحصنة ، وهي الحرة البالغة العفيفة ، فإذا كان المقذوف رجلا فكذلك يجلد قاذفه أيضا ، ليس في هذا نزاع بين العلماء ” .
انتهى “تفسير ابن كثير” (6 /13) .

ثانيا :
أما الجواب عن الآية في ذكر النساء فقط دون الرجال : فللعلماء عن ذلك أجوبة متعددة :
– فقيل : إنما ذكر النساء دون الرجال لأن قذفهن أكثر وأشنع .
قال ابن جزي رحمه الله :
” والمحصنات يراد بهن هنا العفائف من النساء ، وخصهن بالذكر لأن قذفهن أكثر وأشنع من قذف الرجال ، ودخل الرجال في ذلك بالمعنى ، إذ لا فرق بينهم ، وأجمع العلماء على أن حكم الرجال والنساء هنا واحد ” انتهى من “التسهيل” (ص 1214) .
وينظر:”فتح القدير” للشوكاني (4 /11) و”تفسير الثعالبي” (3 /109) .

– وقيل : المراد بالمحصنات في الآية (الأنفس المحصنات) ؛ فتعم بذلك الرجال والنساء .
قال ابن حزم رحمه الله :
” قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا : بَلْ نَصُّ الْآيَةِ عَامٌّ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ ، وَإِنَّمَا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى النُّفُوسَ الْمُحْصَنَاتِ ، قَالُوا : وَبُرْهَانُ هَذَا الْقَوْلِ وَدَلِيلُ صِحَّتِهِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى فِي مَكَان آخَرَ ( وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ النِّسَاءِ ) قَالُوا : فَلَوْ كَانَتْ لَفْظَةُ ” الْمُحْصَنَاتُ ” لَا تَقَعُ إلَّا عَلَى النِّسَاءِ ، لَمَا كَانَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ” مِنْ النِّسَاءِ ” مَعْنًى ، وَحَاشَ لِلَّهِ مِنْ هَذَا ، فَصَحَّ أَنَّ الْمُحْصَنَاتِ يَقَعُ عَلَى النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ ، فَبَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى مُرَادَهُ هُنَالِكَ بِأَنْ قَالَ ” مِنْ النِّسَاءِ ” ، وَأَجْمَلَ الْأَمْرَ فِي آيَةِ الْقَذْفِ إجْمَالًا ، قَالَ ابن حزم رحمه الله : وَهَذَا جَوَابٌ حَسَنٌ ” .
انتهى من “المحلى” (12/227-228) .
وينظر: “الجامع لأحكام القرآن” للقرطبي (12 /172) ، و”التسهيل” لابن جزي (ص 1214) .
– وقيل : تخصيص النساء هنا لخصوص الواقعة ، ومراعاة قصة كانت سبب نزول الآية ، ثم يكون الحكم بالعلة الجامعة والمعنى المشترك الذي يمنع تخصيص النساء دون الرجال .
قال الألوسي رحمه الله :
” والظاهر أن المراد النساء المحصنات ، وعليه يكون ثبوت وجوب جلد رامي المحصن بدلالة النص ، للقطع بإلغاء الفارق ، وهو صفة الأنوثة ، واستقلال دفع عار ما نسب إليه بالتأثير ؛ بحيث لا يتوقف فهمه على ثبوت أهلية الاجتهاد ، وكذا ثبوت وجوب جلد رامية المحصن أو المحصنة بتلك الدلالة ، وإلا فالذين يرمون للجمع المذكر ، وتخصيص الذكور في جانب الرامي ، والإناث في جانب المرمي ، لخصوص الواقعة ” انتهى .
“تفسير الألوسي” (13 /327) . وينظر : “التحرير والتنوير” لابن عاشور (18 /159) .

والله تعالى أعلم .

يراجع جواب السؤال رقم : (129774) .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android