أنا متزوج كتابية تشرب الخمر في المناسبات , وتقول أن شرب الخمر جائز لديهم ؛ لأن عيسى عليه السلام كان يشربه حسب معتقداتهم الفاسدة ، ولديها أصدقاء من الرجال ولطالما تشاجرنا على هذا ، وتقول لي إنها لن تلتقي بهم إلا بوجودي معها. ولا أعلم ماذا أفعل : هل أطلقها أو أصبر معها وأدعوها للإسلام ؟ وهل لي أجر على ذلك ؛ لأني اتخذت هذا السبيل من أجل طلب العلم والرزق في بلاد الغرب ، وفي نفس الوقت دعوة هذه الزوجة , علما أن هذه المرأة متعلقة بي كثيرا ، وأنا أيضا متعلق بها الآن ، ولا تريد مني الطلاق ، وتسألني دائما : هل ديني من يريد ذلك ؟ وهي لديها ميل كبير للإسلام ، ففي زيارتها لي في بلادي صامت 15 يوما من رمضان ، والاستماع للقرآن معي ، وتقول لي إن لها ميلا كبيرا للإسلام ، إلا أنها خائفة من شيء ما ، لأنها ترى بعض الكوابيس في المنام ، وهي تعتقد اعتقادا جازما الآن أن عيسى عليه السلام رسول الله .
مشكلتي الآن أني كثيرا ما أتشاجر معها ؛ لأني أشعر بالذنب وأن زواجي منها حرام ؛ لأن الكثير من الناس الذين يدعون العلم من أصدقائي هاجموني , ولا أعلم هل هذه فقط وساوس ، أم إنها النفس اللوامة التي تلومني ؟
فقد قرأت الكثير من أقوال أهل العلم عن الزواج بكتابية ، والإقامة في بلاد الكفر .
وقد اتفقت معي على أن أبناءنا سيكونون مسلمين ، وأن الأمور التي تقوم بها هي متعلقة بها ليس بي .
هل فعلا أنا سأسأل يوم القيامة عن أعمالها ؟ وما تفسير الآية الكريمة (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) الزمر /7 ؟
أنا الآن أعيش في بلادي ؛ لإنهاء إجراءات السفر للالتحاق بها ، ولا أعلم ماذا أفعل ، هل أتبع عاطفتي أم ديني ؟ وما حكم وضعي الآن إن التحقت بزوجتي والعيش معها ؟
زوجته نصرانية تشرب الخمر وتصادق الرجال فهل يطلقها ؟
السؤال: 178986
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
الزواج من الكتابية جائز بشرط أن تكون عفيفة ، وأن يكون له الولاية عليها وعلى أولاده منها .
قال تعالى : ( الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ ) المائدة / 5 .
والمراد بالإحصان العفة من الزنا .
قال ابن كثير رحمه الله :” وهو قول الجمهور ها هنا ، وهو الأشبه ، لئلا يجتمع فيها أن تكون ذمية وهي مع ذلك غير عفيفة ، فيفسد حالها بالكلية ، ويتحصل زوجها على ما قيل في المثل : ” حشفا وسوء كيلة ” والظاهر من الآية أن المراد بالمحصنات العفيفات عن الزنا ” انتهى من ” تفسير ابن كثير ” (3 / 55 ) . وينظر : ” أحكام أهل الذمة ” لابن القيم ( 2 / 794 ).
وأما شرط الولاية فيدل عليه قوله تعالى : ( وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً ) النساء / 141 .
ونبه ابن جرير رحمه الله على شرط مهم يتصل بذلك وهو : ” أن تكون بموضع لا يخافُ الناكح فيه على ولده أن يُجْبر على الكفر ” انتهى من تفسير الطبري (9/ 589) .
ومع ذلك فلا ننصح بالزواج من الكتابية لأسباب سبق بيانها في جواب السؤال رقم (45645) .
ثانيا :
جمهور الفقهاء على أن للزوج أن يمنع زوجته الكتابية من السكر ، ومنهم من يوجب عليه ذلك ؛ لأن سكرها منكر يتعدى ضرره وأثره عليه وعلى أولاده ، وينظر : سؤال رقم (65683) .
ثالثا :
لا يجوز للمرأة أن تصادق الرجال الأجانب عنها ؛ لما تشتمل عليه الصداقة من أمور محظورة غالبا ، كالنظر ، والخضوع بالقول ، وهي مأمورة بغض بصرها ، ومنهية عن الخضوع بالقول ، وإذا اشتملت الصداقة على المصافحة أو الخلوة ، أو تعلق القلب منها أو بها ، أو كشف ما لا يجوز كشفه أمام الرجال ، فذلك منكر آخر أو منكرات .
وانظر في تحريم ما سبق : الجواب رقم (84089) .
ولا يجوز لأحد أن يرضى لزوجته بمصادقة الرجال ، ولو كانت لا تجلس معهم إلا في وجوده ؛ فإن هذا مناف للغيرة ، مؤذن بوقوع المنكر غالبا .
والنصيحة لك أن تبين لزوجتك رفضك لشربها الخمر ، وصداقتها للرجال وجلوسها معهم ، فإن توقفت عن ذلك ، واستجابت لك ، فأبق عليها ، واستمر في دعوتها لعل الله أن يهديها ويشرح صدرها .
وإن أصرت على شرب الخمر ، أو مصاحبة الرجال ، فنرى أن تطلقها قبل أن ترزق منها بولد فتعجز معه عن اتخاذ القرار الصائب .
وأكثر من دعاء الله وسؤاله أن يقضي لك الخير ، وأن يهديها ويصلح حالها .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة