شخص مات والداه ، وأمه كانت قد أوصت أن يتزوج بنت خالته ، وخطبها ، وعقد عليها من أجل أن ينفذ وصية أمه ، وهو الآن يبكي ، ويقول : إنه ما يريد هذه المرأة ، وليس عنده أي ميل لها ، فقط هو خطبها لأجل أن ينفذ وصية أمه ، وهو يخاف أن يظلمها معه ؛ فما الحكم ؟ وهل يجب عليه أن يتزوج من امرأة لا يريدها ؟ وما حكم تنفيذ الوصية في هذه الحال ؟
أوصت أمه أن يتزوج من بنت خالته التي لا يريدها فهل يلزمه تنفيذ الوصية ؟
السؤال: 179634
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
ما أوصت به والدة صاحبك لا يجب إنفاذه ، وليس هذا من الوصية الشرعية ؛ لأن الوصية إنما تكون في أمر يملكه الموصي .
قال في “زاد المستقنع” : ” ولا تصح وصية إلا في تصرفٍ معلوم يملكه الموصي ، كقضاء دينه ، وتفرقة ثلثه ، والنظر لصغاره ، ولا تصح بما لا يملكه الموصي ” انتهى .
وهذا الزواج أمر يخص الابن ، ولا تملكه الأم ، ولو أمرته في حياتها أن يتزوج من امرأة بعينها ، لم يلزمه ذلك ، ولا يعدّ عاقا .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ” وليس للأبوين إلزام الولد بنكاح من لا يريد ، فلا يكون عاقا ، كأكل ما لا يريد ” انتهى من “الاختيارات” ص 304 .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ” وقد يُسلط بعض الناس على أبنائه ، فيُلزمهم أن يتزوجوا من بنات أخيه ، أو من بنات قبيلته ، ويحول بينه وبين من يرغب من النساء الأخريات ، وهذا خطأ وغلط ، فكما أنه ليس من حقه أن يجبره على أكل طعام معين لا يشتهيه ، فليس من حقه أن يضطره إلى أن يتزوج من امرأة لا يريد الزواج منها ” انتهى من “فتاوى نور على الدرب”.
وقال رحمه الله في “تفسير سورة البقرة” عند قوله تعالى :( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) البقرة/240 :
” .. ومنها : أن المرأة يحل لها إذا أوصى زوجها أن تبقى في البيت أن تخرج ، ولا تنفذ وصيته؛ لقوله تعالى: ( فإن خرجن فلا جناح عليكم) ؛ لأن هذا شيء يتعلق بها ، وليس لزوجها مصلحة فيه.
ويتفرع عليه لو أوصى الزوج الزوجة ألا تتزوج من بعده لا يلزمها ؛ لأنه إذا كان لا يلزمها أن تبقى في البيت مدة الحول ، فلأن لا يلزمها أن تبقى غير متزوجة من باب أولى.
وكذلك يؤخذ منه قياساً كل من أوصى شخصاً بأمر يتعلق بالشخص الموصَى له ، فإن الحق له في تنفيذ الوصية وعدم تنفيذها ” انتهى .
فسواء أمرته أمه بالزواج من هذه الفتاة ، في حياتها ، أو وصته أن يفعل ذلك بعد موتها ، لا يلزمه طاعتها في ذلك ، ولا يعد بمخالفتها عاقا ، ولا حرج عليه أن يتزوج من الفتاة التي يريد ، وينبغي أن يختار ذات الدين والخلق .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب