تنزيل
0 / 0
59,99305/07/2012

هل يجوز أن يتخالع الزوجان بشرط بقاء الأولاد في حضانة أمهم ولو تزوجت ؟

السؤال: 179756

أنا امرأة مطلقة ، ولقد وقع الطلاق بالخلع ، ومن الشروط التي تمت الموافقة عليها لقد تنازل طليقي عن حضانة البنات لصالحي ، مقابل التنازل عن مهري ، ولقد وقّع طليقي على ذلك ، ومن ضمن عقد الطلاق : لو تزوجت أنا مرة ثانية ، البنات يبقون معي ؟ أريد التأكد من ذلك ، لأنه تقدم لي عريس ملتزم دينيا ، ومن عائلة كريمة ، ولكن أريد الإبقاء على بناتي ، وتربيتهم بنفسي تربية دينية صحيحة , مع العلم أن والدهم قد تزوج وأنجب مرة ثانية .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
يصح الخلع بالتنازل عن المهر كله أو بعضه ، أو بالتعويّض بأكثر منه .
يراجع جواب السؤال رقم : (26247) .
ثانيا :
إذا حصل فراق بين الزوجين بطلاق أو خلع أو فسخ ، فالأم أولى بحضانة أولادها الصغار من الأب ، ما لم تتزوج ، فإن تزوجت سقط حقها في الحضانة .
يراجع جواب السؤال رقم : (127610) .

ثالثا :
اختلف العلماء في الحضانة : هل هي حق للحاضن أو المحضون ؟ على قولين .
قال ابن القيم رحمه الله :
” اختلف الفقهاءُ : هل هي للحاضن أم عليه ؟ على قولين في مذهب أحمد ومالك، وينبني عليهما : هل لمن له الحَضانة أن يُسقِطَها فينزل عنها ؟ على قولين …
والصحيحُ أن الحضانة حق لها ، وعليها ؛ إذا احتاج الطفل إليها ولم يُوجد غيرُها ، وإن اتفقت هي وولي الطفل على نقلها إليه : جاز ” انتهى من “زاد المعاد” (5/451-452) .

وجاء في “الموسوعة الفقهية” (4/250) :
” يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ – الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ ، وَهُوَ أَيْضًا قَوْلٌ لِلْمَالِكِيَّةِ خِلاَفُ الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ – أَنَّ لِلْحَاضِنِ أَنْ يَسْقُطَ حَقُّهُ بِإِسْقَاطِهِ ، وَيَنْتَقِل الْحَقُّ إِلَى مَنْ بَعْدَهُ ، وَلاَ يُجْبَرُ عَلَى الْحَضَانَةِ إِلاَّ إِذَا تَعَيَّنَ وَلَمْ يُوجَدْ حَاضِنٌ غَيْرُهُ ، ثُمَّ إِنْ عَادَ الْحَاضِنُ فَطَلَبَ الْحَضَانَةَ عَادَ الْحَقُّ إِلَيْهِ ” انتهى .
وقال ابن عثيمين رحمه الله : ” والحضانة هنا حق للحاضن لا حق عليه ، وعلى هذا فإذا أراد أن يتخلى عنها لمن دونه جاز له ذلك ” انتهى من “الشرح الممتع” (13 /536) .

وعلى ذلك : فيجوز للأب أن يتنازل للأم عن حقه في الحضانة ، ولو بعوض .
قال الشيخ محمد عليش المالكي رحمه الله :
” إذَا أَسْقَطَتْ الْحَضَانَةَ بَعْدَ وُجُوبِهَا ، فَذَلِكَ لَازِمٌ لَهَا ، وَسَوَاءٌ أَسْقَطَتْ ذَلِكَ بِعِوَضٍ , أَوْ بِغَيْرِ عِوَضٍ ” انتهى من “فتح العلي المالك” (1/279) ، وينظر : (1/326) منه .

وهو ظاهر اختيار شيخ الإسلام رحمه الله حيث يقول :
” وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ عِنْدِي جَوَازُ أَخْذِ الْعِوَضِ عَنْ سَائِرِ حُقُوقِهَا ، مِنْ الْقَسْمِ وَغَيْرِهِ ” انتهى من
“الفتاوى الكبرى” (5 /483) .

وسئل شيخ الإسلام عَنْ رَجُلٍ قَالَتْ لَهُ زَوْجَتُهُ : طَلِّقْنِي وَأَنَا أَبْرَأَتْك مِنْ جَمِيعِ حُقُوقِي عَلَيْك ؛ وَآخُذُ الْبِنْتَ بِكِفَايَتِهَا ؟
فَأَجَابَ : ” إذَا خَالَعَهَا عَلَى أَنْ تُبْرِئَهُ مِنْ حُقُوقِهَا ، وَتَأْخُذَ الْوَلَدَ بِكَفَالَتِهِ وَلَا تُطَالِبَهُ بِنَفَقَةِ : صَحَّ ذَلِكَ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ ” انتهى من “مجموع الفتاوى” (32 /353) .
رابعا :
لا بد مع ذلك من مراعاة مصلحة المحضون وحقه في الحضانة ، فإذا تنازل الأب مثلا عن حقه في الحضانة للأم المتزوجة ، وكان في ذلك ضياع لحق المحضون وإهمال رعايته وتربيته وذهاب مصالحه : انتُزِع منها ، وانتقلت الحضانة لمن هو أولى بالطفل ورعايته وتربيته من أمه.
جاء في “الموسوعة الفقهية” (17/301) :
” لِكُلٍّ مِنَ الْحَاضِنِ وَالْمَحْضُونِ حَقٌّ فِي الْحَضَانَةِ ، فَهِيَ حَقُّ الْحَاضِنِ ، بِمَعْنَى أَنَّهُ لَوِ امْتَنَعَ عَنِ الْحَضَانَةِ لاَ يُجْبَرُ عَلَيْهَا ، لأِنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَيْهِ ، وَلَوْ أَسْقَطَ حَقَّهُ فِيهَا سَقَطَ ، وَإِذَا أَرَادَ الْعَوْدَ وَكَانَ أَهْلاً لَهَا : عَادَ إِلَيْهِ حَقُّهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ ، لأِنَّهُ حَقٌّ يَتَجَدَّدُ بِتَجَدُّدِ الزَّمَانِ .
وَهِيَ حَقُّ الْمَحْضُونِ ، بِمَعْنَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْبَل الْمَحْضُونُ غَيْرَ أُمِّهِ ، أَوْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهَا ، أَوْ لَمْ يَكُنْ لِلأْبِ وَلاَ لِلصَّغِيرِ مَالٌ : تَعَيَّنَتِ الأْمُّ لِلْحَضَّانَةِ ، وَتُجْبَرُ عَلَيْهَا ” انتهى .

وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
” واعلم أن هذه المسائل يجب فيها مراعاة المحضون قبل كل شيء ، فإذا كان لو ذهب مع أحدهما ، أو بقي مع أحدهما : كان عليه ضرر في دينه ، أو دنياه : فإنه لا يُقرُّ في يد من لا يصونه ، ولا يُصلحه ؛ لأن الغرض الأساسي من الحضانة هو حماية الطفل عما يضره ، والقيام بمصالحه ” انتهى من “الشرح الممتع” (13/545) .

فعلى ما تقدم :
يجوز للزوجين أن يتخالعا على ما بدا لهما ، وأن يبقى الأولاد في حضانة أمهم ، ولو تزوجت ، بشرط أن يكون في بقائهم معها مصلحة لهم ، وأن لا يخل زواجها الثاني بحضانتها لأولادها ، فإن أخل ذلك بمصلحتهم ، انتقلت الحضانة لمن هو أولى بعناية الأولاد وتربيتهم من الأم .

يراجع لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم : (9463) ، (20705) .
والله تعالى أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android