0 / 0

ما حكم نسب الإنسان تعب غيره لنفسه؟

السؤال: 179990

أبي هو الأكبر بالنسبة لإخوته ، توفي والده وهو صغير ، ترك التعليم لكي يصرف على أمه وإخوته ال9 فعمل حمالا أي عامل في بدايته ، فكان يرسل المال إلى أهله في السودان ، وهم يعيشون في ترف شديد بالنسبة لظروفهم ، ويصرفون مال والدي من دون تفكير ، ويطلبون المزيد ، وهو لا يقصر فيهم ، بل يفضل نفسه عليهم ، فزوج أبي أخواته كلهن .
ولكن عمي كان يقول للناس إنا الذي زوجت أخواتي ، وأنا الذي ساعدت ، وأنا لدي تجارة ، مع أنها تجارة والدي وماله !!
فما حكم نسب عمي كل هده الأعمال لنفسه دون أن يشرك والدي ، مع العلم أن أبي تكفل كل شيء يخص أهله ، ولكن لطالما نسب عمي الجهد لنفسه .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

لا شك أن من نسب إلى نفسه ما ليس لها من الخير ، أو ادعى ما ليس عنده من الفضل ، فقد كذب على نفسه ، وكذب على الناس .
قال الله تعالى ( لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) آل عمران/188 .
قال الشيخ السعدي رحمه الله : ” أي: بالخير الذي لم يفعلوه ، والحق الذي لم يقولوه ، فجمعوا بين فعل الشر وقوله ، والفرح بذلك ومحبة أن يحمدوا على فعل الخير الذي ما فعلوه ” .
انتهى من ” تفسير السعدي” (ص 160) .
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَقُولُ إِنَّ زَوْجِي أَعْطَانِي ، مَا لَمْ يُعْطِنِي ؟
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْمُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ ) .
رواه مسلم (2129) .
قال النووي رحمه الله :
قَالَ الْعُلَمَاء : مَعْنَاهُ الْمُتَكَثِّر بِمَا لَيْسَ عِنْده ، بِأَنْ يَظْهَر أَنَّ عِنْده مَا لَيْسَ عِنْده , يَتَكَثَّر بِذَلِكَ عِنْد النَّاس , وَيَتَزَيَّن بِالْبَاطِلِ , فَهُوَ مَذْمُوم كَمَا يُذَمّ مَنْ لَبِسَ ثَوْبَيْ زُور .
قَالَ أَبُو عُبَيْد وَآخَرُونَ : هُوَ الَّذِي يَلْبَس ثِيَاب أَهْل الزُّهْد وَالْعِبَادَة وَالْوَرَع , وَمَقْصُوده أَنْ يَظْهَر لِلنَّاسِ أَنَّهُ مُتَّصِف بِتِلْكَ الصِّفَة , وَيَظْهَر مِنْ التَّخَشُّع وَالزُّهْد أَكْثَر مِمَّا فِي قَلْبه , فَهَذِهِ ثِيَاب زُور وَرِيَاء ، وَقِيلَ : هُوَ كَمَنْ لَبِسَ ثَوْبَيْنِ لِغَيْرِهِ , وَأَوْهَمَ أَنَّهُمَا لَهُ ، وَقِيلَ : هُوَ مَنْ يَلْبَس قَمِيصًا وَاحِدًا وَيَصِل بِكُمَّيْهِ كُمَّيْنِ آخَرَيْنِ , فَيَظْهَر أَنَّ عَلَيْهِ قَمِيصَيْنِ ، وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ قَوْلًا آخَر أَنَّ الْمُرَاد هُنَا بِالثَّوَابِ الْحَالَة وَالْمَذْهَب , وَالْعَرَب تَكْنِي بِالثَّوْبِ عَنْ حَال لَابِسه , وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ كَالْكَاذِبِ الْقَائِل مَا لَمْ يَكُنْ ، وَقَوْلًا آخَر أَنَّ الْمُرَاد الرَّجُل الَّذِي تُطْلَب مِنْهُ شَهَادَة زُور , فَيَلْبَس ثَوْبَيْنِ يَتَجَمَّل بِهِمَا , فَلَا تُرَدّ شَهَادَته لِحُسْنِ هَيْئَته ، وَاللَّه أَعْلَم .
فتأملي ، كيف أن الله عزو جل حذر من حال من يحب أن يمدحه الناس بما ليس فيه من الخير، وبين أن هذا لا ينفعه شيئا عند الله ، الذي يعلم السر وأخفى ، فمهما تستر به من الدعاوى الكاذبة ، لم يزده ذلك إلا فضيحة وسوء حال .
بل مهما تكثر به من ذلك الباطل ، لم يحصل في عاقبة أمره إلا على القلة والخسار :
عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( وَمَنْ ادَّعَى دَعْوَى كَاذِبَةً لِيَتَكَثَّرَ بِهَا لَمْ يَزِدْهُ اللَّهُ إِلَّا قِلَّةً ) متفق عليه ، واللفظ لمسلم .
وعلى كل حال ، فلا ينبغي ذلك أن يحزنك ، أو يحزن أباك ، لأن العبد المؤمن إنما ينفق ما أنفق ، ويعطي ما أعطى لله ، لا لأجل أن يقول الناس قد أنفق وأعطى ، والله جل جلاله لا يضيع عنده مثقال ذرة ، ولا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء .
نسأل الله أن يأجر أباك ، ويخلف له خيرا مما أنفق وأعطى .
والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android