رجل يعمل معلماً في قرية ، وفوجئ بمكتبة تضم كتباً علمية ، ورسائل جامعية مهملة ، قد تراكمت عليها الأتربة ، وبعضها يوجد منه نسخ مكررة ، فسأل عن مصدرها ممن هم قبله ، ولا أحد يعلم ، وهو من طلاب العلم ، فهل يجوز له أخذ ما يحتاجه منها ، لا سيما أن طلاب المدرسة في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة ؟
هل يجوز له أخذ ما يحتاجه من كتب من مكتبة المدرسة المهملة ؟
السؤال: 180381
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
هذه الكتب في حكم الموقوفة على المكتبة ، فلا يجوز أخذ كتاب منها إلا بإذن أمين المكتبة ، وعلى وجه الاستعارة ، فإذا انقضت مدة الاستعارة المسموح بها ، وجب رد الكتاب إلى المكتبة .
وما وُجد فيها من كتب شرعية أو رسائل جامعية نافعة : قد أهملت فتعرضت للضياع أو التلف ، فالمتعين تعاون أهل الخير والصلاح – وخاصة طلبة العلم – قدر الإمكان – على إصلاح ما فسد منها ، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه منها ، وإعادة ترتيبها وتنظيمها وتجليدها ، فإن هذا من العمل الصالح الذي يستمر أجره لصاحبه ما انتُفع بهذه الكتب ، كما أنه من التعاون على البر والتقوى ، وإذا كان الناس اليوم يهملونها ولا ينتفعون بها فعسى أن يأتي الله من بعدهم بقوم ينتفعون بها ويقدرونها قدرها .
ولا يجوز لمجرد ما ذكر من الإهمال والتعرض للضياع والتلف ، أخذ كتب منها واقتناؤها إلا على سبيل العارية ، كما سبق .
كما لا يجوز أخذ نسخة من نسخ الكتاب الواحد ، وخاصة إذا كان من الكتب المهمة ؛ فإن من شأن المكتبات الحرص على توافر أكثر من نسخة ؛ لأن ذلك أحفظ للكتاب من الضياع ، فلو ضاعت نسخة أو تلفت أمكن الاستعاضة عنها بالنسخ الأخرى . كما أنه يمكن بتوافر أكثر من نسخة تمكّن غير واحد من استعارة الكتاب في وقت واحد ، وخاصة إذا كان من الكتب التي يقبل عليها طلبة العلم كثيرا ويحتاجونها في بحوثهم وأعمالهم .
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
في سنوات دراستي الماضية كان لدينا في مدرستنا مكتبة تضم عددا من الكتب والمجلات , وكانت لا تلقى أي اهتمام من الطالبات , وقد كنت أحب القراءة واقتناء الكتب , وأعجبني بعض الكتب الدينية التي كانت فيها ، وكذلك الكتب الطبية والقصصية , وهي حوالي أربعة كتب , وقد أخذتها من مكتبة المدرسة حتى أقرأها وأعيدها , وفي زحمة الدراسة نسيت أن أعيدها إلى المكتبة , وبعد أن تخرجت من المدرسة بحوالي ثلاث سنوات قالت لي إحدى الأخوات : إن أخذ هذه الكتب وعدم إرجاعها حرام ومحاسبون عليه يوم القيامة , مع العلم أنني عندما أخذتها لم أكن أعلم بحكم أخذها , وكذلك لم يكن للمكتبة أي اهتمام من المدرسات أو الطالبات , وأنا قد استفدت منها وخاصة الدينية , ولا أود أن أعيدها ؛ لأن فيها أحكاما أفادتني . فما الحكم في ذلك جزاكم الله خيرا ؟
فأجاب : ” الواجب عليك ردها إلى المكتبة ؛ لأنها في حكم الوقف على المكتبة , ولا يجوز لأحد أن يأخذ من المكتبات العامة ولا من المكتبات المدرسية شيئا إلا بإذن المسئول عنها على وجه العارية لمدة محدودة , وعليك مع ذلك التوبة إلى الله مما فعلت ” .
انتهى من “مجموع فتاوى ابن باز” (5 /353)
ثانيا :
إذا كانت المكتبة مهملة في هذا المكان إهمالا يُخشى معه على الكتب التي بها ، وجب نقلها إلى مكان آخر ، ليكون أحفظ لها ، وأدوم لمنفعتها .
وهكذا الحال إذا تعطلت المنفعة بالكتب في هذا المكان ، كأن تكون كتبا كبارا ، والطلاب في مرحلة الابتدائية مثلا كما تذكر ، أو لغير ذلك من أسباب تعطل المنفعة بها في المكان الذي وضعت فيه : شرع نقلها لمكان آخر ، سواء مدرسة أخرى ، أو جامعة ، أو مسجد ، أو غير ذلك من الأماكن التي يتيسر فيها الانتفاع بهذه المكتبة ، والمحافظة على ما فيها .
وينظر جواب السؤال رقم (140176) والإحالات الموجودة فيه .
فإذا قدر أن ذلك متعذر ، وهو ما نستبعده غالبا ، وأمكنك نقل الكتب إلى بيتك والاستفادة منها ، وعدم حبسها عن أحد : جاز لك ذلك ؛ صيانة لها من التلف والفساد والضياع ، حتى تتمكن من نقلها إلى مكتبة أخرى .
سئل د. محمد بن عبد الله الهبدان :
تم تعييني في مدرسة نائيَة ، فوجدت فيها مكتبة خاصَّة بهذه المدرسة ، قامت بتأثيثها إدارة التعليم ؛ لكن هذه المكتبة مهملة إهمالاً شنيعاً ، لدرجة أن الكتب قد امتلأت غباراً ، بل إن الكثير منها قد اهترأ وتمزّق ، كما أن الطلبة والمعلمين لا يلقون لها بالاً ، والبلدة التي بها المدرسة بلدة بادية ، فقمت بالإعداد لترتيبها وتنظيفها ، واستخرجت منها عدداً من الكتب القيّمة التي يصعب الحصول على مثلها اليوم ، واستخلصتها لنفسي ، لأنني أستفيد منها كوني أعمل بحوثاً خاصَّة بي . فهل تحل لي تلك الكتب ، مع أن حال المكتبة وكتبها كما ذكرت لك ؟
فأجاب :
” لا يحل لك تلك الكتب ، لكن إن كان في بقاء الكتب في تلك المكتبة ضرر على الكتب ، بأن تتلف ، فيجب نقلها إلى مكان آخر . وإذا لم يمكنك نقلها ، فلا بأس أن تضعها في بيتك مع عدم حبسها عن أحد ، بل عليك أن تسهل الوصول إليها لكل مستفيد وراغب في العلم ، والله يأجرك ، فإن الله تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملا ” انتهى من موقع الشيخ .
www.alhabdan.net/index.php?option=com
والله تعالى أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة