0 / 0

نبذة مختصرة عن الحنابلة وتاريخهم

السؤال: 180903

أريد أن أسأل عن شيء ألا وهو من أين أتت تسمية الحنابلة ؟
فبعض الناس يقول أنت حنبلى أو لا تكن حنبلياً ونحو ذلك ، وأي المصادر تنصحنى بها لكى أراجع هذه المسألة وتاريخها وكل شئ عنها ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الحنابلة هم أتباع المذهب الحنبلي ، وهم من فقهاء الأمة وعلمائها ، الذين لهم قدم صدق في دين الله ، سموا بذلك نسبة لإمامهم وقدوتهم إمام أهل السنة الإمام أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني رحمه الله تعالى صاحب المذهب .
وتاريخ الحنابلة تاريخ مشرق مشرف كانوا ولا يزالون يقومون في وجه الفساد والظلم وتخاذل السلطان يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وينشرون السنة ويحاربون البدعة ، فوقفوا في وجه المعتزلة دعاة التأويل المؤدي إلى تعطيل النص القرآني ، ووقفوا في وجه الروافض ومنكراتهم ونياحهم وبدعهم ، واصطدموا بالأشعرية في معارك كثيرة متعددة ، نصر الله فيها أهل السنة وأعلى قدرهم على أيدي الحنابلة ، مع ما كان يصيبهم في ذلك من البلاء والفتنة .
وكانوا من أشد الناس التزاما بالنص الشرعي لا يتعدونه .
وقد اشتهر عنهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، قال إسحاق بن أحمد العلثي الحنبلي رحمه الله : ” وما زال أصحابنا يجهرون بصريح الحق في كل وقت ولو ضُربوا بالسيوف ، لا يخافون في الله لومة لائم ، ولا يبالون بشناعة مشنع ، ولا كذب كاذب ، ولهم من الاسم العذب الهني ، وتركهم الدنيا وإعراضهم عنها اشتغالاً بالآخرة : ما هو معلوم معروف ” انتهى .
“ذيل طبقات الحنابلة” (ص 269) .
وكانوا ينكرون على الملوك والسلاطين والأمراء ، بل وعلى الخلفاء ، ويكتبون لهم في الأمر يرونه مخالفا للشرع ، ويقومون بالحسبة ، فداروا في الأسواق وأراقوا الخمور وحطموا آلات الطرب ، بحسب تقدير المصلحة والمفسدة في ذلك ، وكانوا مع ذلك كله زهادا فقراء لا يستشرفون إلى مناصب الدنيا .

وقال الحافظ ضياء الدين المقدسي رحمه الله : ” كتب بعضُهم إلى أبي الوفاء بن عقيل يقول له : صِف لي أصحابَ الإمام أحمد على ما عرفت من الإنصاف.
فكتب إليه يقول: هُم قوْم خُشُنٌ ، تقَلّصتْ أخلاقهم عن المخالطة ، وغلظت طباعهم عن المداخلة ، وغلب عليهم الجدّ ، وقلَّ عندهم الهزل ، وغربتْ نفوسهم عن ذل المراءاة ، وفزعوا عن الآراء إلى الروايات ، وتمسكوا بالظاهر تحرّجًا عن التأويل ، وغلبت عليهم الأعمال الصالحة ، فلم يدققوا في العلوم الغامضة ، بل دققوا في الورع ، وأخذوا ما ظهر من العلوم ، وما وراء ذلك قالوا: الله أعلم بما فيها، من خشية باريها ، لم أحفظ على أحد منهم تشبيهًا ، إنما غلبت عليهم الشناعة لإيمانهم بظواهر الآي والأخبار، من غير تأويل ولا إنكار، والله يعلم أنني لا أعتقد في الإسلام طائفة محقة ، خالية من البدع ، سوى من سلك هذا الطريق ” انتهى من “ذيل طبقات الحنابلة” (ص 61) .
وكان أهم ما اتصفوا به التزامهم منهج السلف الصالح في كل شيء ، وخاصة في المسائل الاعتقادية كمسائل الأسماء والصفات ، فيثبتون لله تعالى أسماءه وصفاته من غير تحريف ولا تأويل ولا تعطيل ولا تمثيل .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” وَالْعَجَبُ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْمُتَكَلِّمِينَ إذَا اُحْتُجَّ عَلَيْهِمْ بِمَا فِي الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ مِنْ الصِّفَاتِ قَالَ : قَالَتْ الْحَنَابِلَةُ : إنَّ اللَّهَ : كَذَا وَكَذَا بِمَا فِيهِ تَشْنِيعٌ وَتَرْوِيجٌ لِبَاطِلِهِمْ وَالْحَنَابِلَةُ اقْتَفَوْا أَثَرَ السَّلَفِ وَسَارُوا بِسَيْرِهِمْ وَوَقَفُوا بِوُقُوفِهِمْ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ ” انتهى من “مجموع الفتاوى” (4 /186) .
وكان فيهم من علماء الفقه والحديث والتفسير والعقيدة واللغة أئمة هدى وصلاح ، منهم أبو بكر الأثرم ، وأبو بكر المروزي ، وأبو بكر الخلال ، وأبو بكر عبد العزيز ، وأبو داود السجستاني ، وأبو الحسن التميمي ابن حامد ، وأبو يعلى ، وابن عقيل ، وأبو القاسم الخرقي ، وعبد الغني المقدسي ، وأبو محمد بن قدامة ، وغيرهم كثير لا يحصون كثرة .
وما يقال عنهم من التعصب والتشدد في دين الله غير صحيح ؛ فإنهم لما أرادوا انتهاج منهج السلف والعمل بمقتضى النصوص الشرعية ، وكان في مخالفيهم ميل إلى بعض الأهواء والشهوات ، اتهموهم بذلك بغيا وحسدا .
على أنهم في ذلك كله بشر من البشر ، لهم ما لهم ، وعليهم ما عليهم ، ليسوا بمعصومين .
والواجب على المسلم أن يُجلّ أهل العلم ويعرف لهم فضلهم وشرفهم ؛ لأن العلماء ورثة الأنبياء ، سواء كانوا من المذهب الحنبلي أو غيره من مذاهب أهل السنة ، التي تعمل على نشر السنة وتطبيقها حسب قدراتهم واجتهاداتهم وما أدتهم إليه معرفتهم بالعلوم الشرعية .
ثانيا :
من الكتب التي تتحدث عن تاريخ الحنابلة وتراجمهم ، والتي ننصح بمراجعتها :
– “المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل” للعلامة عبد القادر بن بدران الدمشقي ، وهو من أفضل الكتب في أصول المذهب والتعريف به باختصار .
– “طبقات الحنابلة” لابن أبي يعلى .
– “ذيل طبقات الحنابلة” لابن رجب الحنبلي .
– “سنوات الحنابلة” لعلي بن محمد آل بابطين ، وهو كتاب نافع جدا بخصوص هذا الموضوع
– “سير أعلام النبلاء” للحافظ شمس الدين الذهبي .
– “تاريخ الإسلام” للحافظ شمس الدين الذهبي .
– “البداية والنهاية” للعماد ابن كثير .
والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android