تنزيل
0 / 0

هل يؤجر المسلم على مجرد مرضه ؟ وما هي الأعمال الجليلة الأجر التي يوصى بفعلها ؟

السؤال: 181166

أنا مريض بالقلب والرئة ، وليس هناك أمل في شفائي إلا بأمر الله ، حيث إن عمليات زرع القلب والرئة في حالتي ضعيفة النجاح جدّاً ، أنا راض بقضاء الله والحمد لله طمعاً في ثوابه في الآخرة إن شاء الله تعالى . أريد منكم – يا شيخ – أن تدلوني على كتاب يشرح لي الأعمال البسيطة التي يمكنني أن أفعلها وثوابها عظيم عند الله عز وجل ، مثل " صلاة الضحى " فثوابها عظيم وليس فيها جهد عليَّ ، وقول " سبحان الله وبحمده " ليس فيها جهد وثوابها كبير ؛ إن الأعمال الثقيلة تجهدني وثقيلة عليَّ ولا أستطيع إتمامها ، كما أن فيها من الخطورة على صحتي ما يجعلني أتجنب الكثير منها ، أريد أن أنال ثواب الله عز وجل الكبير ولا أحرم من الخير والجنة . أرجو منك أن ترسل لي اسم كتاب يساعدني على ذلك ، وإلا فأرسل لي 40 حديثاً صحيحاً على الإيميل الخاص بي . أنا لا أستطيع قيام الليل ، فأقوم بأداء ركعات قبل أن أنام ، فهل هذا يكفي ؟ . هل هناك ثواب من الله عز وجل على مرضي هذا ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:
نسأل الله تعالى أن يجمع لك بين الأجر والعافية ، وأن يصبِّرك على ما ابتلاك به ، ونحن نشكر لك هذه الهمة العظيمة في البحث عن الأعمال التي تزيد من حسناتك وتقربك إلى ربِّك تعالى حتى مع مرضك الذي تعاني منه ، فلم يمنعك المرض من القيام بما تستطيعه من طاعات وعبادات لها أجر عظيم تُثقل به الموازين ، وهذه رسالة مهمة نوجهها للمرضى بأن يكونوا على مثل هذه الهمة العظيمة وأن لا تمنعهم أمراضهم عن منافسة الأصحاء في تحصيل الأجور .

ثانياً:
أما بخصوص الثواب على ما ابتلاك الله تعالى من مرض فنقول : اختلف العلماء هل يُكتب الثواب على مجرد ابتلاء الله تعالى لعبده المسلم بالأمراض والمصائب أم يشترط الصبر والاحتساب ؟ والتحقيق في ذلك : أن المصائب كفارات لأهلها ما لم تصدر منهم محرمات كتسخط أو شق ثوب أو نياحة ، وأنها رافعة للدرجات وباب للأجر والثواب إذا صاحبها صبر واحتساب .
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله – : " الأحاديث الصحيحة صريحة في ثبوت الأجر بمجرد حصول المصيبة ، وأما الصبر والرضا فقدْر زائد يمكن أن يثاب عليهما زيادة على ثواب المصيبة ، قال القرافي : " المصائب كفارات جزماً سواء اقترن بها الرضا أم لا ، لكن إن اقترن بها الرضا عظم التكفير وإلا قلَّ " ، كذا قال ، والتحقيق : أن المصيبة كفارة لذنب يوازيها ، وبالرضا يؤجر على ذلك ، فإن لم يكن للمصاب ذنب : عُوض عن ذلك من الثواب بما يوازيه " انتهى من " فتح الباري " ( 10 / 105 ) .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – : " وليَعلم المصاب بأي مصيبة أن هذه المصائب كفارات لما حصل منه من الذنوب ؛ فإنه لا يُصيب المرء المؤمن همٌّ ولا غمٌّ ولا أذى إلا كفَّر الله عنه به حتى الشوكة يُشاكها ، ومع الصبر والاحتساب ينال منزلة الصابرين تلك المنزلة العالية التي قال الله تعالى في أهلها : ( وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ . الَّذِينَ إِذَآ أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّآ إِلَيْهِ رَاجِعونَ ) " انتهى من " مجموع فتاوى الشيخ العثيمين " ( 17 / 61 ) .
وهو ما رجحه الشيخان ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله وذكرا عليه الدلائل الشرعية ، وانظر كلامهما في جواب السؤال رقم ( 150038 ) .

ثالثاً:
اعلم – أخي السائل – أن قيام الليل يبدأ من بعد صلاة العشاء ، وسواء صليتَه في أول الليل أو أوسطه أو آخره فكله من قيام الليل ، وكله فعلَه النبي صلى الله عليه وسلم .
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : " مِنْ كُلِّ اللَّيْلِ قَدْ أَوْتَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ وَأَوْسَطِهِ وَآخِرِهِ ، فَانْتَهَى وِتْرُهُ إِلَى السَّحَرِ " . رواه البخاري ( 951 ) ومسلم ( 745 ) .
عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( مَنْ خَافَ أَنْ لا يَقُومَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيْلِ فَإِنَّ صَلاةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَشْهُودَةٌ وَذَلِكَ أَفْضَلُ ) . رواه مسلم ( 755 ) .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – : " فالإنسان يقوم بما تيسر من الليل في أوله ، أو في أوسطه ، أو في آخره يتهجد يصلي ما تيسر ، يدعو ربه ، يلجأ إليه ، يفزع إليه ، ويسلم من كل ثنتين … .
فالتهجد في أول الليل أو في وسطه أو في آخره كله طيب ، ولكن الأفضل في آخر الليل إذا تيسر ذلك " انتهى من " فتاوى نور على الدرب " ( 10 / 80 ، 81 ) .

رابعاً:
أما بخصوص ما طلبتَه من الدلالة على أعمال يسيرة تقوم بها مع مرضك بما لا يشق عليك ولا يضرك فعله ، ويكون له الأجر الجزيل من الله عز وجل ، فهو يدل على عقل وافر وهمة عالية ، ونسأل الله أن يوفقك لهذه الطاعات الجليلة ، ولا نرى لك – بسبب مرضك – أنسب من الأذكار التي يترتب على قولها أجور عظيمة من رب العالمين .
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ : " يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَيَّ ؛ فَأَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ أَتَشَبَّثُ بِهِ ؟
قَالَ : ( لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ ) " رواه سنن الترمذي (3375) وابن ماجة (3739) وغيرهما ، وصححه الألباني .

مع التنبيه على أنه يمكنك القيام بمهام جليلة – حتى مع مرضك – كالدعوة إلى الله وصلة الرحم من خلال الهاتف وشراء الكتيبات وتوزيعها ، وكذلك ننبهك إلى عظيم الأجر على حُسن الخُلق والذي هو أثقل شيء في الميزان ويبلغ بصاحبه درجة الصائم والقائم ، فلا تجعل من مرضك عائقاً عن القيام بتلك الأعمال بما لا يشق عليك .
وبالنسبة للكتب التي تدلك على ما سألت عنه ، يمكنك أن تطالع كتاب : " الأربعون المنيرة في الأجور الكبيرة على الأعمال اليسيرة" لمؤلفه الدكتور : عيادة بن أيوب الكبيسي ، وهو موجود على هذا الرابط :
http://www.al-mostafa.info/data/arabic/depot2/gap.php?file=018040.pdf

وكتاب : " كيف تطيل عمرك الإنتاجي" ، هو مفيد أيضا في هذا الباب ، وتجده على هذا الرابط: http://www.saaid.net/book/4/740.pdf
وهذا مقال نافع ، جمع فيه كاتبه ما سألتَ عنه تحديداً ونسأل الله أن يوفقك للعمل بما فيه ، وإليك رابطه : http://www.alimam.ws/2789

وانظر جواب السؤال رقم ( 174947 ) .

والله أعلم

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعتم بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android